أخيرا.. انتهي السباق الانتخابي وأنجزنا الاستحقاق الثالث لخارطة الطريق.. ولعل هذا الانجاز يكون نقطة تحول في حياة الوطن والمواطن.. ويكون الاعضاء علي قدر المسئولية التاريخية لهذه المرحلة وما يتوجب عليهم من تحقيقه لمصر المحروسة.. تجربة حقيقية عشناها جميعا في طول البلاد وعرضها حدثت فيها تحولات خطيرة وافرزت خليطا من الوجوه المختلفة في المشارب والافكار والاتجاهات عبر أدوات شابها الكثير من الجدل والاستنكار والاختراقات. وخاض الانتخابات بمرحلتيها أكثر من خمسة آلاف مرشح في 205 دوائر بالنظام الفردي و4 دوائر للانتخابات بنظام القوائم المغلقة وعدد المقاعد المخصصة للنظام الفردي 448 مقعدا اضافة الي 120 مقعدا لنظام القوائم. حول العملية الانتخابية نقرأ : شيماء محمد بكالوريوس زراعة تقول تفاءلنا خيرا بإلزام المرشحين بإجراء الكشف الطبي عليهم.. ولكن حدثت الطامة الكبري فتسرب من هذا الكشف مدمنو المخدرات واصحاب الامراض المزمنة وربنا يستر علي البلد فحسن السمعة لم يعد لها حساب في الانتخابات فعدد ليس بالقليل من المرشحين ليسوا فوق مستوي الشبهات خاضوا الانتخابات!! وانفجر في وجوهنا عدد غفير من رجال الحزب الوطني ورموزه ممن لايعرفون الانتماء فقد تحولوا بقدرة قادر الي انتماءات حزبية اخري بالرغم من دخولهم المجمع الانتخابي للوطني الديمقراطي سابقا وخاضوا الانتخابات تحت مظلته! باعتبار ان المصريين ناس طيبون والذاكرة لديهم متسامحة وتنسي المتحولين.. حتي المثقفين تحول بعضهم بعد ترشحهم علي قائمة حزبية معينة الي قوائم حزبية اخري وخاض الانتخابات بعض المرشحين ممن لهم قضايا قيد التحقيق بل ان احدهم نجح وهو ينفذ حكما بالسجن وهي سابقة خطيرة تحققت علي الخريطة الانتخابية بعد ثورتين.. صحيح ان القضاء تدارك الأمر والغيت النتيجة في هذه الدائرة لكنها اصبحت تاريخا مشوها. .. محمود ناصر مهندس كمبيوتر يتساءل هل يستحق خوض الانتخابات ان يخسر الاشقاء بعضهم أو ان يصل الأمر إلي حد المنافسة والحرب المعلنة. حدث ذلك في الانتخابات وجدنا الاشقاء متنافسين ومختلفين والبنت خرجت عن طوع ابيها ورشحت نفسها منافسة له وهذه حالات فردية لكنها كشفت عن تردي خطير في البيوت وانهيار قيمي يحدق بالمجتمع كله.. اما ابناء العائلة الواحدة فقد تنافس منهم الكثير في دوائر متعددة أي ان الصراع دخل البيوت ليهدمها علي من فيها وضاعت المثل والقيم الانسانية واصبح لاقيمة للدم والأخوة. والمؤسف ان هذه الصراعات الانتخابية العائلية تركت بصماتها القبيحة علي شبكة التواصل الاجتماعي وتبادل الاشقاء وأبناء العائلة الواحدة الشتائم والاتهامات والضرب تحت الحزام وتكسير العظام للنيل من الاخر والتشويه له بكل الطرق تري كم يساوي هذا الهدم بين الأخوة أو أبناء العائلة الواحدة وكيفية علاجه فيما بعد؟ أما المرشحون الذين ظهروا علي الشاشات فحدث ولاحرج سقط الفشله منهم مع اول طلة للمشاهدين فمن ادعي بالكذب تقديم خدمات للدائرة ومن قائل ان الدائرة تحت السيطرة واخرون ادعوا انهم ليل نهار ساهرين علي راحة مواطنيهم وفعلوا الاعاجيب لخدمتهم كل هذه الرسائل استوعبها الناخبون ورددوها عليهم في الصناديق.. لقد رأي الجمهور من هؤلاء ما تجاوز اعاجيب الدنيا السبعة القديمة والحديثة. .. الدكتورة سهير صالح استاذ مساعد الاعلام بكلية التربية النوعية جامعة القاهرة تتساءل من وضع الرموز الانتخابية؟ بالتأكيد هذا الشخص أو المجموعة قرروا السخرية واهانة المرشحين فجاءت الرموز بهذا الشكل من الغرابة منها علي سبيل المثال: الهدهد والصقر والديك والاسد ونقطة المياه وضي القمر والطائرة الهليوكوبتر والطائرة العادية والمسطرة والقلم الرصاص والجاف والنجفة والفراشة وسماعة الطبيب وغيرها. لدرجة ان طالب عدد من المرشحين بتغيير هذه الرموز ولم يسعفهم الوقت وانتهت المعركة الانتخابية وبقيت عقدة الرموز بين المرشحين الذين لم يحالفهم الحظ والناخبين. .. آية حامد مبرمجة كمبيوتر تقول اجتاحت شبكة التواصل الاجتماعي موجة تطالب بمقاطعة الانتخابات ولكن شاركت وهذا حقي ولا انتظر توجيها من احد لتنفيذه أم لا.. وان كانت هذه الحملة قد أثرت في قطاع عريض من الشباب واحجموا عن المشاركة وظهر ذلك بالفعل فيما اعلنته اللجنة العليا للانتخابات من تراجع المشاركة بوجه عام ولكن للاسف حدثت مقاطعة من نوع اخر وذلك نتيجة لفشل وافلاس بعض المرشحين في التواصل مع الناخبين في دوائرهم مما ادي الي احجام ملموس لهذا السبب في كثير من الدوائر خاصة الدوائر الحضرية. .. إبراهيم عبدالسلام محاسب بشركة قطاع خاص يقول نعاني كل عام من ظاهرة الغش الجماعي في بعض المدارس ويحاول المسئولون التصدي لهذه الامراض الاجتماعية اما ان يتحول الامر الي اداة جديدة لمرشحي مجلس النواب ويتفنن معظمهم في كيفية الغش والحصول علي اكبر عدد من الاصوات فهذا متغير غاية في الخطورة علي المجتمع. ففي الوقت الذي حددت فيه اللجنة العليا للانتخابات نصف مليون جنيه سقفا للدعاية لكل مرشح لكن واقع الحال ان المسألة تجاوزت هذا الرقم بعشرات المرات وبلغت الملايين لدي الكثير منهم فبعضهم حصلوا علي تمويل من ابوزنيمة واخرين يدعمهم ابن اللئيمة.. ووصل هذا الامر لابعد قرية! وامام اللجان "وعلي عينك ياتاجر" يقف السماسرة المنتشرون للترويج لمرشحيهم فاقدي الشعبية الذين لم يكلف غالبيتهم نفسه مشقة عقد مؤتمر انتخابي ليقدم فكرة وبرنامجه للناخبين واستغني عن ذلك بالدفع المباشر امام اللجان مئات الجنيهات - منشطات - تراما دول - خطوط موبايل!! وانتخبوا المرشح الشريف.. والرشاوي الانتخابية تجاوزت بكثير شنطة السكر والزيت بتاعة زمان. تري كم احرقت الانتخابات من اموال المرشحين والممولين والجادين المنتمين لتراب هذا الوطن والجميع عينه علي الحصانة واغلبهم لايدركون ان مجلس النواب دوره التشريع.. وللاسف تسلل عدد ليس بالقليل من المخادعين والغشاشين وتحصنوا تحت القبة. ولكن حتما ستأتي نوة المكنسة لتطيح بكل الفسدة والمتسللين لمكان النبلاء والمخلصين. .. كامل إبراهيم محامي يقول ملعونة السياسة حتي وان كانت هي فن الممكن لكن ان تخرج عن طبيعتها ويصدم الجمهور بشجار وعراك عبر وسائل الاعلام وسيل من التراشق بالاتهامات والتلاسن بالخيانة من رموز سياسية معروفة.. من المفترض ان تكون قدوة للجمهور فهذا شئ مخل وأحدث شرخا كبيرا في النفوس وانهارت فيه القدوة ولم يعد هناك حد فاصل بين الخيانة والوطنية خاصة انه لم يخرج علينا احد من أي طرف ويوضح الامر احتراما للناس. .. الدكتور أحمد حجازي استاذ علم الاجتماع بكلية الاداب جامعة دمياط يوضح ان أسماء المرشحين في الانتخابات اكدت الخلل الحادث في بناء المجتمع فقد وجدنا الاشقاء متنافسين والاب وابنته وأبناء العائلة الواحدة والاب وابنه ولكن كل منهما في محافظة ومرحلة مختلفة فهذه المؤشرات تؤكد غياب القيم والمعايير والاعراف وضياع الاحترام واصبح مفيش كبير.. فالي وقت قريب كانت تجتمع العائلات بالقرية او المدينة ويبرم اتفاق علي من يخوض اي انتخابات والجميع يقف خلفه ويدعمه ويقدم العون.. وكان الامر يتبادل بين العائلات بشكل دوري وهكذا تتم الامور بالتراضي بين الناس اما البيت الواحد اخترقته الانانية ولم يعد للدم قيمة بين الاشقاء والاسرة الواحدة والغزو الثقافي المهاجم لنا ضيع كل ما هو انساني لدرجة المنافسة والحرب المعلنة وهذا نذير خطير يهدد المجتمع بالتفكك خاصة في غياب الادوار الاساسية للاب والام في معظم البيوت لذلك علينا الانتباه للصغار كي نلحقهم من هذه الهجمة الشرسة علي قيمنا واعرافنا وترسيخ الاحترام للكبار والحنو علي الصغار وتعزيز كل ما هو ايجابي في بناء الاسرة لانها اللبنة الاولي للمجتمع وعودة لمولد مجلس النواب ما حدث الا فوضي كبري منذ بدء الترشيح وحتي الكشف الطبي لهم وعبور من عليهم علامات استفهام حول سلوكياتهم من مصفاة الكشف الطبي فذاك مرشح جلساته سجلها وامامه الشيشة وما تحتويه. وآخرون ساحاتهم ليست بريئة من الشبهات المفروض ان يكون لدينا قواعد ملزمة للفصل بين الحرية والفوضي وان نضع خطة طويلة المدي لضبط الايقاع المنفلت في كل موقع ويكون ذلك بالتزامن مع علاج الاسرة واعادة بناء وهيكلة المجتمع. ويعلق د. احمد ان الطامة الكبري حدثت بقفز من لايستحق لمكان خطير بحجم مجلس النواب فكيف لهؤلاء ان يكونوا في صدارة المشهد بل ومطلوب منهم التشريع لهذا الوطن!! لابد من غلق حنفية الرشاوي والمحسوبية.. بعدما رأينا العجب أمام اللجان والمزاد فتح وبلغ سعر الصوت الف جنيه وبحسبة بسيطة لاصغر دائرة في مصر واصواتها 20 الف صوت يعني التكلفة علي المرشح وصلت 20 مليون جنيه كيف يعوضها؟! ولو استمر هذا الطوفان مهاجما للمجتمع فلنقل يارحمن يارحيم عليه.