عادت الاضرابات العمالية والفئوية من جديد لتطل علي الساحة بكثافة وعلي مستوي قطاعات عديدة مما ينذر بدخول الاقتصاد مرحلة تراجع شديدة وخاصة اسوان. فالقضية تحمل وجهين أحدهما يحمل الحكومة مسئولية تلك الأحداث ويطالبها بالبدء في إشعار المواطن بأنها علي استعداد لتلبية مطالبه والاستماع له. والآخر يرفض الاحتجاجات والإضرابات خلال الفترة الحالية التي يصفها بالحرجة بل ويتهم المحتجين بالضلوع في تهديد أمن الدولة وتفكيكها أمنياً واقتصادياً. يتساءل هلال الدندراوي نائب رئيس حزب التجمع باسوان ونائب برلماني سابق بمجلس الشعب لماذا تزايدت حدة الإضرابات في الفترة الأخيرة؟ ولماذا لم يعد هناك جسور للثقة بين المواطنين والحكومة؟ ولماذا أصبحنا في دولة مضربة عن العمل والتنمية والإصلاح ومن المسئول عن ذلك النظام والحكومة أم الشعب. يؤكد ان هناك أسبابا كثيرة ومتعددة لعودة الإضرابات في اسوان وهي أسباب أغلبها اقتصادي بحت نتيجة لتردي الأوضاع الاقتصادية بسبب السياسات الفاشلة للحكومات والتي تعتمد علي زيادة رواتب القطاع المضرب القادر علي شل حركة البلاد وتعطيل مصالح المصريين فالقطاعات المؤثرة تزيد رواتبها والقطاعات عديمة التأثير لا شيء يتم معها سوي الإهمال والتجاهل وكذلك عدم وجود رؤي اقتصادية واضحة التي ترتب عليها ارتفاع معدلات التضخم وخلل في أسعار الصرف وتراجع معدلات التنمية والاستثمار وانفلات الأسعار بالاضافة لأ كذوبة الحد الأدني للأجور التي اتضح أنها فنكوش حكومة الببلاوي. يؤكد المحاسب محمد سعد ان هناك فوضي وعشوائية في الرواتب بسبب تفاوت الأجور بين قطاعات الجهاز الحكومي للدولة فكلنا يعلم أن هناك وزارات غنية ووزارات فقيرة وكلهم مواطنون ولا يوجد جدول واضح للأجور حسب الدرجات الوظيفية مع تمييز بسيط حسب مخاطر العمل. فلا يعقل أن يكون موظف بالكهرباء أو البترول أو العدل أو هيئات محو الامية وتنشيط السياحة وغيرها يتقاضي أضعاف موظفي الصحة والتعليم والمحليات. يقول المحامي حسين ياسين عضو المجلس المحلي للمحافظة سابقا ان الاحتجاجات الفئوية والإضرابات العمالية تمثل صداعا في رأس الحكومة وإما أن تلبي تلك المطالب وتنجو بنفسها. وإما أن تدخل في دوامة من المشكلات والاضطرابات التي قد تصل في نهاية المطاف إلي ما لا يحمد عقباه او استقالتها كما حدث لحكومة الببلاوي ومع تصاعد الأزمة والإصرار من قبل أصحاب المطالب الفئوية علي تنفيذ مطالبهم ووقوف الحكومة مكتوفة الأيدي بسبب ما تواجهه من أزمات سياسية واقتصادية واجتماعية. أكد أن قرار تحديد الحد الأدني لم يكن مدروساً. وأشعل العدوان والاحتقان ولم يراع القطاعات المختلفة ويقول لا أعلم من أين تتلقي هذه الحكومة التعليمات. منتقداً الأصوات التي تحمل جماعة الإخوان المسلمين الضلوع وراء تلك الإضرابات والاعتصامات. متسائلاً: لماذا منحت الحكومة الفرصة للإخوان للاستفادة من تلك الأوضاع. يقول الخبير السياحي دياب عبد الله مدير احدي الشركات السياحية باسوان إنه يجب النظر للإضرابات والاحتجاجات الفئوية والعمالية التي تشهدها البلاد حالياً علي أنها ¢إنذار¢ أو ¢ناقوس خطر¢ يهدد الدولة. مضيفاً أن صبر الطبقات العمالية والفئات المحرومة كاد ينفد وخاصة العاملين بقطاع السياحة بعد ان تدهورت احوالهم المعيشية بشكل كبير وحمل الحكومات السابقة مسئولية كل الاضطرابات والأزمات التي تعيشها مصر. قال المحاسب اشراف يوسف موظف بالضرائب إن الاحتجاجات والمطالب الفئوية التي ظهرت في مصر خلال الآونة الأخيرة مشروعة. لكن ظروف البلاد الحالية في ظل عدم وجود حكومة أو رئيس دائمين» يسبب مشكلات للدولة بصفة عامة خاصة أن نطاق الإضرابات يتسع وأنه لا يستبعد أن تكون هناك عناصر إخوانية تقف أو ربما تقود تلك الاحتجاجات في الخفاء ويضيف ان هذه الإضرابات تسبب إزعاجا اقتصاديا وأمنيا للدولة. يؤكد المهندس محمد حسين مدير شركة المطاحن سابقا علي ان هناك جانبا مهما في بعض الإضرابات هو الرغبة في تطوير المؤسسات وإنقاذها من الإفلاس وشبح الخصخصة وبيعها فكما نعلم هناك سياسات لإفشال بعض المؤسسات لبيعها كما شاهدنا في السنوات السابقة وهو ما دفع العمال للاحتجاج والإضراب لإنقاذ مؤسساتهم كما يحدث الأن في بعض القطاعات فليست كل الإضرابات لمطالب بتحسين الدخل وزيادة الأجور. والجانب الآخر للإضرابات سياسي نتيجة قطاعات تريد تصعيد الأزمة واستغلال الاحتجاجات لتحقيق مصالح سياسية بتعطيل خطوات خارطة الطريق لتظل مصر أسيرة الفوضي في كافة القطاعات خصوصا في ظل قدوم الانتخابات الرئاسية. فالبعض يري أن تصاعد الإضرابات في قطاعات معينة سيعطل الانتخابات وتظل الدولة المصرية في حالة سيولة سياسية تنعكس بإحباط متزايد لدي المصريين تستثمره جماعات الشيطان لتدمير الدولة المصرية. جنوبسيناء: ستنتهي بالعدالة الاجتماعية وتقارب الأجور اشرف عبد الظاهر تعد الإضرابات والاعتصامات سمة المرحلة الراهنة التي تمر بها البلاد وعلي الرغم من الدعوات المتتالية للإضراب الشامل علي مستوي جميع فئات المجتمع والتي كان آخرها الدعوة لإضراب سائقي النقل العام. وكان من قبلها اضراب الاطباء ولم نعرف في مصر ثقافة الإضراب ولهذا حدث تباين في شكله وقد تداخل مع مظاهر الاحتجاج فمن دعا الي عدم الذهاب الي العمل والمكوث في المنازل. ومن دعا الي الاحتجاج بالشوارع ومن دعا للتوقف عن البيع والشراء وان كان الجميع قد اتفقوا علي فكرة مقاطعة العمل رغم ان الإضرابات في غالبها تضر بالثورات وتؤدي للتشويش علي الثورة وأهدافها. في البداية يقول مؤمن العقيلي المحامي بالنقض والدستورية العليا ان الإضرابات والاعتصامات في هذه الظروف ترقي الي مرتبة الخيانة فهي تعبر عن الأمراض التي انتشرت في مجتمعاتنا من الانامالية وتفضيل المصلحة الشخصية علي المصلحة العامة ومصلحة الوطن ان الظروف الحالية تفرض علي المواطنين الشرفاء التضحية بالمكاسب الذاتية في سبيل عبور بلادنا هذا المنعطف الخطير عندئذ ستتحقق هذه المطالب ذاتيا بفضل ماقدمنا من عمل مشيرا الي ان حرمة الإضراب تأتي من باب ما فيها من تعطيل لمصالح الناس ووقف للتنمية وما تكبده الدولة من خسائر فادحة وفي هذا كله مفاسد يمنعها الشرع والقانون وما قد يكون من مظالم أو حقوق يطالب به المضربون عن العمل فإن طريقها ومجال البحث فيها عبر مؤسسات الدولة. شدد علي أن "منع أو تحريم الإضرابات لا يعني بطلان المطالب. ولكن الاعتراض علي الإجراء والأسلوب". يقول عزت الصغير بادارة التطوير التكنولوجي بمديرية التربية والتعليم انا مع مشروعية الاضراب المنظم بعيدا عن العنف والتخريب ولكن الوقت الذي تمر به مصر الآن يجعل مشروعية الاضراب كمن يريد ان يصلي الجمعة يوم الخميس ويتساءل هل نستطيع جني ثمار الثورة قبل زراعة بذور الثورة وتحقيق مطالب الثورة الاساسية وهي عيش كرامة حرية عدالة اجتماعية ولو تحققت هذه المطالب العامة لن نحتاج ان تقوم كل فئة منفصلة بالاضراب. بينما يشير عيد البنا تاجر اسماك ان اهم اسباب الاضرابات عدم العدالة في توزيع المرتبات ففي بعض الجهات تعطي مرتبات كبيرة جدا بينما الاخري علي العكس مما جعل الكثير يشعر بعدم الرضا بالاضافة الي الارتفاع الجنوني في الأسعار الذي لم يقتصر علي سلع الرفاهية بل انه وصل الي المكون الأساسي للوجبات الشعبية بشكل يدفعنا للقول انه لم تعد هناك وجبة شعبية في مصر فحتي أسعار الفول المدمس ارتفعت وأصبح الكيلو منه بتسعة جنيهات وان زجاجة الزيت مثلا التي كانت تباع بثلاثة جنيها ونصف الجنيه. ارتفع سعرها الي اثني عشر جنيهات. يقول نبيل فريد صديق مدير عام بالأوقاف سابقا لوقف الإضرابات يجب ان تشكل لجنة عليا من ذوي الخبرة والمشهود لهم بالنزاهة وتقوم بعمل نوع من التقارب بين المرتبات والأجور بالدولة وحينما يتحقق ذلك ستهدأ الأمور بحيث تخفض مرتبات بعض الفئات التي تحصل علي مرتبات ضخمة في قطاعات لا تحقق مكاسب أو أرباحا كبيرة مثل قطاع البترول مشيرا الي ان هناك بعض القطاعات التي تحصل علي دخول ضعيفة مثل الاوقاف والمحليات عدا دواوين المحافظات والتي تحصل علي دخول أضافية بخلاف زملائهم الاخرين في المحليات. من جانبه أشار سيد بدوي مستثمر بشرم الشيخ إلي أن الطبيعة البشرية هي التي تفرض حالة الانقسام في كل شئ فهناك أناس يؤثرون السلامة ويعتبرون الإضراب نوعا من أنواع العنف غير المقبول بالإضافة لكونه يتعلق بالسياسة أكثر من المصالح الفئوية. وفي المقابل هناك من يفضلون الإضراب كوسيلة ضغط لتحقيق مطالبهم نظرا لعدم وجود قنوات شرعية بديلة للتعبير عن الرأي. يقول الخبير الامني رضا سليمان يجب أن يكون الإضراب هو آخر الوسائل التي يلجأ إليها العمال للمطالبة بحقوقهم ذلك لأن في الإضراب تعطيل للمصالح التي قد تلحق ضرراً بالمجتمع. وهذا لا يجوز إلا في حالة الضرورة وأن تكون المصلحة المراد تحقيقها من الإضراب مضبوطة بضوابط الشرع ولا تكون خاضعة لأمزجة العمال وأهوائهم. يري جميل حمرة مدير اداري أن الإضراب عن العمل هو وسيلة من وسائل التعبير عن الرأي حيث ان العامل يستخدم هذه الوسيلة لاسماع صوته إلي مشغليه أو إلي ولي الأمر عندما تقتضي ظروف العمل ذلك وعندما لا يجد من من يستمع إليه أو عندما يعجز عن اسماع صوته بالطرق المتعارف عليها الأخري ويري البعض الآخر أن الإضراب عن العمل هو مظهر من مظاهر الاحتجاج علي ما لا يراه العامل مناسبا من أوضاع العمل أو احتجاجا ًعلي ظلم وقع عليه أثناء هذا العمل. من جهته شدد الشيخ اسماعيل الراوي مدير عام الاوقاف بجنوبسيناء علي الحرمة الشرعية للدعوة إلي الإضراب العام وتعطيل مصالح الناس وقضاء حوائجهم ووقف المواصلات والنقل والعمل في المصانع والتوقف عن سداد الأموال المستحقة للحكومة لأن من شأن هذا التصرف أن تتفاقم الأوضاع الاقتصادية السيئة بما يؤدي إلي تعطيل مصالح الناس وتعريض حياتهم للخطر.