تعامل الغرب مع التفجيرات الإرهابية الأخيرة يحمل قدراً كبيراً من التجاوز في حقوق المسلمين الأوروبيين الذين يصب عليهم المتطرفون الغربيون غضبهم ويحاصرونهم باتهامهم الإرهاب.. ويحملونهم مسئولية دماء الأبرياء الذين سقطوا نتيجة التفجيرات الأخيرة التي حدثت في فرنسا. نتج عن تلك المشاعر الغاضبة من الغربيين غلق عدد من المساجد والمراكز الإسلامية في الغرب.. وتبعها احتراق ما تحويه المساجد من كتب مقدسة في مقدمتها القرآن الكريم والسنة النبوية ومؤلفات التاريخ الإسلامي. علماء الدين والمفكرين طالبوا الغربيين بضبط انفعالهم وعدم الاستجابة لاثارات المشاعر الغاضبة التي يدعمها المتطرفون سعياً للاعتداء علي المسلمين الأوروبيين.. بما يصب في نهاية القضية لصالح التطرف الذي يصطاد تلك العناصر الغاضبة ويوظفها في صالح عمليات إرهابية جديدة. أشار الدكتور أحمد كريمة أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر أن الله تعالي أخبرنا عن حماقات المتعصبين ضد الحق في كل زمان ومكان حيث قال تعالي: "وكذلك جعلنا لكل نبي عدواً شياطين الأنس والجن يوحي بعضهم إلي بعض زخرف القول غروراً". مضيفاً أن الفهم السليم يقضي أن الخطأ لا يعالج بخطأ. وأن المفسدة لا تقابل بالمفسدة الأشد. داعياً إلي تغليب الحكمة في مواجهة الأزمات والعمليات الإرهابية التي يكتوي المسلمون الغربيون بنيرانها باعتبارهم جزءاً من نسيج المجتمع الغربي. لذا فإن التعميم والمؤاخذة لمسلمي الغرب يمثل ابتعاداً عن الموضوعية والواقعية. قال كريمة: تابع العالم ردود الفعل الغربية الغاضبة تجاه المسلمين ومقدساتهم بالحرق وشاهد المسلمون كتاب الله تعالي يتم اشعال النيران به بما يمثل جريمة إرهابية لا تقل في إثمها العمليات الإرهابية التي يبكي لأجلها العالم. كما أنها تستخدم كوقود من جانب المتطرفين الذين يسعون لاستقطاب الغاضبين من المسلمين لتنفيذ المزيد من العمليات الإرهابية المستقبلية. ناشد كريمة دول العالم الاستجابة لدعوة الرئيس السيسي تنظيم مؤتمر دولي يتفق العالم خلاله علي أطر معالجة الإرهاب بعدما خرج من طور المحلية إلي العالمية. براءة الأديان أشار الدكتور أحمد حسين وكيل كلية الدعوة الإسلامية أن الأديان السماوية بريئة من كل تطرف وإرهاب لأنها قائمة علي الأمن والسلام ونبذ العنف وتحريم قتل الأنبياء وترويع الآمنين فهي مؤسسة لعمارة الأرض واصلاح الكون وكل ما يحدث يتنافي مع الهدف الأسمي الذي أرسله الله رسله وأنزل كتبه قال تعالي: ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق وقال: "من أجل ذلك كتبنا علي بني إسرائيل أنه من قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً ومن أحياها فكأنما أحي الناس جميعاً" وما يموج به العالم اليوم من أحداث واضطرابات وقتل للأبرياء وتشريد الآمنين يتنافي مع المبدأ الأساسي الذي جاءت به الأديان. أضاف أن ما تقوم به بعض البلدان التي تقع علي أراضيها العمليات الإرهابية من رد فعل غير محسوب وفيه من التعميم والعشوائية يأتي بنتائج عكسية سلبية فما ذنب المسلمين الآمنين المقيمين في فرنسا وغيرها من الدول الأوروبية وما ذنب أي دين فيما يجنيه السفهاء من اتباعه؟ أضاف الدكتور حامد أبو طالب عميد كلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر الأسبق أن ما يقوم به بعض المتهورين الفرنسيين بحرق المصاحف والهجوم علي المساجد لا يحل المشكلة ويضاعف الاحتقان والغضب ويؤدي إلي رد فعل لا يحمد عقباه ومن هنا نناشد الشعب الفرنسي أعمال العقل ووضع يده في يد المخلصين في العالم والقضاء علي الإرهاب والمتطرفين. أكد الدكتور عبدالصبور فاضل عميد كلية الإعلام بجامعة الأزهر انه توجد أزمة لدي الغرب تجاه المسلمين منذ قرون وهذا لا يخفي علي أحد لكن في العصر الحديث ومع تعدد وسائل الاتصال التي قاربت بين الأمم يجب علي الغرب أن يري المسلمين والدين الإسلامي برؤية عاقلة وحكيمة تعتمد علي المنطق والثواب وليس الانفعال وليس من مصلحة الغرب أن يغزي الشعوب العربية بجرعات من الحقد والكراهية فيجب علي الدول الغربية أن تفرق بين الجماعات المتشددة والتي ليست قاصرة علي المسلمين أو العرب .