** لست أدري لماذا تتعثر مشروعاتنا الكبري.. تتوقف لفترة طويلة أو قصيرة ولكنها تستنزف استثمارات ضخمة.. نعلم كيف ندبرها بالمنح والقروض والضغط علي موارد طبيعية وبشرية.. تتعطل أيضا عملية التدوير وتحقيق الأرباح أو أداء الخدمة المطلوبة.. ثم تنقشع السحب والغيوم لتجد انه لا مناص من العودة لها واستكمال تنفيذها وترتفع أعباء الفاتورة لتصبح الملايين مليارات وقد تنخفض النسبة المأمولة لمساهمة المشروع أو الخدمة أو التطوير والتحديث في أداء الهدف وتلبية احتياجات الناس فنفتح الملف من جديد وتحتدم المناقشات.. تنطلق العبارات الضخمة عن الجدوي.. وغالبا ما نصل للحلول التوافقية التي تري ضرورة استكمال المشروع المعطل.. وإضافة ما يمكن اضافته من تحسينات ليدخل الخدمة ويستفيد به الناس قبل أن تلتهب التكاليف مرة أخري.. وندور حول ساقية مفرغة من الماء.. لعل هذا الاستنتاج تؤيده الخطة الاستثمارية العاجلة التي قامت الحكومة بفتحها في جميع المحافظات والاتجاهات.. ونلمح بوضوع الهدف من انجاز هذه المشروعات المعطلة ومنها مدارس ومستشفيات ومحطات مياه والصرف الصحي سيؤدي تشغيلها إلي تحسن في تنفيذ العقد الاجتماعي الملزم بين الحكومة والشعب.. وان كان التأخير يعني تحقيق أهداف تخلفت عن احتياجات الواقع والمخطط لها عند اعتماد المشروع والسبب معروف لأننا لا نتحكم في الاحتياجات ولا نخوض معارك واضحة في الضرورات "وعلي سبيل المثال في قضايا تنظيم الأسرة والعشوائيات.. حركة العمران في المدن القديمة واقامة الأبراج الخرسانية علي انقاض الفيلات" لنشغل نفسنا "مسئولون وشعب وخبراء ومفكرون" في عمليات تصويت المسار أكثر بكثير من الاحلال والتجديد ومواصلة المشروعات التي تأخذ بأيدينا إلي ما نأمله من مستقبل هو حق للوطن.. وواجب علينا تجاهه لأننا المستفيدون من العيش علي أرضه واستحقاقات حضارته ومكانته. ** صحيح انه منذ معركة السد العالي وما قبلها من عدوان عسكري صريح ولمرتين.. قد شغلنا عن التنفيذ بالحماس المأمول لخطط التنمية والقاهرة الصناعية وتنويع الانتاج الزراعي والنهوض بالخدمات وتحديث التعليم الخ.. ورفعنا ساعتها شعار لا شيء يعلو علي صوت المعركة.. ولكن الاستثناء الذي لم يتوقف تمثل في الدعم والمساندة التي قدمتها مصر.. قيادة وشعباً وحكومة لحركات الاستقلال والثورات الشعبية في افريقيا وآسيا وما عرف بعد ذلك بالعالم الثالث لأنها كانت تستهدف قطع أذرع الاخطبوط الاستعماري والمافيا الاحتكارية التي حاولت خنق صوت مصر وانزال إعلام الحرية التي ارتفعت في سمائها.. ولأن ذلك التحالف الأسود أدرك جيدا ان تحقيق مصر وأهداف ثورتها.. كاملة يعني نهاية نفوذه في استقلال شعوب العالم وحصد دمائها من أجل الاختبارات التي تتحالف للسيطرة واقتسام الكعكة في عواصم الغرب والشرق معا "رغم اختلافهم المعني في الايدلوجية المعتمدة" كان هذا هو قدرنا.. ورغم ذلك استطاع هذا الشعب بحكمته وإرادته وحركته الواعية للتاريخ أن يفلت من الطوق ويصنع الكثير تحت مبدأ يد تبني ويد تحمل السلاح وانتصرنا في معركة عودة الأرض المغتصبة في سيناء.. بالإيمان بالله والخطة المستنيرة والاعداد الرافع للرجال.. وفي ساعة الصفر الثانية ظهر العاشر من رمضان الموافق السادس من أكتوبر انطلق الرجال يعبرون اصعب مانع مائي في العالم ويرفعون العلم علي الأرض المشتاقة في الضفة الشرقية للقناة علي أرض سيناء الحبيبة وبعد النصر الذي مازالت دروسه تتتابع وتدرس اسراره في المعاهد العسكرية بالعالم اخترنا سلاح الأقوياء وتوجيه كل مواردنا وسواعدنا لاستعادة ما فاتنا والبناء. ** وبالطبع بقي الأعداء الذين أذهلتهم الصدمة وتغيرت الأقنعة وتكتيكات الحرب وأدرك الأعداء ان النصر لمصر وسواعدها الأبطال في أي مواجهة صريحة فلجأوا إلي شغلنا بمحاولات بث الفتن والقلائل ثم استخدام سلاح التطرف والارهاب الأسود وساندوا قوي الفساد والانتهازية ومصاصي دماء الشعب وأقواته.. شجبوا السلبية والأنامالية وتفرغ عملاؤهم لإثارة الفوضي والاضرابات والاضطرابات والأزمات بحيث يتفرغ لها المواطن العادي وينسي مسئوليته تجاه اسرته والأجيال القادمة من توفير مناخ صحي مزدهر.. صادق.. أمين.. يكتشف الموهبة ويرعاها.. تكتمل فيه مظلة الرعاية الاجتماعية والعيش بكرامة وحرية.. تخرج من ضباب الاحتقانات وقطع الطرق والحوار بالخرطوش والرصاص والسلاح. ** وبفضل الثورة ووعي الجماهير والشباب ينكشف الضباب عن السماء ونلمس ضرورة العودة إلي عزيمة الانجاز التي بني بها المصريون أهراماتهم ومعابدهم وجامعاتهم أيام الفراعنة ثم القناطر وشبكة الري والصناعات والبنوك الوطنية والسد العالي.. في العصور الحديثة يصبح من الضروري اجتذاب كل سواعد المواطن لاقتحام المشروعات المتعثرة وانجازها في أقل زمن ممكن لنستعيد ثقتنا في القدرة علي البناء.. انجاز دستور يليق بمستقبل الوطن يحقق الأمنيات المرجوة في إعادة اللحمة الوطنية بعيدا عن التركيز علي قوته أو حصة لكل فئة بعينها فالمسرح يرحب بالجميع.. والناس يختارون بالوعي والحس الوطني والإدراك من يرون فيهم القدرة علي أداء الواجب وتعميق مسيرة الديمقراطية "الأساس المتين للبقاء والانجاز" والمبادرة لإنشاء المحطات النووية للكهرباء بالضبعة.. المشروع القومي الذي لا يقل أهمية عن السد العالي والذي تمتلك مصر القدرات والخبرات لتنفيذه اليوم وليس غدا.. علينا أن نقتحم بجدية وعلمية اسطورة الدعم ونطهرها من الشوائب والكلام. نضع الحقائق أمام المواطن ونوضح ضرورة استمرار الدعم مادام يعيش بيننا 40% من السكان تحت خط الفقر.. والأمر ببساطة لا يحتاج إلي خطة متدرجة خمس أو سبع سنوات.. ولكن يحتاج إلي جرأة وصبر تعيد الدعم لمستحقيه وتوفر لجميع المواطنين البدائل الصحيحة والتي ليست دائما نقودا ولكن خدمات في الصحة والنقل والتعليم والاسكان والسلع التموينية لتتركز الجهود لتقديم الدعم الحقيقي للشريحة المستحقة وعلينا التأكد في النهاية من ان الانجاز يحبط المؤامرات.