في الثلث الأخير من شهر رمضان يبدأ الناس في الاعداد لعيد الفطر وإبراز مظاهر هذه الاستعدادات "كعك العيد" ويروي ان عادة صنع الكعك ترجع إلي مصر الفرعونية حيث كانوا يصنعون مع الموتي داخل المقابر وكانوا ينقشون علي الكعك رسم الشمس "آتون" التي عبدوها لزمن طويل علماً بأن القاهرة الإسلامية قد عرفت فكرة القوالب. أما في الاعياد فكانوا يشكلون الكعك علي هيئة عرائس ومازال هذا التقليد متبعاً في بعض قري وريف مصر حيث تصنع الأم عدداً من العرائس بعدد أطفالها.. كذلك تحرص الأمهات خاصة في الاحياء الشعبية علي ان يرسلن لبناتهن المتزوجات حديثا في ليلة أول عيد عقب عرسهن بسلة أو صينية كبيرة مملوءة بالكعك يطلق عليها "الزيارة" أو "عيدية الكعك" وفي طلعة العيد تحرص المصريات خاصة في الريف وصعيد مصر علي تقديم كعك علي هيئة حلقات مغطاة بالسكر ليوزع علي الفقراء بالمقابر ففي معتقداتهن المتوارثة ان "ملاك الرحمة" يقوم بتعليقها من منتصفها في أحد فروع شجرة الحسنات. عادة وتعود: وهكذا استمر طبق الكعك هدية يتبادلها المسلمون صبيحة يوم عيد الفطر وأهدوه للفقراء والمحتاجين وهناك طبق خاص بالمسحراتي الذي يقوم بتنبيه الصائمين قبل الفجر لتناول طعام السحور. وأصبح العيد والكعك مترادفين لا يصلح أحدهما دون الآخر أو يأتي بدونه وأصبح الحرمان من الكعك في العيد أمراً قاسياً حتي ان الشاعر المصري "محمد بن سعيد البوصيري" يشكو للوزير المملوكي افتقاره إلي مستلزمات الكعك قائلا: وأقبل العيد وما عندهم قمح ولا خبز ولا فطيرة ترحمهم إن أبصروا كعكة في يد طفل أو رأوا تمرة العيدية: وتنتسب العيدية إلي العيد وعن اصل العيدية.. فهي لفظ اصطلاحي اطلقه الناس علي كل ما كانت توزعه الدولة أو الأوقاف من نقود علي موسمي "عيد الفطر وعيد الأضحي" كتوسعة علي أرباب الوظائف وكانت هذه العيدية تعرف "بالرسوم" في اضابير الدواوين ويطلق عليها التوسعة في وثائق الوقف. وقد حرص الفاطميون علي توزيع العيدية مع كسوة العيد خارجا عما كان يوزع علي الفقهاء وقراء القرآن الكريم بمناسبة ختم القرآن ليلة الفطر من الدراهم الفضة. وعندما كان الرعية يذهبون إلي قصر الخليفة صباح يوم العيد للتهنئة وكان الخليفة ينثر عليهم الدراهم والدنانير الذهبية من منظرته بأعلي أحد أبواب قصر الخلافة وقد اخذت "العيدية" الشكل الرسمي في العصر المملوكي واطلقوا عليها "الجامكية" وكانت تقدم "العيدية" علي شكل طبق تتوسطة الدنانير الذهبية ويحيط به الكعك والحلوي وتقدم العيدية من السلطان إلي الأمراء وكبار رجال الجيش وتقدر العيدية حسب الرتبة التي تقدم لها. عيد الحلل: اطلق الفاطميون اسم "عيد الحلل" علي عيد الفطر المبارك حيث كانوا يتولون كساء الشعب.. وخصصوا لذلك 16 ألف دينار لتقديم الكساء للشعب في عيد الفطر المبارك وذلك في عام 515 ه أما بالنسبة للكعك فقد تم تخصيص عشرين ألف دينار وتم انشاء دار حكومية في العصر الفاطمي تحت مسمي "دار الفطرة" التي كانت تعمل منذ شهر رجب حتي النصف من رمضان وتستخدم مقادير هائلة من الدقيق والعسل والفستق المقشور والبندق ويعمل الكعك أكثر من مائة عامل. تلك هي مظاهر الاحتفال بعيد الفطر المبارك في مصر منذ الفتح الإسلامي ومازال الاحتفال بالعيد إلي يومنا هذا بنفس المظهر.