كشفت أزمة حزب «النور» الأخيرة عن مدى التشرذم الذى يعانى منه التيار السلفي، على عكس جماعة الإخوان المسلمين التى تتميز بالتنظيم والعمل تحت قيادة موحدة. «فيتو» انفردت بتفاصيل الخلاف الذى دب داخل صفوف حزب «النور»، وأدى إلى استقالة عدد كبير من أعضائه، وعلى رأسهم رئيس الحزب الدكتور عماد عبدالغفور- مساعد رئيس الجمهورية- وأكدت مصادرنا أن أزمة «النور» ليست وليدة اللحظة، لكنها ممتدة منذ الانتخابات الداخلية للحزب، التى قامت على إثرها الهيئة العليا بإقالة الدكتور عماد عبدالغفور، وكان السبب فى ذلك الخلاف الحاد بين الدعوة السلفية والهيئة العليا للحزب، ومحاولة مجلس إدارة الدعوة السلفية السيطرة على الحزب، على غرار مكتب الإرشاد المسيطر على حزب «الحرية والعدالة»، وهذا مالم يرتضيه عبدالغفور. وبحسب المصدر، كان المهندس خيرت الشاطر- نائب المرشد- وبعض قيادات الإخوان يستشعرون بالخطر من تنامى دور الدعوة السلفية بشكل عام، وحزب «النور» المنبثق عنها بشكل خاص، وعند حدوث الأزمة تدخل الشاطر، ليس من أجل الحل، ولكن لتأجيج الخلاف والشاطر كان حريصا على إبقاء الوضع بين حزب النور والدعوة السلفية على صفيح ساخن، لكنه لم يكن يسمح- فى الوقت ذاته- أن ينتصر فريق على الآخر، من منطلق»فرق تسد». المصدر كشف أن الشاطر فى أحد لقاءاته قال بالحرف الواحد: «إن السلفيين هم البديل الأكثر جدية أمام المواطن البسيط، بعد وصول الجماعة للحكم، بالاضافة إلى أن مدرسة الدعوة وذراعها السياسية «النور» أكثر التيارات السلفية تنظيما وعددا، ويمثل أكبر تيار يمكنه الوقوف أمام الإخوان، أما بالنسبة للتيار المدنى، فإنهم يراهنون على التيار السلفى، ليس حبا فيه، ولكن كى يجدوا حليفا بمرجعية إسلامية فى حربهم ضدنا». وبناء على ذلك تم اتخاذ القرار لتوسيع هوة الخلاف بين الدعوة السلفية وحزب «النور»، مع حفاظ الإخوان على العلاقة الطيبة مع جميع الفصائل السلفية، لذلك تدخل الشاطر لاحتواء الأزمة ظاهريا، مع الابقاء على النار تأكل الهشيم فى الخفاء، حتى يتم الانتهاء من إقرار الدستور الاخوانى، كى يضمن الإخوان مساندة السلفيين لهم فى الجمعية التأسيسية. وظل الشاطر يلعب الدور الذي يقرب بين السلفيين والاخوان، ويزيد الهوة بين السلفيين بعضهم البعض، لدرجة انه كان يجتمع بأعضاء التأسيسية التابعين للدعوة السلفية مثل ياسر برهامى منفردا، واعضاء التأسيسية التابعين لحزب «النور» فى وقت آخر، للتباحث حول مواد الدستور، ثم كان يقوم اتباعه بتسريب أخبار هذه الاجتماعات كى يغضب كل طرف من الآخر. وظل الوضع حتى تم الانتهاء من تمرير الدستور، وحان وقت الاستعداد للانتخابات البرلمانية، التى تعتبر بالنسبة لجماعة الاخوان المسلمين بمثابة الحرب مع التيارات الاخرى حتى الاسلامية منها، اذ تخطط الجماعة للحصول على الاكثرية داخل البرلمان، كى تستطيع تمرير ماتراه من قوانين. وبعد اعلان الموافقة على الدستور بنسبة 63.8% عرض الاخوان على حزب «النور» الدخول فى تحالف انتخابى، إلا أن «النور» وبعض قيادات الدعوة السلفية كانوا يريدون خوض الانتخابات المقبلة بقوائم منفردة، كى يستغلوا حالة كراهية الشارع المصرى للاخوان المسلمين، ويتمكنوا من الفوز بأكبر عدد من المقاعد، ويرون ان دخولهم فى تحالف اخوانى يقلص عدد المقاعد السلفية، وبالفعل تم الاتفاق داخل الحزب على هذا السيناريو. وفى مفاجأة من العيار الثقيل كشف المصدر أن جواسيس «الشاطر» داخل حزب «النور» والدعوة السلفية قاموا بتسريب تفاصيل الاتفاق، فاستشعر الشاطر وقيادات الجماعة وحزب «الحرية والعدالة» الخطورة، خصوصا فى ظل رفض الجماعة الاسلامية وحزبها «البناء والتنمية» الدخول فى تحالف انتخابى معهم فكان القرار «تفجير» حزب «النور» من الداخل. وبعد مفاوضات واجتماعات توصلت الجماعة إلى ضرورة الابقاء على احد طرفى النزاع، وهما حزب «النور» او الدعوة السلفية، وكان قرار «الشاطر» هو الابقاء على الدعوة السلفية، لوجود عدد كبير منهم حلفاء للشاطر، وعلى رأسهم «ياسر برهامى»، وايضا لان الشاطر لا تربطه علاقة ود بعماد عبدالغفور، فقد كان الشاطر معترضا على تعيين عماد مساعدا للرئيس من الأساس. المصدر قال: إن الشاطر يعلم جيدا طبيعة العلاقة المتوترة بين ياسر برهامى وعماد عبدالغفور، كما يعلم أيضا مدى الخلاف بين نادر بكار- المتحدث الرسمى للحزب- مع عبدالغفور بسبب العلاقة الطيبة بين عبدالغفور ومحمد نور المتحدث الرسمى الآخر للحزب. قام الشاطر بالاستعانة ببكار لخبرته فى هذه المسائل بحكم قربه من جهاز أمن الدولة المنحل، وقام الشاطر بتقريب بكار منه، كما استغل علاقته الطيبة بياسر برهامى، حيث كانت تجمعهما لقاءات عديدة للاتفاق على إقناع مجلس الدعوة السلفية ومجلس شورى العلماء بالموافقة على مشروع الدستور الذى كانوا يرونه مخالفا للشريعة الاسلامية، ولكن بفضل «تظبيط» الشاطر لبرهامى، استطاع الأخير إقناع الباقين، وهذا ما ظهر فى الفيديو الذى تم تسريبه، وفضح المؤامرة التى تمت داخل الجمعية التأسيسية. وبالفعل نجح مخطط الشاطر، وضغطت الدعوة السلفية على عبدالغفور وجبهته وتم تنحيتهم جانبا، ولم تأخذ برأيهم فى اى شىء، لدرجة انهم هددوا عبدالغفور بعدم السماح له بدخول مكتبه بمقر الحزب، والضغط إعلاميا- عن طريق القنوات الاسلامية والعلمانية- لتجريده من منصبه فى مؤسسة الرئاسة وتحويله ل«نكرة» اذا لم يقم بتقديم استقالته، وامام هذه الضغوط لم يجد عبدالغفور حلا إلا تقديم استقالته والانسحاب فى سلام.