الحج فريضة من الفرائض التي شرعها الإسلام رغبة في دعم البناء الاجتماعي بين المسلمين من خلال التعارف بين مختلفي الأجناس وتحصيل المنافع للجميع. وأسهم علماء الفقه الإسلامي في توضيح الواجبات علي المؤدي للفريضة حتي يتمكن من النجاح في إنهاء الشعيرة بالقبول.. مخافة أن يكون ممن أرهق نفسه وأضاع ماله ولم يكتب له من حجة سوي التعب والنصب. علماء الدين شرحوا الأصول والقواعد التي أقرها التشريع الإسلامي لأجل التيسير علي حجاج بيت الله الحرام حيث أوضحت الدكتورة مهجة غالب عميد كلية الدراسات الإسلامية والعربية بنات بجامعة الأزهر أن الإسلام يسعي في دائرة المحافظة علي البشر ورفض أي عبادات أو تشريعات تؤدي إلي المساس بسلامة البشر. وفقاً لقاعدة الإنسان قبل البنيان. وحديث: الآدمي بنيان الرب ملعون من هدمه. لذلك يجب أن تكون جميع توجهات الفقهاء والعلماء دائرة في ذلك المجال تيسيراً علي المؤدين للفريضة. مطالبة الحجاج الابتعاد عن أكشاك الفتاوي التي تسهم في تعقيد الأمور التي ورد النص عليها في أداء الفريضة ولكن الالتزام بها يؤدي إلي وقوع ضرر كبير. مما يجعل المفتي ينتقل إلي قاعدة إزالة الضرر. وهذه الإزالة تكون بمواجهة أسبابه. وتفعيل مفهوم ارتكاب أخف الضررين. وقاعدة حقوق الله مبنية علي التسامح. رخصة إلاهية ضربت د.مهجة مثلاً بالمبيت بمزدلفة مؤكدة جواز ترك المبيت بمزدلفة للحاج خاصة في الأوقات الحالية التي كثر فيها أعداد الحجيج كثرة هائلة. ويدعم الاستناد إلي جواز ترك المبيت بمزدلفة اعتبار عدد من الفقهاء تلك الشعيرة أنها سنة. واكتفي بعض المالكية بإيجاب المكث في مزدلفة قدر ما يحظ الحاج رحلة ويجمع المغرب والعشاء. حتي القائلين بوجوب المبيت بمزدلفة فإنهم يسقطونه عند وجود أعذار كحفظ النفس من الخطر أو توقعه. والزحام الشديد الذي عليه الحج في زماننا وتحصل بسببه الإصابات والوفيات رخصة شرعية في ترك المبيت في مزدلفة عند الموجبين له. أوضحت عميدة الدراسات الإسلامية بنات أن روح التسامح في الفتاوي جاءت استنباطاً من المنهج النبوي حيث رخص النبي عليه الصلاة والسلام: للرعاة في عدم المبيت بمزدلفة من أجل رعي أنعامهم. ورخص لعمه العباس رضي الله عنه ترك المبيت بمزدلفة من أجل سقايته. وبالتالي فإن الزحام الشديد المؤدي إلي الإصابات والوفايات الناجم عن كثرة الحجاج عاماً بعد عام مع محدودية أماكن المناسك أولي في التماس الاعذار والتيسير علي الحجيج بترك المبيت مخافة الإصابات والوفيات. لا للجدال أشار الدكتور أسامة العبد رئيس جامعة الأزهر إلي أن التيسير علي الحجاج يأتي بقصر العبادة علي الطاعة والتجرد من رغبات الحياة الدنيا والتوجه إلي المولي سبحانه بالإخلاص دون اصطحاب الحياة الدنيا وما فيها من جدال وشقاق في الجانب السياسي أم الجانب المالي فالإسلام حرص أن تكون هذه الشعيرة خالصة لله تعالي وعدم الوقوع في المخالفات والممارسات الخاطئة. مبيناً أن التيسير هو شعار تلك الفريضة رافضاً مناهج التشديد في الحصول علي الآراء الشرعية ضارباً المثال بجواز رمي الحاج للجمرات طوال اليوم تخفيفاً علي الحجاج في حالات الزحام الشديد وفقاً لقاعدة أن المشقة تجلب التيسير. مقاصد شرعية أضاف أن التيسير الذي يجب العمل به لرفع المشقة جواز سعي حجيج بيت الله في المسعي الجديد الذي أنشأته الحكومة السعودية بغرض توسعة مكان السعي بين الصفا والمروة لتأكيد آيات القرآن الحكيم أن كل ما كان بين الجيلين مكان للسعي. فالآيات أطلقت ولم تخص محلا دون محل مما هبين الجيلين. والسعي الجديد واقع بين الجيلين. فحصول ركن السعي وتمامه وكماله يكون بقطع كامل المسافة بين الصفا والمروة. كما أوضح العبد أن التيسير الذي يجب الالتزام به للحجاج ترك المبيت بمني لأصحاب الأعذار من الضعفاء والمرضي من الرجال والنساء وجواز التوكيل عنهم في رمي الجمرات. لأن المبيت بمني وإلزام الحاج به مع أعمال الحج الأخري يزيد من إجهاده وضعفه. ويجعل الجسم في أضعف حالاته إضافة إلي ذلك ما نزل بالناس في هذه الأيام علي المستوي العالمي من انتشار للأوبئة والأمراض الفتاكة التي يسهل انتقالها غير التجمعات البشرية المزدحمة مما يجعل جسم الإنسان أكثر عرضة لالتقاط الأمراض والعدوي بها. وأكثر الناس تضرراً بذلك وضعفاً علي احتمله هم النساء والمرضي والأطفال والضعفاء فالأنسب أن يأخذ هؤلاء حكم من رخص لهم ترك المبيت بمني خاصة أن المبيت ليس من أركان الحج عند جميع المذاهب المتبعة فمن الحكمة مراعاة أحوال الناس في أدائهم لمناسك الحج بحيث نجنب الحجيج ما قد يصيبهم من أمراض وأوبئة. فالمحافظة علي النفس من المقاصد المهمة للشريعة وأنه إذا تعارضت المصالح والمفاسد فإن من المقرر في قواعد الفقه أن درء المفاسد مقدم علي جلب المصالح. وإذا كان هناك تعارض بين المصالح وفق بينهما. وإلا قدم أعلاها علي حساب أدناها وكما أن نفس المؤمن تتوق دائماً إلي أداء فريضة الحج. إلا أن الله قد جعل ذلك لمن استطاع إليه سبيلا. ومن التيسير الشرعي التوكيل في الرمي لأهل الأعذار من المرضي أو من يخاف علي نفسه أو ماله. أو كان يتعاهد مريضاً أو ما ينبغي تهيئته للحجيج.