عيد الأضحي للبعض مبتغي وأمل ينتظرونه عاما بعد عام ليست للفرحة وحدها وانما لأنه يفتح ابوابا من الرزق ويعده موسما لجني ارباح قد لا يحققونها طوال العام.. وينتظر هؤلاء ذبح الاضاحي والاستفادة من جلود تدر عليهم دخولا كبيرة من التمليح والاحتفاظ بها لمدة اربعين يوما في مخازن قبل ان يذهبوا بها الي المدابغ لتأخذ مراحلها النهائية في الظهور علي هيئة حقيبة أو أحذية أو حتي رسومات ونقوشات يضعونها للزينة في منازلهم.. وبعضهم يشتري امعاء الخرفان ويحتفظون بها في براميل مملحة ليبيعوها بعد ذلك الي المصانع لعمل الخيوط الجراحية.. وهناك عدد كبير من الشباب استغل هذه الطاقة في ابواب الخير فيجمع الجلود لصالح الجمعيات في شوادر كبيرة ليصبح عائدها باب رزق للفقراء والغلابة.. ولم تختلف المرأة من المشهد ابدا وكالعادة حضورها بالرقاق والعيش المرحرح في الاحياء الشعبية ليكتمل معه طعم عيد الاضحي وتنفتح بوابة رزق تسع كل هؤلاء. البداية مع عبد الحميد حسن ويعمل موظفا بشركة الصرف الصحي بالجبل الاصفر ومساعده علي فتحي محمود الطالب بكلية التجارة بالازهر الشريف يقومان خلال عيد الاضحي بذبح الاضاحي لمن يرغب باسعار رمزية نظير أخذ الجلد الذي يقومون ببيعه بعد ذلك وعملهم مستمر حتي اليوم الثالث ليل نهار من اجل توفير الاموال اللازمة لمواجهة ظروف الحياة والعيد عند علي فتحي الطالب الطموح صاحب تقدير جيد جدا علي مدي 4 سنوات فرصة كبيرة له للمساعدة في تحمل مصروفات الكلية ومستلزماتها فهو لا يفوت اي فرصة في الاعياد والمناسبات لبيع اي شئ والربح عنده صنعه يجيدها بعمل يديه. ولم يختلف الحال عند محمود حسانين طالب الهندسه والذي يساعد والده الجزار في ذبح الاضاحي التي ترد اليهم من بعد صلاة العيد وحتي اخر يوم للذبح لا يتوقف عن عمله فهو يعرف جيدا اصول الذبح والسلخ وتقطيع الاضحية حسب رغبة الزبون مؤكدا انه يخرج من ايام العيد برزق وفير هذا غير الاضاحي التي تصل للجمعيات والتي يذبحها دوما بالمجان من اجل الغلابة. اما محمود حكيم عيسي "25 سنة" فأمره مختلف تماما واسرته كلها شباب وشابات العائلة يجتمعون لتجميع جلود الأضاحي من الاهالي والجمعيات الخيرية لتمليح هذه الجلود واعدادها للبيع بالمدابغ.. لم تمنعه وظيفته كممرض شاب باحد المستشفيات من هذه المهنة التي امتدت عبر الجدود فهي سبوبة لكل شباب العائلة والجميع يعشق هذه المهنة وخاصة انها تجمعنا بعيد الاضحي. ويقوم اكرم مفيد "30 سنة" هو الاخر بتمليح الجلود قبل تشليحها بسبب حرارة الجو كما انه يعشق تمليح امعاء الخرفان لبيعها في عيد الاضحي رغم انه شاب في مقتبل عمره يعمل علي عربة نصف نقل الا ان هذه الهواية بالنسبة له عشق قديم لا يستغني عنها ابدا خصوصا ان امعاء الخرفان يتم بيعها للمدابغ للاستفادة منها كخيوط في عمليات الجراحة. ويري مصطفي جلجل ايام العيد بالنسبة له سبوبة لعمل الخير فهو متخصص في الذبح والسلخ فيقوم بذلك لاحدي الجمعيات نظير ان يقدم المضحي جلد الاضحية للجمعية للمشاركة في عمل الخير وهي مساهمة يشعر معها بالفقراء والغلابة وخصوصا ان كثيرا من الناس يعتمدون عليه في وصول الللوم الي الغلابة فيشارك في هذا الامر الكبير فهو لم ينقطع في اي عام عن هذه العادة الجميلة التي تنفع الغلبان. واذا اردت البحث عن ابواب الرزق فعلا فعليك ان تقصد الاحياء الشعبية لتري نورا محمد ابنة كلية التربية التي خرجت لبيع العيش المرحرح والرقاق الذي تقوم امها المكافحة بخبزه للأهالي نظير مبلغ مالي اما نورا فتجهز الرقاق والعيش لبيعها للمواطن الحريص علي تناول لحوم الاضحية بالعيش المرحرح. ولم تنته الحكاية عند هذا الحد بل تستكمل رسالتها بملايين الجلود التي ترد الي المدابغ لتجهيزها بالغسيل وازالة طبقة اللحم ونزع الشعر والضرب بوضعها بالاحماض المناسبة قبل الدبغ وفصل الجلود للاستفادة منها.. وفي المدابغ تجد شباباً دارسين بالكليات هنا يأتون للعمل خلال ايام العيد وما بعدها لتجهيز الجلد والاستفادة منه قابلنا عدد منهم تحدثوا للجمهورية بان عيد الاضحي فرصة كبيرة لنا قبل بداية العام الدراسي نفعل كل شيئ بالجلود حتي ننقلها للمصانع لتقدم للناس الاحذية والحقائب. محمود درويش طالب بكلية الحقوق يتحدث عن مجيئه هنا منذ الاعدادية يعمل بالمدابغ وقد وصل للسنة النهائية بكلية الحقوق جامعة القاهرة فهو يؤكد لنا ان معظم شباب سور مجري العيون وعين الصيرة ومصر القديمة يجدون ملاذهم من المال في العمل هنا خلال ايام العيد وبعدها فهذا باب رزق لا نتركه أبدا فهو يساعدنا قبل بدء الدراسة. وتحدث الينا ياسر العناني "32 سنة" صاحب احد مصانع الدباغة بان هناك شباباً كثيراً يأتي للعمل هنا خلال ايام العيد فهذا موسم بالنسبة لهم ونحن لا نصد احدا يبحث عن رزقه لأننا شباب مثلهم نعرف انهم يريدون الاعتماد علي انفسهم في هذا الزمن الصعب لكن ما يزعجه في الاضاحي هو قيام بعض المواطنين بالذبح بأنفسهم او قيام اشخاص غير مؤهلين للذبح والسلخ بهذه المهمة مما يتسبب في حدوث تمزقات او قطع في فروة الخروف او جلد الاضحية يؤدي الي تلفها وعدم صلاحية الجلد للاستخدام ويغلق الابواب الكثيرة التي لا تخطر علي بال أحد للاستفادة من الجلود تلبية لمتطلبات المعيشة ليكون العيد أعيادا.