* حين تري خفافيش الظلام يرتدي كل منهم ردائاً أسود مثل الغواصين ويخفي وجهه خوفاً من افتضاحه ويقود كل خفاش أسود شابا أقصر منه قامة بتعمد مرسوم يرتدي زياً برتقالياً ومقيد اليد إلي الخلف. ويسير طابور الخفافيش وأسراهم علي شاطئ البحر بترتيب من قام باخراج هذه العملية القذرة لقتل المصريين وكأنها فيلم سينمائي وصراع بين الأشرار والأخيار. بالفعل هناك من يخرج أفلام "داعش" ليجعله أكثر التنظيمات شهرة علي مواقع التواصل الإعلامي. سواء قنوات التليفزيون وبرامجه ونشراته أو المواقع الالكترونية. ومن الواضح كما أوردت جريدة الصباح في عددها الأخير أن هذه الجماعة الإرهابية تركز كثيراً علي نشر الرعب منها من خلال استخدام فنون السينما وتقنياتها الجديدة إضافة إلي مؤسسات مخصصة لنشر المطبوعات المعبرة عن فكرها "الإرهابي". ثمانية مؤسسات للإعلام أحصاها تقرير الجريدة منها أربعة للمطبوعات وأربعة لأنتاج الأفلام والكليبات من خلال فريق عمل محتروف. أوروبي وكاميرات حديثة من أجل أن يقدموا للعالم أفلام "قطع الرؤوس" أو "الحرق" باسم الدين كما حدث مع الطيار الأردني في استعادة للعصور الوسطي حين كان المتطرفون باسم المسيحية يحرقون الآخرين قبل النهضة الأوروبية التي فصلت الدين عن شئون الدولة والسياسة. هذا الفيلم المثير ببنائه وألوانه. والبشع لتقديمه خفافيش سودا طوالا يخفون معالمهم "إلا واحد يرتدي لوناً آخر ويهددنا بسيف ويتحدث بالانجليزية" وتترجم كلماته علي أسفل الشريط بما يعني ذبح هؤلاء الشباب الممتلئين بالصمت والكبرياء لأنهم مسيحيون من أبناء الكنيسة المصرية. كذابون حتي النخاع. فالقتل من أجل الهوية المصرية وليس لأنهم مسيحيون فقط ففي ليبيا مسيحيون من بلاد أخري غير مصر. ولو لم يجدوا مسيحيين مصريين سوف يتجهون إلي المسلمين المصريين فقد فعلوا هذا مع الطيار الأردني. فالهدف هو مصر. والهدف هو القاء الرعب المرئي والمادي.. ومن المؤكد أن من يفعل هذا في بلد كان حتي وقت قريب شقيقا اعتبرناه مستودعا للعمالة المصرية يعرف جيداً أي تأثير لعمليته القذرة باغتيال 21 مصرياً. ولكن. ألم تكن هناك مقدمات لهذا؟ ألم يتم اختطاف مصريين في الفترات القليلة السابقة منهم طبيب وزوجته وابنته قُتلوا في الشهر الماضي وعدد كبير من الصيادين المصريين أودعوا السجون هناك لمجرد اقترابهم من المياه الليبية إلي جانب هؤلاء الهاربين إلي أوروبا عبر رحلات البحار للبحث عن عمل وكلهم شباب.. مؤشرات عديدة سابقة إضافة إلي ما ينشر يومياً عبر كل وسائل الإعلام عن الأوضاع في ليبيا وعن صراع الميليشيات هناك وقتالها لبعضها البعض برغم أسمائها المختلفة. ثم أفلام عن انتخابات يتم تفويها ومجلس أمة ليبي يتم افشاله وقيادات يطاح بها ومن وراء كل هذا يظل تنظيم الإخوان المسلمين معلناً وجوده.. والسؤال الآن هو هل استطاع الإعلام المصري تحصيننا كمشاهدين بقدر وافر من المعلومات عما يحدث في ليبيا؟ وهل استطاعت الخارجية المصرية أيضاً تقديم هذا الدعم للكثير من المواطنين المصريين لهم أبناء وآباء وأقارب في ليبيا؟ وهل لا يفرق معنا مليون مصري أو أكثر داخل حدود قريبة منا؟ لا معلومات هنا وهناك * لقد أثبتت أزمة شهداء مصر بيد الإرهاب في ليبيا افتقادنا للمعلومات عن أوضاع المصريين. خارج مصر. وداخلها أيضاً. فإذا كان عدد المصريين في ليبيا غير محدد حتي الآن فمتي يصبح معروفاً للخارجية. وللإعلام. ولكل مصري مهتم.. بل إنه ليس العدد الكلي فقط ولكن قنوات التليفزيون وكل الأجهزة التي رأت الفيلم البشع لإعدام 21 مصرياً لم تقدم كشفاً بأسمائهم كاملة حتي واعتمدت فقط علي تعرف أقارب البعض منهم علي شقيقه أو أبيه. مع أن الفيلم حرص صناعة القتلة علي تقديم وجوه المصريين الشهداء.. وبرغم أن الرد القوي للدولة المصرية والرئيس السيسي سواء من خلال الضربات الجوية أو العزاء وتقديم الدلائل عن اهتمام الوطن بأبنائه. جاءت تغطيات الإعلام المرئي للحدث محبطة مع الامكانيات الكبيرة التي تمتلكها الشبكات التليفزيونية المصرية الخاصة وقدرتها علي انشاء غرفة لصناعة الإعلام الخاص. وأيضاً بيانات العزاء الصادرة من الغرفة في شهداء مصر.. لكن هذا كله لا يعوض عجز كل القنوات عن الوصول لأهالي 21 ضحية يتجمعون في قرية أو قريتين بمحافظة المنيا. ولا يعوض عجز تقديم صورهم ومعلومات بسيطة عنهم كما جرت العادة في الأحداث السابقة. ولا يعوض الفشل في تقديم تحقيق حقيقي واحد عن الأوضاع في القرية التي جاء منها أغلب الشهداء. وقبل هذا الحدث. لم يقدم الإعلام المرئي تحقيقا استثنائيا واحدا عن قري الصعيد الطاردة لشبابها. أو قري الدلتا التي يذهب أبناؤها إلي البحث عن عمل بقوارب الموت.. لقد قال عدد من أقارب هؤلاء الذين قتلهم الإرهاب إنهم يعولون أسراً وأن لقمة العيش في بلدهم سراب وهو ما يعني الاحتياج إلي تكاتف حقيقي لمؤسسات الدولة في مصر للافراج عن المعلومات التي لا نعرفها عن أنفسنا وعن بلادنا فلا يكفي أن نتلقي خططا وتصريحات المسئولين عن التنمية بدون إدراك أبعادها من خلال معلومات متاحة للجميع وأولهم الإعلاميون أنفسهم. ولا يكفي أن نتلقي خطط وتصريحات المسئولين عن التنمية بدون إدراك أبعادها من خلال معلومات متاحة للجميع وأولهم الإعلاميون أنفسهم. ولا يكفي أن تعلن هذه القناة أو تلك بأنها القناة الأولي في مصر. أو أنها علي قمة المشاهدة. فبأي حق تعلن هذا وهي لا تستطيع تقديم تحقيق عن أي حدث في الصعيد أو الدلتا. بل إن مستوي مراسليها في القاهرة يحتاج إلي التوقف عنده. سوف تتجاوزنا الأحداث المتتالية لأننا لا نؤمن بالمعرفة وليس لدينا قانون اجباري للحصول علي المعلومات وبرغم كل الأخطار المحيطة بمصر وبالمصريين وما حدث ويحدث كل يوم من الإرهابيين فإن نظرية الانتظار وتصدير رد الفعل مازالت سيدة الموقف الحكومي. والإعلامي.