لأول مرة تتعاون الحكومة مع المنابر الإعلامية والثقافية وصُنَّاع الدراما لإنتاج وتطوير الأعمال الدرامية المناهضة للإدمان والتدخين وتعيد الثقة في الشبان والنشء وتعلي القيمة الإيجابية في المجتمع المصري وتعالج الواقع المرير وتقضي علي المحرقة الدرامية التي ضاعفت القُبح في حياة المصريين ومنحت الصلاحية للألفاظ المتدنية لتكون اللغة السائدة مجتمعياً..وفي إطار تلك الجهود أقام المركز الكاثوليكي المصري للسينما حفلاً لتوزيع جوائز المهرجان الأول للأعمال الدرامية المناهضة لمشكلة التدخين والإدمان والذي عُرض في رمضان الماضي. بدأت فعاليات المهرجان بندوة مع أبطال مسلسل "تحت السيطرة" أدارها الدكتور سمير عبدالعزيز عميد كلية إعلام جامعة القاهرة والذي وصف مسلسلات رمضان ب "المحرقة الدرامية" التي تمتد لساعات طويلة وينفق عليها أموالاً طائلة ولا تضيف تلك الأعمال أي قيم إيجابية في حياة المصريين ولم تعالج واقعهم المرير. أوضح عبدالعزيز أن مسلسل "تحت السيطرة" استطاع أن يجذب اهتمام ومتابعة نسبة كبيرة من المشاهدين بعد أن توافرت له أغلب مقومات النجاح من دراسة متعمقة لتفاصيل شخصية من يقع في براثن الإدمان والاجتهاد في الكتابة والإنتاج حتي نال إحترام أغلب الشعب المصري وكان بمثابة جرس إنذار في كل بيت حتي يحمي أبناءه من الوقوع في هاوية الإدمان. أشارت مريم ناعوم الكاتبة الصحفية إلي أن الفكرة كانت للمنتج جمال العدل عام 2010 وطوال هذه الفترة كنا نحاول الوصول إلي أدق التفاصيل العلمية والمعاناة الطويلة التي يمر بها المدمن بالتعاون مع طبيب نفسي وعدد كبير من المتعاقدين الحقيقيين ثم بعد ذلك جاءت مرحلة الكتابة..أضافت الفنانة نيللي كريم بطلة المسلسل أنه من خلال التعامل مع مجموعة كبيرة من المتعافين والتعرف علي تفاصيل معاناتهم استنتجنا حقيقة مؤكدة وهي أنهم أُناس في غاية الضعف وفي أشد الحاجة لمساعدة الأهل والأصدقاء. أشارت الفنانة الشابة جميلة عوض إلي أن وقوع الشاب أو الفتاة في براثن الإدمان ليس بسبب تقصير الآباء في متابعة أبنائهم ولكن بسبب بُعد المسافة في التفكير وأسلوب إدارة الحوار فيجب أن تتوافر علاقة الصداقة فيما بينهم لتتمكن الأسرة من احتواء أبنائها. عبَّر الفنان ماجد الكدواني عن سعادته البالغة بالمشاركة بمشهد واحد في هذا العمل الدرامي الذي حقق نجاحاً بارزاً وجذب عدداً كبيراً من المشاهدين في ظل الزُخم الدرامي في رمضان مؤكداً أهمية الرسالة التي يقدمها الفنان والذي سيحاسبه الله عليها وشبهه بقائد الحافلة المسئول عن أرواح ركابها فالفن ليس للامتاع فقط بل للإفادة أيضاً وقد حاول من خلال المشهد الوحيد الذي قدمه أن يبعث برسالة تأكيد علي أهمية المنطقة الإيمانية كعامل مساعد علي الشفاء. أما المخرج تامر محسن فقد تقدم بالشكر لوزارة التضامن التي كرَّمت العمل تأكيداً لنجاحه في تقديم رسالة بعيدة عن المدرسة الكلاسيكية التي تعتمد علي الحجب والمنع ففي ظل الإنترنت والتكنولوجيا لا توجد معلومة لا يمكن الوصول إليها لذا كان يجب مخاطبة الشباب بصورة تناسبهم مع محاولة التأثير في منطقة اللاوعي والارتباط الشرطي بين الإدمان وتوابعه. في حين اعتبر الدكتور محمد دياب الطبيب النفسي أن هذا العمل أجدر ما قدم من أعمال رمضانية وقد نقل الأطباء النفسيين من قمة جبل الثلج إلي القاع ليشرح المعاناة النفسية والإحساس الذي يتعرض لها المتعافي دون أن يستطيع نقلها للطبيب المعالج بينما أخذ عليه التركيز علي مجموعات الدعم والتي تمثل ثلث البرنامج العلاجي في حين تم إغفال دور الطبيب النفسي كعامل أساسي في حلقة العلاج. أشادت د.غادة والي وزير التضامن الاجتماعي بدور الفنان محمد صبحي في اقتراح فكرة رصد الأعمال الفنية وتكريم أكثرها تعرضاً للقضايا الشائكة بشكل إيجابي خاصة أن الفن ينقل الواقع الصحيح ويعبر عنه ويؤثر فيه كما يشحذ الهمم ليصنع التغيير وعلي الفنان مسئولية كبيرة فأعماله تظل باقية تؤثر في الأجيال المتعاقبة حتي بعد مماته. كما أشادت بالجهد المبذول من المرصد الإعلامي واللجنة القائمة علي متابعة المسلسلات الرمضانية وأفلام العيد وتحليل جميع المشاهد التي تحتوي علي التدخين أو تعاطي المخدرات وتأثيرها موضحة أن اختيار مسلسل "تحت السيطرة" جاء كأفضل تلك الأعمال لعدة أسباب أهمها الاتفاق مع شعار الحملة "اختر حياتك" والتأكيد علي قيم افتقدها المجتمع مثل الاجتهاد والاتقان مضيفة إلي التركيز علي معاناة المدمن المتعافي دون التفريق بين الغني والفقير أو الرجل والمرأة حيث ناقش القضية في كل الطبقات وأظهر أن هذه الظاهرة سبب رئيسي وراء معظم جرائم العنف والتحرش وزنا المحارم..أكدت والي أن هذا العمل كان صوت الوزارة والمجتمع وقد شهد الخط الساخن 16023 لعلاج الإدمان 55000 اتصال يطلب المساعدة في العلاج بعد عرض المسلسل كما تحرص وزارة التضامن علي التوسع في مراكز العلاج في المحافظات حيث تم افتتاح مركزين في الفيوم وأسيوط بخلاف 17 مركزاً في تسع محافظات كذلك تخصيص وحدات علاجية بالتعاون مع القوات المسلحة في بعض المستشفيات التابعة لها. بالإضافة إلي الحملات المستمرة لكشف القيادة تحت تأثير المخدر خاصة بين سائقي المدارس والنقل الثقيل إلي جانب التعاون مع وزارة التربية والتعليم للعمل علي محتوي المناهج التعليمية لتعريف الطلبة بمخاطر التدخين والإدمان والتوعية بكيفية تجنبها. أبدي الفنان محمد صبحي سفير النوايا الحسنة سعادته بالعمل الدرامي رغم أن الفكرة مستهلكة ولكن أعيد صياغتها من منظور آخر لم يتطرق له من قبل في إطار منظومة محكمة من فريق العمل ليخرج للنور عرض قوي محترم أحدث رعباً للمشاهدين من القضية وتبعات الإدمان مؤكداً أن الفنانين ليسوا قوي ناعمة كما يطلق عليهم بل قوي تنويرية.