لم يكن ظهور الجماعات المتطرفة والحركات الوطنية وليد الصدفة لكنها جاءت نتاج سنوات من القهر والذل وطول الجلوس علي مقاعد الحكم مما تسبب في خلق أجيال ناقمة علي الحياة اتخذت من العمل السياسي والتظاهر وسيلة للضغط والتغيير مما أوجد أرضا خصبة لجماعات الاسلام السياسي تحت شعار الدعوة إلي الله وإحداث تغيير جوهري في حياة الناس من اجل التمسك بدين الله الحنيف متخذة من العنف وتكفير المجتمع وسيلة لإقامة دولة خلافة اسلامية فاستقطبت المتشددين في كل أنحاء العالم وكونت تنظيمات وشبكات في عدد هائل من الدول الاسلامية وغير الاسلامية أيضا. عصام الاسلامبولي المحامي يؤكد ان افشال الأحزاب من الاسباب الرئيسية لنشأة هذه الكيانات والحركات سواء كانت سياسية أو دينية هي الأوضاع التي كانت قائمة قبل 25 يناير والاستبداد البوليسي وقيام أجهزة الدولة المختلفة بإفشال الأحزاب السياسية لقصر العمل علي الحزب الوطني فقط فأصبحت هذه الأحزاب غيرقادرة علي العمل السياسي اما القادرة علي العمل الحزبي ولها شعبية نسبية فكانت تنسق مع أجهزة الدولة لنيل مقاعد في البرلمان وكان ذلك دافعا قويا لنشأة كيانات جديدة للتعبير عن الواقع الاجتماعي والسياسي مشيرا إلي ان الدستور الجديد حدد أوضاع الأحزاب القائمة بأن تعمل بالسياسة فقط وان الجماعات المتأسلمة ولها نشاط سياسي لها أن تنخرط في العمل الدعوي فقط أو تتحول إلي حزب سياسي علي ألا يكون لها علاقة بالدين والدعوة لذلك يجب علي الحركات التي ظهرت قبل الثورة أو بعدها مثل كفاية أو 6 ابريل والتكتلات الثورية التي تتحدث باسم الثورة أن تنضم إلي الأحزاب أو تتحول إلي حزب مستقل كما يجب علي منظمات العمل المدني والاجتماعي ألا تنخرط في العمل السياسي مضيفا ان حركة كفاية انشئت عام 2004 بهدف احداث تغيير في النظام السياسي وعدم توريث الحكم وحركت الركود السياسي بالشارع المصري الذي امتد إلي عقود طويلة كما سعت الي استقلال الجامعات من تدخل الأمن. مطالب فئوية يري ان معظم الحركات والتنظيمات والتكتلات التي ظهرت بعد ثورة يناير كانت تسعي إلي تحقيق مطالب فئوية خاصة بها وليس لها دوافع سياسية علي الرغم من محاولة البعض استغلال هذه الحركات في أمور سياسية إلا ان الدافع الاقتصادي والاجتماعي كان الأساس في انشاء هذه الحركات وانها لم تسع إلي استخدام العنف بل استخدمت ما نص عليه القانون من تظاهر سلمي واعتصام. د. جمال زهران الخبير السياسي يري ان تعاظم دور الجماعة الاسلامية وجماعة الاخوان المسلمين بدأ في سبعينيات القرن العشري نبعد أن أراد الرئيس الراحل أنور السادات ضرب الناصريين واليساريين في الجامعات المصرية وقدمت اجهزة الدولة الدعم الكامل لها حتي تستطيع أن تسيطر علي اتحاد الطلاب وقد نجحت في ذلك لكن تغير الأمر بعد اتفاقية السلام التي ابرمت بين مصر واسرائيل التي لاقت معارضة شديدة من هذه الجماعات التي كانت تهدف الي انشاء الدولة الاسلامية كمقدمة لاحياء الخلافة فحدث التصادم العنيف مع الدولة في أواخر السبعينيات وأوائل الثمانينيات وحمل أعضاؤها السلاح ضد رموز الدولة. يشير نبيل نعيم احد مؤسسي جماعة الجهاد إلي ان أول ظهور للجماعات الحركات الاسلامية بمصر بدأ عام 1926 تحت مسمي جمعية أنصار السنة المحمدية وكانت تهدف إلي الدعوة علي أساس من التوحيد الخالص والسنة المحمدية لتطهير الاعتقاد ونبذ البدع والخرافات في ظل وجود احتلال يسعي إلي تخريب العقائد والعقول بالاضافة إلي انتشار الفساد وكانت دعوتهم اصلاح المجتمع تحت شعار ان الأصل في الدين هو الكتاب والسنة بفهم السلف الصالح والأئمة المجتهدون وان الايمان ما وقر في القلب وصدقة العمل وان الاسلام دولة ودين وعبادة. عقيدة الدم وفي عام 1928 قام حسن البنا بإنشاء جماعة الاخوان المسلمين التي كانت تهدف الي الاصلاح السياسي والاجتماعي والاقتصادي الشامل في مصر وكانت الدعوة هي طريقها الي الناس ولكنها انحرفت عن مسارها واستخدمت العنف والاغتيال فدخلت النفق المظلم فقررت الدولة مطاردة قيادتها وأعضائها منذ عهد الملك فاروق وعبدالناصر الذي اعتقل الكثير منهم في السجون وتصالح السادات معهم وأخرجهم من السجون وسمح لهم بالعمل داخل الجامعات المصرية وانتهي هذا الأمر مع عقده اتفاقية السلام مع اسرائيل التي لاقت اعتراض كبيرا من الجماعة فكان الصدام الثالث مع الدولة وفي بداية عهد مبارك تكرر مشهد المصالحة وسمح لهم بالعمل السياسي بالتحالف مع الأحزاب الشرعية المتواجدة في الساحة السياسية. يشير إلي ان جماعة التكفير والهجرة تكونت علي يد شكري مصطفي الذي اعتقل في حملة الاعتقالات عام 1965 وتبلورت فكرة التكفير في ذهنه داخل السجن وبدء في تكوين الهيكل التنظيمي للجماعة بعد خروجه من السجن وتمت مبايعته كأمير للمؤمنين وقد أخذت هذه الجماعة نهج الخوارج في التكفير بدء من تكفير الفرد والمجتمع والحاكم وحرموا الصلاة في المساجد باعتبارها مسجد ضرار إلا اربعة مساجد الحرام والنبوي والأقصي وقباء بل زعموا ان مصطفي شكري المهدي المنتظر.