ارتبط مصطلح المعاش المبكر بتطبيق برنامج الاصلاح الاقتصادي في بداية التسعينيات من القرن الماضي حينما اتجهت الدولة لتطبيق سياسة الخصخصة لعدد كبير من المشروعات العامة تنفيذا لتوصيات صندوق النقد الدولي وقد صدر في هذا الشأن القانون "203" لسنة 1991 لتنظيم قطاع الأعمال والذي استحدث نظام الشركات القابضة والشركات التابعة وفي ذلك الحين قدر مسئولو تلك الشركات العمالة الزائدة بحوالي 18%. بينما اعتبر مستثمرو القطاع الخاص ان تلك النسبة تتعدي في شركاتهم ال 40% وتعتبر بالتالي عبئا علي مصلحة العمل وقد كان نظام المعاش المبكر هو أسرع الحلول التي تم طرحها لمواجهة العمالة الزائدة أو البطالة المقنعة. ممدوح عبدالمجيد "55 سنة" يقول: عملت مشرفا للأغذية بمطعم الموظفين بفندق شيراتون الجزيرة من عام 84 وكان في ذلك الوقت يتبع القطاع العام حتي تم بيعه لشركة فنادق عالمية وتغير اسمه إلي سوفوتيل الجزيرة في عام 2005 وتعرضت وأغلب زملائي لمضايقات من الإدارة الجديدة للفندق لدفعنا للتصفية والخروج بنظام المعاش المبكر وتم إغراؤنا بالحصول علي كافة المزايا والمستحقات بشكل فوري وبالفعل قمت بتسوية معاشي في 5/10/2010 ولم أحصل علي مستحقاتي حتي الآن. ويضيف زميله حسن عبدالوهاب "58 سنة": عملت بنفس الفندق لمدة "26 سنة" كموظف استعلامات وعانينا منذ بيع الفندق في 2005 من الإدارة الجديدة التي اتبعت معنا سياسات تعسفية لإجبارنا علي المطالبة بتسوية المعاش المبكر حيث تم حرماننا من العلاوات السنوية التي تقرها الحكومة للعاملين بالقطاع الخاص بحجة انخفاض ايراد الفندق وعدم تحقيق أرباح بالإضافة إلي منع صرف أي حوافز لنفس السبب وعند تسوية المعاش فوجئنا بحرماننا من صرف مكافأة نهاية الخدمة المفترض صرفها من صندوق العاملين بالفندق. وتؤكد تهاني مختار رئيسة الحسابات بالفندق "بالمعاش" ان الإدارة الحالية للفندق قامت بالضغط علي عدد كبير من العاملين القدامي لدفعهم لتسوية المعاش المبكر بكافة الطرق حيث وضعتهم بين اختيارين اما العمل بدون مرتب والاعتماد علي البقشيش فقط أو الامتثال للتعليمات وتسوية المعاش فاضطر الجميع للاختيار الثاني كما تؤكد تواطؤ اللجنة النقابية للعاملين بالفندق مع الادارة وقيامهما بالافتئات علي حقوق العمل بالامتناع عن صرف مستحقات نهاية الخدمة الخاصة بهم والتي تقدر ب 2% من اجمالي مرتبات العاملين بالفندق يتم صرفها من الصندوق لكل عامل عند خروجه للمعاش بالرغم من انتظام خصم اشتراك ذلك الصندوق من كل العاملين من تاريخ انشائه عام 84 حتي الآن. مجدي محمد "48 سنة" يقول: عملت بشركة قطاع خاص لتصنيع الموبيليات بمدينة العاشر من رمضان لمدة 22 سنة وتعرضت للاصابة بانزلاق غضروفي أثناء العمل وعانيت لفترة طويلة من مماطلة ادارة الشركة للموافقة علي خروجي من الخدمة بنظام المعاش المبكر بالرغم من عرضي علي أكثر من لجنة قومسيون طبي تابعة لهيئة التأمين الصحي علي مدار خمس سنوات وبالرغم من صدور قرار القومسيون بتحديد نسبة العجز الخاصة بحالتي بما يتجاوز 35% لم أحصل علي المعاش المبكر. البدري فرغلي عضو مجلس الشعب السابق ورئيس الاتحاد العام لأصحاب المعاشات يقول ان المواطنين أطلقوا علي المعاش المبكر مصطلح الموت سواء لأرباب المعاشات أو للمؤسسات التي تم التطبيق عليها حيث انتهج نظام مبارك مجموعة من السياسات التخريبية والإجرامية علي رأسها سياسة الخصخصة التي التهمت كل مؤسسات الدولة وشركاتها خاصة تلك التي تعمل بمجال الصناعات الاستراتيجية الوطنية العملاقة وفي ذلك الحين تم عرض جميع الكيانات العملاقة والاستراتيجية بالدولة للبيع في مقابل أبخس الأثمان لتوزيع الشركات الكبري علي المحاسيب والأتباع وفي سبيل اتمام تلك الصفقات المشبوهة تم توجيه ضربة قاصمة للعاملين بتلك المؤسسات واغتيال آمالهم في حياة كريمة .