أجمع الخبراء والفقهاء الدستوريون علي ان انجاز الوثيقة الدستورية خلال الفترة الانتقالية وتحدياتها خطوة كبيرة نحو المستقبل وأشادوا بالنصوص التي تمهد لتحقيق أهداف ثورتي 25 يناير و30 يونيه علي رأسها العدالة الاجتماعية وأكدوا ان عدم تمييز أي فئة والاكتفاء بالتمثيل الملائم خلال أول مجلس نواب منتخب فكرة حكيمة تحقق المساواة وتكافؤ الفرص وتتغلب في نفس الوقت علي الميراث السياسي القديم. أكد د. محمد نور فرحات. ان الدستور متوازن بشكل كبير داعيا جموع المصريين بأن يصوتوا ب "نعم" للدستور الذي تجاوز الخلافات الحادة التي كانت تقسم المجتمع المصري في دستورالاخوان. موضحاً ان الوثيقة التي أقرتها لجنة الخمسين ليست الوثيقة المثلي التي كان يتمناها البعض لكنها علي الأقل تمثل الحد الأدني من التوافق في ظل الظروف السياسية المضطربة التي تمر بها البلاد. مبالغة واسهاب قال د. محمود كبيش عميد حقوق القاهرة إن الدستور الجديد وخاصة باب الحقوق والحريات لم يترك شاردة الا وأحصاها- علي حد قوله- وشمل ممثلي جميع فئات المجتمع من عمال وفلاحين ونقابات مهنية وغيرها ومن مميزاته أنه قرر معاشاً للفلاح وتأميناً صحياً لكل مواطن. وتضمن مبالغة واسهابا في باب الحريات. أضاف كبيش. ان لديه ملاحظات بأن الاتجاه ذهب كثيراً الي النظام البرلماني. لافتا الي ضرورة ان نحتكم ونقوي النظام الرئاسي خاصة في تلك المرحلة. لأنه جعل اختيار الوزراء مرهوناً بموافقة وثقة البرلمان وعاد الأمر مرة أخري للبرلمان اذا رفضه رئيس الجمهورية. وأضاف قائلاً: "أخشي خاصة في ظل طبيعة السياسيين وعدم الثقة في رئيس الجمهورية القادم أيا ما كان بأن يعطل تشكيل الحكومة". علي حد قوله. محاكمة الرئيس أوضح "عميد حقوق القاهرة" بأن الدستور تحدث عن ادانة ومحاكمة الرئيس. متسائلاً: "ان الدستور لم يعرف مثلا مفهوم الخيانة العظمي. ولم يحدد اجراءات محاكمته وهل مثلا اذا ارتكب جرما هل هي جنحة وما هي الاجراءات وهل تصبح مثل الطرق العادية في القانون؟. وهل هي سقطت سهواً من لجنة الخمسين". وحول مادة القضاء العسكري. فلفت كبيش الي أنها مادة ضرورية وحددت الاستثناءات فيها واصفا بأن ما يحدث من بعض النشطاء السياسيين بأنه "شخصنة للنصوص". وعن اختيار وزير الدفاع بأنه خاضع لاختيار المجلس العسكري قائلاً: "بأنه الحامي المنيع للوطن وهي تخضع لفكرة التماسك والتآلف داخل القوات المسلحة وعدم احداث شروخ". يقول د. مصطفي فؤاد استاذ القانون الدستوري ورئيس جامعة طنطا الاسبق ان المنتج النهائي للدستور في ظل الظروف والتوتر العصبي الذي تعيشه مصر الان يعد صورة حضارية لمستقبل مصر وعلي الرغم من تفويض رئيس الجمهورية في تحديد الشكل الانتخابي للبرلمان والزامه بتمثيل العمال والفلاحين والشباب والمسيحيين وذوي الاحتياجات الخاصة بالشكل الملائم في أول مجلس نواب قادم فان كل هذه الاجراءات ترجع الي ميراث متراكم. وأضاف فؤاد ان هذا الانجاز خلال الفترة الانتقالية الصعبة خطوة كبيرة نحو المستقبل ونأمل ان تؤتي ثمارها لصالح العدالة الاجتماعية للفقراء والصحة والتعليم لصالح المصريين. وأشار د. فؤاد الي ان النص المتعلق بالمحاكمة للمدنيين أمام القضاء العسكري سوف يقابله تعديل قانون القضاء العسكري بحيث يكون قضاء علي درجتين ابتدائي واستثنائي لحماية المدنيين أمام القضاء العسكري وهي مسألة قد يعترض عليها البعض لكننا في ظل المرحلة الانتقالية لا نجد غضاضة في ظل تقييد حالات اختصاص القضاء العسكري بحيث يكون الدستور في مجمله صورة طيبة لأحلام المصريين. صناعة فنية يقول د. حمدي عبدالرحمن استاذ القانون جامعة عين شمس ان صناعة الدساتير صناعة فنية وليست شعبية ومن هنا فان الدستور الذي تشكل أمس يعتبر مناسبا بالنظر الي دساتير 1923 وحتي 1954 كانت كلها تتبني النظام البرلماني ولكن الدستور الأخير تبني النظام شبه الرئاسي.. ولكن علي أية حال نتمني طرحه للاستفتاء لنعرف رأي المواطنين وتبدأ عجلة الانتاج في الدوران للبدء في اصلاح منظومات الصحة والتعليم والاقتصاد. أضاف عبدالرحمن ان هذه أفضل صورة نصل اليها للدستور في ظل المرحلة الحالية التي يمر بها الوطن ويجب علينا جميعا ان نعرف ان الدستور ينظم علاقة السلطات بعضها البعض وعلي الجماهير ان تساعد السلطات في أداء مهامها الصعبة. بنيان متناسق يعتبر د. عادل عامر استاذ القانون الدستوري بجامعة 6 أكتوبر ان مواد الدستور متكاملة ومتناسقة البنيان القانوني واللغوي ومعبرة عن جميع فئات المجتمع ومحققة لمطالب وأهداف الثورة مشيراً الي ان المواد حفظت حقوق الشعب بكافة أطيافه. ويشيد عامر بالمواد التي أكدت علي عدم جواز التنازل عن أي شبر من التراب المصري تحت أي مسميات مما يغلق الباب تماماً أمام أي محاولات للتنازل عن جزء من شبر من الأراضي الوطنية لتحقيق مصالح سياسية بالاضافة الي المادة التي أكدت علي حقوقنا التاريخية في مياه النيل طبقاً للاتفاقيات الدولية السابقة ويتحدي د. عامر المشككين في الدستور المرتقب وبحجة "أنه دستوري سري" قائلاً من يدعي ذلك عليه ان يأتي بمادة واحدة فيها عوار دستوري أو إعطاء فئة حق أو تمييز غير شرعي. ويضيف ان الكوتة كانت بتستغل لحساب مذهبة سياسية وليحقق مصالح شخصية يمكن تحقيقها من خلال الوصول للنضج السياسي بممارسة الاليات السليمة للديمقراطية