ما نود أن نؤكد عليه أن الغالبية العظمي من سكان مصر يعيشون في الأراضي الصالحة للزراعة علي ضفتي وادي النيل والدلتا منذ مئات السنين والتي تبلغ مساحتها 4% من مساحة مصر الكلية والباقي 96% صحاري ممتدة شرق وغرب وادي النيل ومساحة مصر الزراعية تقدر بنحو 6.8 مليون فدان لكن المثير للدهشة والاستغراب أن الإدارة المركزية لحماية الأراضي التابعة لوزارة الزراعة أعدت تقريراً كشف عن حالات تعديات صارخة علي الرقعة الزراعية منذ أحداث الخامس والعشرين من يناير 2011 وحتي أواخر نوفمبر من العام الجاري بلغ مليونين و230 ألف حالة باجمالي مساحة 53 ألفاً و688 فداناً وكلها تعديات تارة بالبناء وأخري بالتبوير وثالثة بالتشوين والتجريف لأجود وأخصب أنواع الأراضي الزراعية وتركزت في محافظاتالمنوفية والبحيرة والغربية والقليوبية والشرقية والدقهلية وكلها بالدلتا.. يمكن القول إن هذه التعديات اعتداء علي ثروة أبنائنا من الأجيال الجديدة القادمة وجريمة بشعة ترتكب في حقهم وهي التي ستدفع ثمنها غالياً نتيجة تقاعس وإهمال مسئولي حماية الأراضي بالجمعيات الزراعية وتراخي وتسيب وفساد موظفي المحليات وغياب المسئولين وأجهزة الأمن عن القيام بأدوارهم.. تناسي المعتدون علي الأراضي الزراعية بالمباني السكنية والتجارية والصناعية وتحويلها إلي كتل خرسانية أن أرضنا الزراعية كنز اقتصادي كبير وهي عرضنا وسترنا ومورد رزقنا وأمننا الغذائي والحفاظ عليها يعني الحفاظ علي منابع الخير والنماء والرخاء أما إهمالها وإهدارها فيعني البوار والجدب والحرمان وتحكم الآخرين في طعامنا وزيادة الفجوة الغذائية كما تناسوا مقولة الكثير من الخبراء والعلماء المهمومين بالزراعة في مصر أن كيلو التراب من الأراضي الزراعية أغلي من كيلو الذهب وأن كل متر يتم اقتصاصه منها لا يمكن تعويضه علي الاطلاق. اللافت للنظر أن أعلي نسبة تعديات اغتالت آلاف الأفدنة الزراعية شهدتها البلاد كانت تتم خلال الأعياد والاجازات وعطلات المواسم وأيام الجمع في السنوات الثلاث الماضية والتي شهدت حالة غير مسبوقة من الانفلات الأمني فكانت تشوينات الطوب والزلط والأسمنت واقامة البناء تتم خلال 24 ساعة في غيبة الأجهزة التي تكتفي بالتسجيل لمخالفات البناء! الغريب والعجيب أننا قد شهدنا لوبي انشاءات قاعات الأفراح ومحطات البنزين والمولات التجارية والملاعب علي جانبي الطرق الزراعية الرئيسية مثل طريق مصر اسكندرية الزراعي وغيرها كما شهدنا تعديات علي المجاري المائية والأراضي الفضاء وأملاك الدولة فاقت كل الحدود وضرب المخالفون بالعقوبات والقوانين واللوائح عرض الحائط وتحدوا كل المسئولين.. إننا نطالب حكومة المهندس ابراهيم محلب بانقاذ ما يمكن انقاذه من اراضينا قبل فوات الأوان بايقاف الزحف الأسمنتي علي أراضينا القديمة الخصبة والتي لا يمكن تعويضها بأي حال من الأحوال وتوقيع عقوبات رادعة علي كل من يهدر ويعتدي علي أي شبر من أراضينا كما نطالب بضرورة تعديل كردون المباني في الريف بين الحين والحين ولا نترك الفلاح فريسة للفقر والعوز حتي لا يضطر إلي زرع أرضه بالمباني وتبويرها.