ما بين مطالب متصاعدة من جانب البعض بحل الأحزاب الدينية في مصر مثل أحزاب الحرية والعدالة والنور والوطن والبناء والتنمية وغيرها وبين مطالب أخري بضرورة الرجوع إلي العقل وعدم التمادي في إقصاء الإسلاميين بعد الموجة الثانية من الثورة في 30 يونيو والتي أطاحت بالرئيس المعزول محمد مرسي لأنها جزء من المعادلة السياسية ولا يمكن تجاوزها.. أصبح السؤال الأكثر إلحاحاً: ما هو مستقبل الأحزاب الدينية؟ هل تحل؟ هل تجمد؟ هل تكون جزءاً من المستقبل؟ أم أنه ينبغي اعتبارها جزءاً من الماضي مات وتم دفنه؟ خصوصاً وأن الساحة السياسية المصرية شهدت بعد 25 يناير حراكاً حزبياً كبيراً تمخض عنه تأسيس نحو 94 حزباً سياسياً منها 12 حزباً إسلامية من بينها الحرية والعدالة والبناء والتنمية والأصالة والنهضة والنور والوطن والفضيلة وغيرها وهو ما أدي إلي كثرة التساؤلات المطروحة بخصوص مستقبل هذه الأحزاب وتوجهاتها. آثار قرار لجنة الخمسين لتعديل الدستور حظر تأسيس الأحزاب علي أساس ديني حالة من الجدل حول مستقبل الأحزاب الإسلامية في مصر. حيث إن هذا النص يهدد نحو 12 حزباً بالحل والإلغاء لعدم دستوريتهم أبرزهم الحرية والعدالة والنور السلفي والبناء والتنمية والوسط والعمل والأصالة والشعب والفضيلة والإصلاح والحضارة. المادة الخامسة في الباب الأول لدستور 1971 نصت علي أنه "لا يجوز مباشرة أي نشاط سياسي أو قيام أحزاب سياسية علي أي مرجعية أو أساس ديني. أو بناء علي التفرقة بسبب الجنس أو الأصل" وهو ما أكد عليه الإعلان الدستوري في مارس 2011 حيث كان نص مادته الرابعة: "للمواطنين حق تكوين الجمعيات وإنشاء النقابات والاتحادات والأحزاب وذلك علي الوجه المبين في القانون ويحظر إنشاء جمعيات يكون نشاطها معادياً لنظام المجتمع أو سرياً أو ذا طابع عسكري ولا يجوز مباشرة أي نشاط سياسي أو قيام أحزاب سياسية علي أساس ديني أو بناء علي التفرقة بسبب الجنس أو الأصل". جاءت المادة 6 من دستور 2012 لتتضمن تعديلاً جوهرياً علي تلك المواد. يسمح بإنشاء الأحزاب ذات المرجعية الدينية وجاءت المادة "6" منه والمتعلقة بتكوين الأحزاب السياسية في صيغة جديدة تجرم إنشاء الأحزاب التي تقوم علي مبدأ "التفرقة بين المواطنين بسبب الجنس أو الأصل أو الدين" ما يعني إمكانية قيام أحزاب مسيحية أو سلفية أو شيعية أو غيرها بشط ألا ينص برنامجها علي ما يفرق بين معتنقي تلك الأديان أو المذاهب وغيرهم من المواطنين وهو ما يختلف بشكل كبير عن دستور 1971 الذي منع ممارسة أي نشاط سياسي أو قيادة أحزاب علي أساس ديني دون اشتراط التمييز من عدمه. لكن التعديل الدستوري الجديد يجعل الأحزاب الإسلامية في مصر أمام خيارين إما إعادة إنتاج نفسها باستراتيجية وأيديولوجية جديدة غير دينية أو الخروج من الحياة السياسية والاكتفاء بالنشاط الدعوي. الحقيقة أن الساحة السياسية المصرية استقبلت منذ ثورة 25 يناير عدداً كبيراً من الأحزاب ذات الصبغة الإسلامية إضافة إلي عشرات الأحزاب المدنية الأخري زادت من زخم الحياة السياسية وحركت المياه الراكدة في بحر السياسة المصرية وأزاحت الأحزاب الكرتونية التي صنعت في مقرات أمن الدولة والتخلص من فلول الحزب الوطني التي اعتمدت علي نفوذ المال والسلطة لسنوات طويلة. برامج متشابهة ووفقاً للدكتور فخري الطهطاوي أستاذ العلوم السياسية فإن الأحزاب الإسلامية تتفق معاً في برنامجها الاجتماعي وخطها الأيديولوجي وباستثناء الأحزاب السلفية فجميعاً تمتلك برامج اقتصادية متشابهة جداً فالبرامج المطروحة تكاد تتطابق ولا يوجد فروق كبيرة واضحة إلا في الهوامش والقضايا الروتينية. لافتاً إلي أن هذه الأحزاب تستقي أفكارها عموماً وقيمها من الشريعة لكن نهم السلطة والشبق السياسي جعلها لا تراعي ظروف المجتمع وتصطدم مع الجماهير بشكل كبير تسبب في تفجير ثورة 30 يونيو. ووفقاً لدراسة أكرم سعيد الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية فإن الشعب المصري بعد 25 يناير تحمس للإسلاميين باعتبارهم التيار الذي حمل علي كاهله عدداً لا بأس به من المظالم ناهيك عن أن التهميش والإقصاء لرموزه طوال العقود الثلاثة الأخيرة والتي شهدها عصر مبارك مما أعطي لهذه الكيانات زخماً شعبياً غير مسبوق وأصبحت لها جماهيرية واسعة مثل حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين وحزب النور الذراع السياسي للدعوة السلفية وحزب البناء والتنمية الذراع السياسي للجماعة الإسلامية ومصر القوية وحزب الوسط والراية والوطن وغيرها. وجاءت البداية مبشرة للأحزاب الإسلامية لاسيما أن تصريحات بعض قادتها وأقطابها تفاعلت بعمق ووعي مع تركيبة المجتمع المصري وهي التركيبة التي نالها التغيير بعدما اندفعت فئات جديدة إلي صدارة المشهد منذ ثورة 25 يناير إضافة إلي تسويقها لخطاب ديني مغاير يعبر عن روح الوسطية والاعتدال وكذلك برنامج لمعالجة التباطؤ الاقتصادي والاستقطاب السياسي وازداد التعلق ببعض هذه الأحزاب حين ابتعدت عن القضايا الشائكة. وانطلقت من مرجعية إسلامية تؤمن بثوابت وأصول الشريعة الإسلامية المعروفة بثرائها ونقائها وعدالتها ولكنها لا تمانع في الاختلاف والتشاور فيما يخص قضايا الوطن. غير أن هذه الأحزاب سارت في طريق متعرج وانقلبت علي وعودها بعدما أمسكت بمفاصل الدولة فسياسة حزب الحرية والعدالة وحلفائه قامت أحياناً علي مغازلة المعارضة لكن دون أن تلبِي أي من رغباتها. مأزق الأحزاب الإسلامية وكان بارزاً هنا الخصام واتساع الرتق بين الجناح الإصلاحي والمحافظ داخل هذه الأحزاب. خصوصاً حزب الحرية والعدالة وقدم الدليل علي ذلك انقسام الجماعة وحزبها بشأن اعتذار صلاح سلطان القيادي في التحالف الوطني لدعم الشرعية أو مبادرة حمزة زوبع المتحدث باسم الحرية والعدالة والتي دعا فيها إلي ضرورة فتح باب التفاوض مع الدولة والاعتذار للشعب المصري عن أخطاء الجماعة وأحداث العنف ضد الشعب ومؤسسات الدولة عقب عزل محمد مرسي. الأمر الذي قوبل باستهجان من صقور الجماعة وفي مقدمتهم عصان العريان وجهاد الحداد ومحمود عزت. أكد سعيد أن المشهد الراهن للأحزاب الإسلامية يفتح الباب واسعاً حول تساؤل رئيسي. ألا وهو: ما هي الأسباب التي تقف وراء أزمة هذه الأحزاب؟.. ثمة العديد من الأسباب أولها سعي هذه الأحزاب إلي الانفراد بالرأي. وصعوبة استيعاب المعارضة. إذن ثقافة السمع والطاعة هي التي تحكم البناء الفكري والتنظيمي لهذه الأحزاب وثانيها تخندق هذه الأحزاب حول أفكارها الخاصة وضيق رؤيتها إلي مادون المجتمع ودون الدولة الوطنية فذهبت علي سبيل المثال إلي طرح مفهوم الخلافة وهو تصور يوتوبي لما بعد الوطن لا ينسجم بالواقع. علي مقاس طموحاتها وراء ذلك أسهمت محاولات الأحزاب الإسلامية في تفصيل المشهد علي مقاس طموحاتها السياسية في تنفير قطاعات شعبية وسياسية منها. وبدا ذلك جلياً في الهيمنة علي الجمعية التأسيسية الأولي والثانية لوضع دستور 2012 ناهيك عن الاستحواذ علي أغلبية المقاعد النيابية في المقابل غلبت هذه الأحزاب البنية الفوقية التي تتعلق بالأيديولوجيا الجامدة ونسق القيم والأطر الفكرية الضيقة علي البنية التحتية التي ترتبط بالآثار الاقتصادية والاجتماعية المباشرة علي الجماهير لذلك خسرت هذه الأحزاب رصيداً وافراً من تعاطف الناس ذلك التعاطف الذي مكنها دائماً من الوجود في كل مشهد سياسي مهم إن لم تكن في الصدارة فعلي الأقل ضمن مكوناته الرئيسية لكن منذ يونيو الماضي لأول مرة يدخل الإسلاميون عموماً والإخوان علي وجه الخصوص في صدام ومواجهة خاسرة مع الشعب ففقدوا تعاطف الجماهير بعدما ظلوا لسنوات طويلة يروجون أنهم مضطهدون من جانب أجهزة الدولة من أجل كسف تعاطف شعبي اكتشف المصريون الآن أنه كان وهم وخدعة من جماعات لا تعرف إلا العنف لتحقيق أهدافها السياسية. بل كان المشهد الأغرب في مسار الأحزاب الإسلامية المصرية أنها حبست نفسها وتجاربها في دائرة صرراع مفرغة مع القوي المدنية إذ تصاعدت المعارك بينهما علي قضايا خلافية كان من الممكن تجاوزها مؤقتاً والالتفاف عليها ناهيك عن الدخول في جدل عقيم حول الهوية المصرية الإسلامية المحسومة سلفاً بدلاً من العمل علي ترسيخ البرنامج من خلال ممارسة قائمة علي الدفع بالعملية الديمقراطية وتطوير الاقتصاد وتحسين الظروف المعيشية وضمان التوازن بين سلطات الدولة. أما السبب الرابع فيعود إلي تعدي الإسلاميين علي أجهزة الدولة فكان الشك والريبة هو العنوان الأبرز بين الكيانات الإسلامية في عمومها وهياكل الدولة المؤسسية. ولذلك لم يكن غريباً تعدي بعض الإسلاميين علي بعض المؤسسات ومحاصرتها وبدا ذلك جلياً في محاصرة مدينة الإنتاج الإعلامي من قبل حازم أبوإسماعيل وأنصاره لتوجيه رسالة إلي الفضائيات التي يري أنها تنحاز ضد سياسات الرئيس مرسي إضافة إلي الاعتصام أمام المحكمة الدستورية العليا ومنع قضاتها من الدخول لمباشرة عملهم من قبل جماعة الإخوان وأنصارها وغيرها. خلافات الأحزاب الإسلامية وكأن خصومتها مع القوي المدنية وحدها لا تكفي فقد ذهبت الأحزاب الإسلامية تتنحار فيما بينها وثمة مؤشرات علي ذلك أولها الخلاف والخصام بين جماعة "الإخوان" وحزب النور ثاني أكبر الأحزاب الإسلامية ففي الوقت الذي كانت تميل فيه مواقف حزب النور ومصر القوية إلي الاعتدال والحوار والتسامح في كل القضايا الخلافية التي صنعتها جماعة الإخوان بدءاً بالإعلان الدستوري ومروراً بالجمعية التأسيسية للدستور وانتهاء بما حدث في 30 يونيو أبدي الحرية والعدالة وحلفاؤه في أحزاب الوسط والبناء والتنمية والوطن والشعب والعمل وغيرها خشونة بشأن التعاطي مع الأزمات السياسية والمجتمعية ناهيك عن محاولات الالتفاف عليها دون التأسيس لتفاهمات جديدة أو إجراءات تحول دون توغلها ومنع انفجارها. وربما كان موقف النور من تظاهرات 30 يونيو بمثابة طلقة بائنة بين الجماعة السلفية وأبناء عمومتهم في الحرية والعدالة وأرجعت قيادات حزب النور عدم مناصرة الإخوان ل"أسباب شرعية" لأن الصدام مع الشعب أو الجيش يعني دماء بلا فائدة سيسقط الرئيس بعدها لا محالة فضلاً عن الخسارة الدعوية في الشارع التي قد تمتد عقوداً. والواقع أن توتر العلاقة بين حزب النور الذراع السياسي للدعوة السلفية وجماعة الإخوان وحلفائها لم يكن وليد اللحظة إذ دب خلاف لا تخطئه عين بين الطرفين منذ رفضت الرئاسة إسناد مناصب رفيعة للتيار السلفي وكان ذلك رداً عملياً علي حزمة من المواقف السلفية المناهضة للإخوان بدأت مع إعلان الدعوة السلفية وحزب النور تأييد د.عبدالمنعم أبوالفتوح في الجولة الأولي من انتخابات الرئاسة ثم الاتصالات التي جرت بين نائب رئيس الدعوة السلفية والفريق أحمد شفيق مرشح الرئاسة في جولة الإعادة الأمر الذي أغضب الإخوان بشدة. في سياق متصل سعت جماعة الإخوان إلي إضعاف حزب النور ومصر القوية علي سبيل المثال فاختارت عماد عبدالغفور مساعداً لرئيس الجمهورية لشئون التواصل المجتمعي رغم أنه لم يكن مرشحاً من حزبه لهذا المنصب ناهيك عن إقصاء مصر القوية من أي مناصب قيادية وفي المقابل منح الرئيس مرسي حزب البناء والتنمية الذراع السياسي للجماعة الإسلامية امتيازات غير مسبوقة فجري أولاً الإفراج عن قيادات الجماعة ثم توسيع انخراطهم في الجهاز التنفيذي للدولة وكان أبرز معالم ذلك تعيين أحد قادتها محافظاً للأقصر قبل أن يستقيل تحت الضغط الشعبي لأهالي المحافظة والأرجح أن ثمة ما يجمع الإخوان والجماعة الإسلامية منذ القدم فجماعة الإخوان تري في الجماعة الإسلامية الفريق الشبابي المتحمس من الإخوان. الشاطر يلعب علي صعيد ذي شأن لعب خيرت الشاطر من وراء ستار دوراً واضحاً في إثارة القلاقل داخل حزب النور بدءاً بمحاولات تفكيك سيطرة ياسر برهامي علي الجناح الدعوي للحزب ومروراً بتعيين الشيخ سعيد عبدالعظيم نائب رئيس الدعوة السلفية عضواً لمجلس إدارة الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح الكيان الإسلامي الذي يديره الشاطر كما أن الشاطر لم يكن بعيداً عما كان يدور في حزب النور من خلافات وانقسامات تحت السطح قبل أن تظهر للعلن علي خلفية الصراع الذي نشب علي الانتخابات الداخلية للحزب في أكتوبر الماضي سنة ..2012 ويري البعض أن الشاطر سعي لتوظيف هذه الخلافات لصالح جماعة الإخوان وحلفائها وبدا ذلك في تشجيعه عماد عبدالغفور رئيس حزب النور السابق علي الانفصال ومساعدته في تأسيس حزب الوطن الذي تم الإعلان عنه في 1 يناير 2013 بعد استقالته من النور في 25 ديسمبر 2012 ومعه ما يقرب من 150 من قادة الحزب الفاعلين الذين كانوا يعتبرون أنفسهم جبهة الإصلاح داخل الحزب. صحيح أن استقالة عبدالغفور ويسري حماد ومحمد نور وغيرهم جاءت رداً علي ما اعتبروه تدخل قيادات الدعوة السلفية في العمل الحزبي إلا أن السبب الرئيسي وراء الاستقالة هي رغبة هذه القيادات في توثيق عري التحالف مع جماعة الإخوان في الوقت الذي أصر فيه ياسر برهامي ويونس مخيون وغيرهما علي المحافظة علي الخطوط الفاصلة مع جماعة الإخوان وحزبها خصوصاً أن سياسات الجماعة لم تلق رضا قطاع واسع من قيادات الدعوة السلفية وكذلك حزب النور. كان ياسر برهامي قد ألمح إلي هذا الدور في تصريح له منتصف أغسطس 2012 حينما قال: إن جماعة الإخوان المسلمين حاولت مراراً وتكراراً اختراق حزب النور والدعوة السلفية وإسقاطها بواسطة سعيد عبدالعظيم وعماد عبدالغفور واعتبرهما خوارج علي الدعوة والحزب. الخصام والأرجح أن الخصام بين حزب النور الذي يمثل الوعاء الأكبر للتيار السلفي وحزب مصر القوية من جهة وجماعة الإخوان وحلفائها من جهة أخري قد نال ما نال من صدقية التيارات الإسلامية وأفقدها ما تبقي من تعاطف لدي الجماهير غير الإخوانية والسلفية أو حتي غير المؤدلجين سياسياً خصوصاً مع إصرارهم علي النهج الأيديولوجي الذي يغفل الاهتمام بالاقتصاد والسياسة. تناحر الداخل ألقت الصراعات داخل الأحزاب الإسلامية ذاتها بظلال سلبية علي مستقبل هذه الأحزاب. وتماسكها الداخلي فقد شهد حزب مصر القوية موجة استقالات جماعية نهاية أغسطس الماضي علي خلفية تصريحات متعاطفة للدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح مع جماعة الإخوان المسلمين وهجومه بشكل مبالغ فيه علي الجيش عقب فض اعتصامي رابعة والنهضة. أما حزب الحرية والعدالة فقد شهد هو الآخر سلسلة من الاستقالات غير المعلنة إعلامياً فعلي سبيل المثال استقال ما يقرب من 112 عضواً في البحر الأحمر اعتراضاً علي إراقة الدماء بين المسلمين مؤكداً أن بعضهم اعترفوا بخطئهم حين انضموا لجماعة الإخوان المسلمين وحزب الحرية والعدالة الذراع السياسية للإخوان المسلمين إلي جانب معاناة الحزب من أزمة غير مسبوقة مع شبابه اعتراضاً علي أداء الجماعة منذ رحيل د.مرسي فظهرت جماعة الإخوان بلا عنف ثم حركة شباب الإخوان المنشقين وتحالف شباب الإخوان المنشق ولم تكن الأزمة مع الشباب هي الأولي من نوعها فقد سبقها سلسلة طويلة من الأزمات في وقت سابق. سيناريوهات المستقبل تقف الأحزاب الإسلامية اليوم علي مفترق طرق خصوصاً بعد اتهام السلطة الانتقالية الحالية لبعض هذه الأحزاب باللجوء للعنف وإصرارها علي حمل السلاح في وجه الدولة والأرجح وفقاً لدراسة أكرم سعيد أن العمليات المسلحة التي تدور رحاها اليوم في سيناء وكذا محاولة اغتيال وزير الداخلية قد أتت لتزيد من الضغط علي أعصاب التيارات الإسلامية وكرست صورة نمطية سلبية لها داخل المجتمع المصري. وفي ظل حالة الارتباك والغموض التي تسيطر علي أبناء التيارات الإسلامية بشأن اتجاهات حركتهم في المستقبل وهناك عدة سيناريوهات عن مستقبل أحزاب الإسلام السياسي أولها: عودة تيارات الإسلام السياسي إلي العمل الدعوي مجدداً ومغادرة الساحة السياسية وهذا السيناريو يعيدها إلي أصلها الأول حين نشأت في الأساس كدعوات تربوية إسلامية تهدف إلي تعبد الناس لربهم وهداية الخلق إلي الحق. وهذا السيناريو يمكن أن يجنبها الصدام مع الدولة وأجهزتها. المعايير القانونية فيما يرتبط السيناريو الثاني بممارسة العمل السياسي عبر الكيانات الحزبية التي تم تأسيسيها عقب ثورة 25 يناير شريطة الالتزام بالمعايير القانونية التي يفرضها الدستور والقانون وهذا السيناريو ربما هو الأقرب للتحقق خصوصاً أن التيارات الإسلامية نجحت من خلال هذه الأحزاب في الظهور علي السطح وتوديع العمل السري. ثم السيناريو الثالث وهو أن تقوم هذه التيارات بممارسة العمل السياسي عن بعد أي يظل حضورها في الحقل العام مقصوراً علي إعلان قادتها موقفهم تجاه بعض القضايا والأحداث عبر الإنترنت بالأساس إلي جانب إصدار بعض البيانات. أما السيناريو الرابع فهو العودة للعنف التقليدي أو استحداث بدائل جديدة للعنف ورغم أن هذا السيناريو ربما تكون احتمالات تحققه ضعيفة إلا أنه لا يمكن إغفاله بعد تصاعد الخطاب الإقصائي للتيارات الإسلامية وإصرار البعض علي اجتثاث جذور الإخوان ووضع الجماعة وحلفائها ضمن التنظيمات الراعية للإرهاب ثم حظر تأسيس الأحزاب علي أساس ديني ومحاولة تفكيك تلك الأحزاب ثم الاتجاه بقوة إلي حل الجماعة وحظر نشاطها انتكاسة ومأزق في الأخير فإن الأحزاب الإسلامية علي اختلاف اتجاهاتها وتوجهاتها السياسية يبدو رصيدها التقليدي معرضاً للتآكل نتيجة الفشل في إدارة المشهد السياسي طوال العام الماضي وتعميقها حالة الاستقطاب المجتمعي. وأيضاً التناحر السياسي فيما بينها أو داخلها يقف حجر عثرة أمام التحايل والالتفاف علي واقعها المأزوم. لذا فهي تعيش انتكاسة ومأزق يصعب تجاوزه. لكن تبقي الدعوة إلي حل هذه الأحزاب رغم أخطائها الاستراتيجية يجعل السؤال هل الحظر أو الاستيعاب هو الحل؟