تحولت الشقق في منطقة المرج والخصوص والخانكة إلي معقل لمصانع بير السلم المتخصصة في انتاج الأدوية المغشوشة بعد سعي بعض المواطنين للحصول علي ماكينات تعبئة وتغليف الأدوية الخردة من شركات الأدوية في العاشر من رمضان و6 أكتوبر وبيع منتجاتهم المغشوشة في الصيدليات وتوزيعها علي الجمعيات الخيرية.أحمد حمدي محاسب بشركة مستلزمات طبية يؤكد ان انتشار الأدوية المغشوشة ومجهولة المصدر يرجع إلي تقاعس الأجهزة الرقابية عن أداء دورها مما شجع الكثيرين من معدومي الضمير وراغبي الثراء السريع للتلاعب والغش في ذلك المجال الذي قد امتد لبعض المستشفيات الحكومية بدليل الواقعة الأخيرة بالمنصورة حيث تم اكتشاف غش عقار دوائي خاص بمرضي الكبد ويشير إلي أن تزييف الأدوية وغشها يتركز في بعض الأنواع المرتفعة السعر وبعض الأدوية المخدرة وأشهرها الترامادول بالاضافة لبعض المنشطات الجنسية والمكملات الغذائية ويتم تصنيعها بواسطة خلط مجموعة من المواد الكيماوية تحتوي علي جزء من المادة الفعالة للدواء المطلوب يتم جلبها في صورة بودرة من الصين وبودرة السيراميك ومادة السبيداج التي تستخدم في صناعة البويات وبعض مكسبات الطعم وقطرات العيون لإكسابها الطعم المر الخاص بالدواء ويتم اضافة بعض الأعشاب التي تجلب من محلات العطارة في حالة تصنيع المنشطات. يضيف محمد وهبة صيدلي ان مصانع بير السلم تعتمد علي شراء ماكينات التعبئة والتغليف وكبس اقراص الادوية من الشركات الكبري التي تبيع هذه الماكينات لتجارة الخردة لتكهينها ولانعدام الرقابة يقوم بعض التجار بشرائها لاعادة تشغيلها ويحول شققاً سكنية بمناطق شعبية إلي مصانع أدوية. عبد الله خليل محام يشير إلي ضرورة تفعيل الرقابة علي تصنيع وتوزيع الأدوية والمستلزمات الطبية بوجه عام فخلال السنوات الأخيرة تمكن تجار بير السلم من استيراد مستلزمات ومعدات الانتاج الخاصة بشركات الأدوية بشكل غير شرعي بالاضافة إلي قيامهم باستيراد المواد الفعالة الخام من بعض الدول كالصين لخلطها ببعض المواد كالسبيداج الطبي والقيام بتقليد انواع من الأدوية خاصة المخدرة والمنشطة مشيرا لقيام البعض بإعادة تعبئة الأدوية منتهية الصلاحية وطبع تواريخ انتاج حديثة للتمكن من توزيعها علي الصيدليات. طارق حلمي حلاق يقول: الأدوية المخدرة والتي تصنع في مصانع بير السلم بعد تقليد العلامات التجارية المعروفة تباع بالشوارع والمقاهي في المناطق الشعبية بشكل علني متسائلا ألا يكفي المتاجر بصحة وأرواح الناس ما يجنيه من أموال طائلة نتيجة لتجارته المحرمة حتي يقدم علي مثل هذا النوع من الغش مستهينا بصحة البشر؟ يشاركه الرأي زميله ايهاب محمد قائلاً: يمر علينا بمحلات الحلاقة بعض مندوبي المبيعات لتوزيع بعض المنتجات المغشوشة ومجهولة المصدر كالكريمات وصبغات الشعر ومعجون الحلاقة وبعض المندوبين يعرضون علينا أنواعاً من المنشطات الجنسية بأسعار مغرية لترويجها علي زبائن المحل. محمود فؤاد رئيس المركز المصري للحق في الدواء يؤكد ان ظاهرة الأدوية المزيفة أو المغشوشة اصبحت تشكل عبئا علي الاستثمارات في القطاع الدوائي بمصر حيث افادت تقارير لمجلة ساينس مونيتور الأمريكية أن أكثر من 7% من الأدوية المزيفة علي مستوي العالم تأتي من مصر سواء من الانتاج المحلي أو المستورد حيث تعتبر مصر محطة ترانزيت هامة في رحلة الأدوية المغشوشة من مصانعها بدول شرق آسيا كالهند والصين إلي اسواقها بدول غرب افريقيا وقد أفادت تقارير حكومية ان حجم تجارة الأدوية علي مستوي العالم تقدر بنحو 800 مليار دولار أمريكي منها 75 ملياراً من الأدوية المزيفة أو المغشوشة نصيب مصر منها حوالي 181 مليون دولار بما يعادل 1.25 مليار جنيه تحقق ارباحاً 300 مليون جنيه سنويا واشارت نفس التقارير إلي أن حوالي 10% من المعروض علي أرفف الصيدليات أدوية مزيفة بالاضافة لأنواع عديدة من المنشطات الجنسية والمكملات الغذائية المخصصة للاعبي كمال الأجسام ويذكر ان المركز المصري للحق في الدواء قد ناشد الجمعيات الخيرية الكبري ضرورة توخي الحذر عند شراء الأدوية خاصة مرتفعة الأسعار وذلك بعد اكتشاف تقليد لعبوات عقار "البيتافيرون" وتحتوي العبوة منه علي 12 حقنة بسعر 4600 جنيه تم توريدها لجمعيات خيرية بسعر 1000 جنيه فقط للعبوة مما أثار الشبهة حول مصدرها وصلاحيتها كما تم رصد حالات غش لعقار "بلافيكس" الذي يستخدم في علاج الجلطات ويبلغ سعر العبوة منه 205 جنيهات وعقار "البومين البشري" المخصص لمرضي الكبد وسعره 160 جنيه للعلبة وقد أشار استطلاع آراء للخبراء لبدء تركيا في اقتحام سوق الأدوية المغشوشة بمصر. كما صرح فؤاد بأن المركز قد تقدم ببلاغ للنائب العام تحت رقم 1526 وآخر برقم 5694 لسنة 2013 ضد عدد من القنوات الفضائية بعد رصد اعلانات عن أدوية غير مسجلة ومجهولة المصدر لعلاج الالتهاب الكبدي الوبائي والعقم والعجز الجنسي وبعض مستحضرات التجميل وعقاقير التخسيس والمكملات الغذائية وقد لوحظ أن المعلنين عن مثل تلك السلع يلجأون لبعض الحيل كالتوصيل للمنازل بعد التواصل مع الزبائن من خلال أرقام تليفونات محمولة فقط يتم نشرها باعلانات الجرائد والفضائيات دون الاعلان عن رقم تليفون أرضي أو عنوان لمقر حتي يصعب علي الجهات المعنية متابعتهم وملاحقتهم. ويري مدير مركز الحق في الدواء أن المسئولية لا تقع علي عاتق الأجهزة الرقابية بوزارة الصحة فقط بل ايضا المنافذ الجمركية البرية والبحرية والجوية ويتطلب ذلك ضرورة الاستعانة بأجهزة حديثة للكشف عن وجود الأدوية داخل الحقائب أو الحاويات خاصة الواردة من دول بعينها كالهند والصينوتركيا كما أشار لدور مباحث التموين التي تمكنت خلال العام الماضي من تحريك 800 قضية شملت الأدوية منتهية الصلاحية والمغشوشة والمزيفة لأصناف من الماركات العالمية وغير المسجلة وبعض الوصفات الشعبية وملايين الأقراص المخدرة والمنشطة وأكد علي ضرورة تفعيل التعاون بين نقابة الصيادلة ووزارة الصحة بتنظيم دورات تدريبية اجبارية بشكل دوري لارشاد الصيادلة لكيفية التعرف علي الأدوية أو المنتجات المغشوشة واقتصار العمل بذلك المجال علي خريجي كليات الصيدلة والعلوم وضرورة توعية الجمهور من خلال حملات إعلامية والتوعية بالمخاطر التي تهدد المرضي أو مستخدمي مثل تلك المستحضرات.