في كثير من الأحيان ما تمر العواصف والزوابع داخل الحياة الزوجية. وفي عديد من المرات ما يغضب الزوج أو الزوجة من بعضهما البعض بدعوي أن كلا منهما لا يفهم الآخر أو لا يحافظ علي مشاعر الطرف الثاني. وهذه الحوادث بالطبع غالباً ما تستمر لفترات قصيرة ثم تعود المياه إلي مجاريها مرة ثانية. ولكن ما يشعر به الطرفان بعد فترة من الزمن أن تكرار هذه المشاكل المستمرة يحدث قدراً من التراكم للمشاعر السلبية. والذي قد يؤدي في المستقبل إلي حدوث شرخ في العلاقة بينهما وشيئاً فشيئاً يشعر كل منهما أنه يبتعد عن الآخر ويفقد قدراً من المشاعر الإيجابية التي كان يشعر بها تجاه زوجه إلي أن يصل الحال بالبعض منهما إلي درجة من النفور في العلاقة بينهما وهذا بالطبع لا يحدث في أسابيع أو شهور ولكنه يحتاج إلي سنين كثيرة حتي يصل الاختلاف إلي التنافر والفراق النفسي والعاطفي. ومن الملاحظ أن من أهم الأسباب التي تؤدي إلي هذه الحالة من الابتعاد والنفور أن كلا الطرفين يبين للآخر تمثالاً في خياله يصور فيه شريك حياته علي أنه يتمتع بصفات يراها هو في خياله ولكنها قد تكون بعيدة عن الواقع ويظل يتمسك بالصفات التي يتخيلها دون محاولة منه لأن يعد من هذه الصورة لكي تطابق الواقع. ولذا فإنه منذ بداية الحياة نراه يكافح مع الطرف الآخر لكي يعدل أو يبدل من صفاته الحقيقية لكي يتطابق مع صفاته التي يحلم هو بها. ويستمر الكفاح والضغط وتستمر المعاناة والمقاومة من الطرف الآخر.. وللأسف الشديد ومما يزيد الطين بله أحياناً أن أحداً منهما أو كلاهما لا يحب أن يصرح بهذه المشاعر والتصرفات. وإنما هو يكتم في نفسه ويكظم غيظه أو يخرجه ولكن بطرق قد لا تكون معبرة تماماً عما يريد. وبالتالي ومع الأيام يبدأ كل منهم في محاولة إيذاء مشاعر الطرف الثاني ظناً منه أنه يتعمد الإساءة إليه وهكذا تدور بهما الدوامة ويتحركان في حلقة مفرغة من المشاكل التي ترسب ألماً. والذي بدوره يخلق مزيداً من سوء الفهم وسوء المعاملة وهكذا تتعمق بينهما الخلافات حتي إنها قد تنتهي بالبعض إلي الطلاق الواقعي مع انفصال حقيقي لعلاقة الزوجية أو تنتهي بآخرين إلي الانفصال الواقعي حيث يعيش بعض الأزواج والزوجات في منزل واحد ولكن كلا منهما له حجرته الخاصة وأموره التي لا يجب أن يطلع الآخر عليها بل إننا نري في بعض هذه الزيجات أن الحال قد يصل بهما إلي عدم الحديث بينهما بشكل كامل وكأن كلا منهما يعيش حياته الخاصة في وجود أطراف العائلة الآخرين. وهذا بالطبع قد يكون له إثارة التذمرية علي باقي أفراد الأسرة. حيث إنه يعطي نموذجاً سيئاً للأبناء عن طبيعة العلاقة الزوجية المستقبلية لهم - وبالتالي فإن النصيحة التي نسوقها في هذا المجال بهؤلاء الأزواج هي أن عليهم أن يتقبل كل منهم الآخر بمميزاته وعيوبه وعلي كل طرف أن يحاول أن يري زوجه أو زوجته كما يود الطرف الآخر أن يظهر نفسه كما يتمني هو.