العملية الإرهابية التي نفذها مسلحون في فندق "راديسون بلو" بالعاصمة المالية باماكو تعكس تمدد الإرهاب إلي أماكن جديدة وتؤكد ان خريطة الإرهاب لا حدود ولا دين لها. يري الخبراء ان مالي ليست موقعا جديدا استهدفه الإرهابيون لكنها تحتضن جماعات إرهابية كانت تعمل كخلايا نائمة لتنظيم القاعدة والمرابطين وليست بعيدة عن داعش التي شغلتنا علي مدي الفترة الماضية فهي عملية استكشافية لتشتيت التحالفات التي تشن حربا علي الإرهاب من خلال فتح نقاط جديدة للانتشار حول العالم وكانت افريقيا هذه المرة بعد اوروبا وباريس وآسيا "لبنان" واخيرا في باماكو "افريقيا". اللافت في عملية مالي انها تعود إلي مدرسة السبعينيات في طريقة التنفيذ التي تتمثل في احتجاز الرهائن بالفنادق أو اختطاف طائرات.. وتبني "المرابطون" أو "القاعدة" لعملية مالي يعكس انها تمت كما في باريس ضمن عملية استخبارات عالية التنظيم والاعداد ومحاولة لاثبات وجود للقاعدة التي توارت اخبارها امام منصة "داعش" الإرهابية في العراق وسوريا وليبيا واليمن. ويكشف المتابعون ان العملية وراءها التنظيمات الإرهابية في الصحراء الكبري وتتم من خلال شمال مالي وترفع شعار اطلاق سراح معتقلين في الدولة الافريقية الصغيرة ذات الحدود المفتوحة وهي عملية في نفس الوقت اثبات وجود للتنظيمين المختلفين في وجهات النظر مع تنظيم داعش ليس في مسألة الإرهاب وعملياته لكن في مسألة قيادات هذه الجماعات وليست استراتيجيتها الإرهابية التي تعد قواسم مشتركة بينهم وتعكس ان هناك مجموعة بين المرابطين بقيادة بلمختار "شمال مالي" والتي تضم عناصر من الطوارق وبينهم عرب.. وما تم تسريبه عبر تويتر أو التفريعات من اطراف هذه التنظيمات يؤكد ان هناك تمددا إرهابيا واضحا ما بين عناصر التنظيمات الإرهابية في ليبيا وعملية مالي وان الفرع المغاربي في شمال افريقيا للقاعدة يعود لتنفيذ عمليات إرهابية جديدة تهدد دول شمال افريقيا خاصة تونس والجزائر وموريتانيا المرتبطة بحدود قريبة ومفتوحة علي الصحراء الكبري.. ويؤكد المراقبون انها أيضا رسالة إلي أوروبا وتحديدا فرنسا حيث ان وفدا من الخطوط الفرنسية النشيطة في افريقيا يقيم بالفندق اضافة إلي عناصر تركية مع امريكيين وجنسيات افريقية وأوروبية وآسيوية. والمعروف ان فرنسا منذ اضطرابات 2012 تنشر عددا من عناصرها العسكرية في اطار مكافحة الإرهاب بمالي.. وبعيدا عن ارقام الضحايا وتخليص الرهائن إلا أن العملية الإرهابية في هذا البلد الافريقي الفقير تؤكد ان الإرهاب وجد مسكنا ووجودا ملائما في هذه الدولة مما يستدعي الاعداد الجيد لمؤتمر دولي لمكافحة الإرهاب يضم خبراء من كل دول العالم للعمل علي التصدي لهذه العمليات عسكريا وفكريا وتجفيف منابعه وخلاياه التي تتمدد كالسرطان في كثير من الدول. فرنسا لم تستبعد ان ما حدث في مالي رسالة لها كما لامريكا واستبق الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند النتائج ودعا مواطنيه المتواجدين في أماكن حساسة حول العالم دون ان يحدد اتخاذ الاحتياطات اللازمة مؤكدا ان بلاده ستستخدم كل السبل لحماية ابنائها.. وكانت أيضا رسالة لامريكا حث يحضر اوباما مؤتمرا لرابطة "ابيك" وتابع الأمر مع مستشارته للأمن القومي سوزان رايس.. ووجهت سفارة امريكا في باماكو مواطنيها بالاحتياط والحذر والاقامة في المنازل. وكل ما يخشاه المتابعون ان تتحول مالي لما يشبه الحالة الصومالية الآن وسط تنامي العنف والعمليات المسلحة في الدولة. الرئيس المالي ابراهيم بوبكر كييتا تلقي اتصالات عديدة من قادة العالم خاصة من افريقيا بالمساندة والدعم باعتبار حادث الفندق عملية إرهابية تستدعي الوقوف معها. يذكر ان مصر ترتبط بعلاقات تاريخية مع مالي منذ عام 1960 في عهد الرئيس مودييو كبنا وامتد في عهود ما بعده خاصة موسي تراوي والفا عمر كوناري والرئيس امادو توري وبين الدولتين علاقات كبيرة في التعاون الاقتصادي والأمني ومكافحة الإرهاب والصندوق المصري للتعاون الفني مع افريقيا لديهم خطة واسعة في التعاون المتعدد المجالات مع مالي.