معرض الكتاب تظاهرة ثقافية وفنية وإبداعية ألفها المصريون . وهو الحدث الذي يضح كل عام الدماء الطازجة في عروق الثقافة المصرية . ويدفعها دفعا إلي مواصلة الحياة والوجود وهو موسم تواصل وتلاقي بين رموز الفكر والفن والثقافة والإعلام وبين عشاقهم ومتابعيهم وقرائهم . ولعله هذا العام وفي دورته ال46 يكتسب أهمية كبري تنبع من افتتاحه واستمراره في مناخ يسوده إلإرهاب منذ فترة طويلة ونجاح المعرض هو نوع من أنواع المقاومة التي لا غني عنها.. وعن دورة هذا العام تقول د. رشا غانم أستاذة النقد الأدبي بالجامعة الأمريكية يأتي معرض القاهرة الدولي للكتاب ال46 تحت شعار الثقافة والتجديد ليؤكد لنا أن ثمة تغييراً حدث في مصر المحروسة تلاحظه عند زيارتك للمعرض من بداية مرورك علي الصالات سيبهرك الإقبال الكبير علي الشراء وليس الزيارة فقط . وستشاهد كل الأعمار كل منهم يتمتع بالتجوال داخل المعرض إلي جانب الفعاليات الكثيرة من ندوات. وأمسيات شعرية. ومقاه ثقافية.. كما أن دور النشر الكثيرة المشاركة تحتفي بتوقيع كتب مؤلفيها ومناقشتها في جو يسوده الحب والدفء بالرغم من برودة الطقس بالخارج. وأسعدني التنظيم الذي ظهر عليه المعرض هذا العام. والمجهود الكبير الذي بذله رجال الأمن لتأمين كل شبر هناك. وشهد المعرض ازدحاما شديدا من الجمهور ولكن لا يعوقك أي شيء. فكل ركن مرتب تستطيع أن تسير بكل أريحية مما يحفزك للذهاب للمعرض كل يوم. ويروق لك التغطيات الإعلامية للمعرض لحظة بلحظة بالإضافة إلي شبكات الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي فيس بوك وتويتر وغيرهما .فهنيئا لشعب مصر بهذا العرس الثقافي الضخم الذي تشهده قاهرة المعز هذه الأيام من "28 يناير -12فبراير 2015".. وقد كان اختيار دولة السعودية الشقيقة كضيف شرف من 24 دولة مشاركة اختيار موفق فهي دولة صاحبة طراز ثقافي خاص. يجمعها بمصر أواصر الحب والإخوة والتعاون الثقافي المشترك. فيما يقول الكاتب إبراهيم عادل : مبدئيًا يكون من الصعب الحكم أو التعليق علي المعرض من زيارة أو زيارتين. أو من الأسبوع الأول. ولكن المَلاحظ هذا العام بشدة هو المفاجآت في تغيير أماكن الندوات. حيث فوجئ رواد المعرض أنه تم وضع أكثرها في مبني واحد هو المكتوب عليه "صندوق التنمية الثقافية" قاعة واحدة كبيرة تم تقسيمها إلي عدد من الأجزاء لتحتوي كل أو أكثر ندوات المعرض وربما لحسن الحظ أن حضور هذه الندوات كلها يكون قليلاً. ولكن هل فكَّر المنظمون ماذا لو امتلأت قاعتين منهما مثلاً؟!! كيف سيتم استيعاب الناس عندئذي؟!! لازالت طبعًا هناك مشكلة كبيرة متمثلة في عدم القدرة علي احتواء الزحام. مما يوقع البوابات في أزمة كل عام!! لماذا لا يكون هناك أكثر من بابين للدخول؟ ويضيف عادل: معرض بهذه المساحة الكبيرة صدق أو لا تصدق هناك خيمة لإصدارات الهيئة العامة لقصور الثقافة والهيئة العامة للكتاب تحت اسم "سور الأزبكية" ربما لن يلاحظها رواد المعرض أبدًا.. لأنها في أبعد وأغرب مكان!!! ومن جانبه قال الروائي والكاتب الصحفي وجدي الكومي : للمعرض أهمية كبيرة جدا عند كثيرين ليس فقط الناشرين أو المؤلفين وإنما أيضا حراس المرمي في دور النشر وهم: المصححون والمراجعون . عمال المطابع . أصحاب المطابع..عتالو المطابع . السكيوريتي علي كل الأبواب.. أبواب هيئة الكتاب.. أبواب المطابع.. أبواب دور النشر..مضيفا ناس كتيرة شغلها وبيوتها وأرزاقها متعلقة بمعرض الكتاب لافتا أن هناك الكثير من الشباب يعملون مناديب ويقفون في شارع المعرض محاولين جذب الناس لشراء لاب توب أو قاموس أو حتي بلاي ستيشن. فالمعرض بوابة عمل ورزق لطوائف أخري فضلا عن المؤلفين والكتاب وخاصة الشباب الذي يحتفل بأول أعماله المنشورة في تلك الدورة. فهؤلاء اجتهدوا لينتجوا كتابا أي كان نوعه شعر أو رواية أو غيرهما. وأضاف للمعرض أيضا هذا العام أهمية كبري في مواجهة الإرهاب الأسود. فالثقافة والتنوير هما أقوي واهم سلاح ضد الهجمات الظلامية التي تعمل للقضاء علي رونق مصر وفنونها وإبداعها ورسالة المعرض رسالة تحد واضح وافتتاحه واستمراره بفعالياته المختلفة في تلك الظروف دلالة كبيرة علي المقاومة بالفن والثقافة والإبداع. أضاف الناقد والمبدع د. شوكت المصري أن معرض هذا العام مختلف علي مستويات عِدَّة. فهو بدايةً يأتي مؤكدا علي قدرة مصر وشعبها علي إقامة فعالية ثقافية هي الأكبر والأقدم في الشرق الأوسط رغم التحديات الأمنية التي تهدد مثل هذه الفعاليات. وثانياً اختيار المحور الرئيسي للمعرض وعنوانه ¢الثقافة والتجديد¢هو رسالة مؤثرة وذات دلالة إذا ما وازاها اختيار شخصية رائدة في التنوير كالإمام محمد عبده ليصبح بفكره ونموذجه شخصيةً لمعرض هذا العام في دورته السادسة والأربعين في ظل الأحداث الدائرة علي الساحة العربية والإسلامية وظهور وتوحش الجماعات المتأسلمة وأبرزها داعش والحوثيون وهيمنتهم علي المشهد العربي اليومي. أما علي المستوي الشخصي فأنا أشرف بكتابي ¢تجليات السرد في الشعر العربي الحديث¢ الذي يوجد بقائمة إصدارات الهيئة المصرية العامة للكتاب. وهو دراسة نقدية متأنية تناولت فيها شعر ¢أمل دنقل¢ و¢محمد عفيفي مطر¢ و¢صلاح عبدالصبور¢ و¢حجازي¢ بالتحليل وفقا لمقولات النظرية السردية في تجريب نقدي أظنه جديداً علي المكتبة النقدية العربية. وأتمني أن ينال رضا القراء والدارسين وأن يكون علي قدر وجوده في دورة هذا العام بالمعرض.