** تنظم جريدة الجمهورية رحلة لأوائل الثانوية العامة منذ عام 1968 لتكريم الطلاب المتفوقين علمياً وإطلاعهم علي حضارات الدول الأوروبية والتحاور مع أبناء ثقافات أخري ومشاهدة أهم المعالم السياحية فهي رحلة علمية وثقافية وترفيهية لقادة مستقبل مصر. وطوال 45 عاماً تعددت الرحلات ما بين انجلترا وفرنسا وألمانيا والنمسا واليونان وغيرها.. وكانت رحلة هذا العام إلي إيطاليا. تجول الطلاب خلال 10 أيام في مدنها وعادوا يحملون الكثير من الخبرات ومن الذكريات والأفكار التي يريدون تطبيقها في بلدهم حتي يروها في مصاف الدول الكبري لأنهم اكتشفوا هناك أن مصر بالفعل كبيرة بحضارتها وتاريخها العريق وأيضا بحاضرها حيث يهتمون في ايطاليا بما يحدث علي ضفاف النيل. سافر 34 طالبا وطالبة من الذين يحتلون المراكز ال 10 الأوائل في الأقسام الثلاثة "علمي علوم ورياضة وأدبي" بالاضافة إلي الطالب الأول عن المكفوفين "أحمد جمال" الذي حاز علي حب واحترام الجميع. زار الأوائل 4 مدن بدأت بالعاصمة روما والفاتيكان ثم فلورنسا مدينة الفن التي انطلق منها عصر النهضة ويعتبرها الايطاليون عاصمة أوروبا الثقافية ثم زار الطلاب مدينة فينيسيا الغارقة "البندقية" وانتهي بهم المطاف في ميلانو وهي من أهم المراكز الاقتصادية في العالم. واجهت رحلة هذا العام صعوبات هددت انطلاقها بسبب الظروف التي تمر بها البلاد كانت هناك عقبة في الحصول علي تأشيرات الدول الأوروبية ويبدو أن الموقف السياسي انعكس سلبيا علي الأوائل.. أيضا كانت هناك مشاكل في التمويل.. ولولا توفيق الله وإصرار جميع الزملاء بالجمهورية علي استمرار الرحلة ولولا جهود رئيس التحرير واتصالاته خاصة بالقنصلية الايطالية ولولا مساندة رئيس مجلس إدارة مؤسسة دار التحرير ومساهمات شركات وجهات وعلي رأسها وزارات التعليم والطيران المدني والخارجية والداخلية لتعثرت الرحلة التي يتمناها كل طالب بالثانوية ويحلم بها. ولا نجامل إذا قلنا إن رحلة "الجمهورية" السنوية للأوائل هي أحد الأسباب التي تحث الطلاب علي التفوق في امتحانات الثانوية العامة باعتبارها الجائزة الكبري. أمل مصر .. ومستقبلها ** حينما استقبل السفير عمرو حلمي أوائل الثانوية في مقر السفارة المصرية بروما قال لهم "أنتم أمل مصر ومستقبلها" وهم كذلك لأننا لن نتقدم إلا بسواعد وعقول أبناء الوطن خاصة الشباب المتفوق الذي يأخذ العلم سلاحا لتحقيق النهضة. دار حوار بين السفير والأوائل تناول مصر وأحوالها ورؤيته للأوضاع داخليا وخارجيا.. سألوه عن تجاربه في الدول التي عمل بها.. ناقشهم في أفكارهم وطالبوه بأن تأخذ السفارة ملمحا مصريا فمثلا سفارتنا في برلين مبناها علي شكل معبد فرعوني ومن يراها من بعيد يتعرف عليها ويجزم إنها سفارة مصر. للعلم السفير المصري في إيطاليا هو نجل المرحوم الدكتور مصطفي كمال حلمي رئيس مجلس الشوري السابق وهو خلوق مثله يتعامل بأدب جم. كما إنه مثقف وله مؤلفات وزع بعضها علي الطلبة الذين سيتجهون للعمل في السلك الدبلوماسي. بيت ثقافة مصري في روما ** وسط حدائق بورجيزي الشهيرة في روما توجد الأكاديمية المصرية للفنون وهي بالفعل بيت ثقافة متكامل يقدم مصر إلي أوروبا كلها.. وعلي بعد خطوات من مبني الأكاديمية الرائع يوجد تمثال لأمير الشعراء أحمد شوقي كأحد أهم اعلام الأدب والفكر في العالم. توجد في إيطاليا 17 أكاديمية منها المصرية وهي الافريقية والعربية الوحيدة ويعود الفضل لانشائها إلي شاب مصري ذهب يدرس الفنون في روما عام 1929 فوجد إيطاليا تسمح بانشاء هذه الأكاديميات فأرسل إلي الحكومة المصرية وللخديو وبالفعل استجابوا له وكان هذا الشاب هو الفنان الكبير راغب عياد أحد رواد الفنون التشكيلية في العصر الحديث. في عام 1965 تم افتتاح الأكاديمية في موقعها الحالي في بورجيزي وبعد عام تم وضع تمثال أمير الشعراء الذي صنعه الفنان جمال السجيني وأصبح من معالم هذه المنطقة المهمة ثقافيا في إيطاليا وأوروبا. بيت الثقافة المصري "الأكاديمية" مديرته الأن سيدة لأول مرة وهي الدكتورة جيهان زكي أستاذة وخبيرة الآثار التي تتميز بأنها شعلة من النشاط تعشق مصر وحضارتها وتخطط لتحويل الأكاديمية إلي منارة للفنون والآداب المصرية.. وتتحدث بحماس شديد عن برامج طموحة يشارك فيها أطفال وشباب مصر وتدعو إليها طلاب المدارس الايطالية فهي تعمل للغد وتريد ربط الثقافتين وتنشر كل الفنون المصرية من سنيما وشعر ورسم ونحت وتصوير وحتي الملابس الشعبية أقامت لها معرضا استوحي منه أصحاب بيوت الأزياء العالمية تصميماتهم. الأكاديمية المصرية للفنون بروما تم تجديد مبانيها مؤخرا لتكون علي أحدث طراز وتضم مكتبة كبيرة وصالة سينما وقاعات معارض ومسرح ولأن المديرة أثرية فهناك جناح لعرض الآثار ويبدو أن هناك عوائق في عرض الآثار الأصلية ويمكن التفكير في الاستنساخ أو نماذج مقلدة. كما تقام ورش عمل ودورات تدريبية في مجالات عديدة للأطفال الايطاليين حيث يبدو مبني الأكاديمية كخلية نحل.. وهو مكان يفخر به كل مصري هنا وهناك حيث يعاون مديرته مجموعة متميزة من الشباب المصري من الجنسين يسعون لتحويله إلي مركز اشعاع للحضارة والفنون المصرية في أوروبا. ** ألا يجعلنا كل ذلك نفخر بوطننا وبشباب فنترك ما نحن فيه من خلافات ومشاحنات وننظر للمستقبل ونضع أيادينا معا ونعمل لبناء هذا البلد الذي شوهنا صورته ويعرف قدره العالم.. وللأسف لا نعرف عنه شيئا حتي يكاد يضيع منا لأننا لا نستحقه؟!