خيمة كثيفة من الدخان الأسود والرماد تظلل محافظة القليوبية بسبب انتشار مكامير الفحم علي أطرافها وداخل القري المكتظة بالسكان. مع الانفلات الأمني تضاعفت أعداد تلك المكامير حتي وصلت إلي 400 مكمورة تصدر الأمراض لسكان القاهرة الكبري وتسببت أدخنتها في مئات الحوادث علي الطرق السريعة والبطيئة بسببها اختفت عشرات الآلاف من الأشجار المثمرة والنادرة والمعمرة وأجبر الأهالي علي ترك منازلهم خشية الاصابة بالأمراض الرئوية دون أن تحرك استغاثاتهم ساكناً للمسئولين بمحافظة القليوبية أو وزارة البيئة. يقول فهمي العطار فلاح : أولادي الأربعة أصيبوا بحساسية الصدر وكل أسبوع أتوجه بهم للمستشفي التخصصي ببنها للعلاج بسبب انتشار المكامير وأمام تجاهل المسئولين قمنا بعمل وقفات احتجاجية أمام محافظة القليوبية بلا جدوي بسبب ان بعض أصحاب هذه المكامير يعملون في مجلس مدينة طوخ وعندما نقوم بالشكاوي ضدهم يتم إهمالها واخفاؤها عن المسئولين. علي العطار فلاح يؤكد انه لا يمر أسبوع إلا وتقع حادثة علي الطريق بسبب الأدخنة الكثيفة وعدم الرؤية الجيدة للسائقين وقد أصيب حفيدي في حادثة سيارة أدت إلي كسر ساقه وتقدمنا بالعديد من الشكاوي للمسئولين ولم نجد سوي الوعود الزائفة لذلك نطالب بإزالة المكامير الموجودة علي خط 12 طريق بنها الزراعي لانها مقامة علي أملاك دولة وتخضع لوزارة الري وتسبب اعاقة كبيرة للطريق الزراعي وتوقفه لساعات طويلة نتيجة عملية تنزيل الأخشاب المحملة علي السيارات العملاقة وكذلك تحميل الانتاج من الفحم. القضاء علي الخصوبة وتضيف نجلاء يحيي ربة منزل : المكامير تسببت في اختفاء أشجار الموالح التي تشتهر بها القرية فأصبحت الأشجار جافة سوداء الأوراق من الأدخنة وأصابت الماشية بالأمراض التي تقضي علي خصوبتها وإجهاضها. ويقول محمدرضا موظف : أنا متزوج منذ 6 سنوات ولديّ طفلة تعاني من ضيق في التنفس وتخضع للعلاج منذ سنتين ومعظم أهالي القرية مصابون بحساسية الصدر حيث يرفض أصحابها نقلها لأماكن أخري أو تعديل النشاط نظراً لما تحققه هذه المكامير من أرباح خيالية تصل ل 70 ألف جنيه شهرياً للمكمورة الواحدة ومعظمهم لديه أكثر من مكمورة وأثناء الليل تكون المنطقة والمساكن مملوءة بالدخان الأسود وأحيانا تحدث اختناقات للسكان فيقوم الأهالي بمناشدة أصحاب المكامير بعد أذان المغرب عن طريق ميكروفونات المساجد لإيقاف العمل لفترة حتي يستطيع السكان التنفس ثم يعاودون العمل مرة أخري "ولا حياة لمن تنادي". المكسب السريع ويضيف عبدالرحمن علام مدرس : قدمنا العديد من الشكاوي للمسئولين ونتج عنها صدور القرار رقم 7 لسنة 2012 باستمرار حظر تشغيل مكامير الفحم في نطاق المحافظة ولم يتم التنفيذ الفعلي واستمر أصحابها في القاء مخلفات المكامير في الترع وتلويث مياه الشرب والري والغريب في الأمر عند محادثة صاحب أي مكمورة يرد علينا "اللي يموت يموت واللي يعيش يعيش" لاننا نقوم بصناعة تدر عملة صعبة للبلد وتوفر فرص عمل لكثير من شباب القرية. الدكتور سعد الصباحي استشاري الصدر والحساسية يقول: عملية حرق الأخشاب ودفنها تحت الأرض بمعزل عن الهواء لاستمرار عملية الاشتعال عن طريق التقليب المستمر لانتاج الفحم خطر علي حياة العمال وسكان المنطقة لما ينتجه من غاز أول أكسيد الكربون السام ونقص الأوكسجين الذي يسبب تضخم الرئة وتليفها وقصوراً في وظائفها يصل إلي السرطان ويؤدي إلي الوفاة خاصة الحالات ضعيفة المناعة وهناك درجة أقل وهي حساسية الصدر وربو شعبي ويصاب بها نسبة كبيرة من الأطفال وهناك بعض الحالات تصاب بتضخم في الغدد الليمفاوية وسرطان الكبد والمثانة وهبوط في الدورة الدموية. وبمواجهة عبدالحكيم القاضي رئيس مجلس مدينة طوخ والتي تقع في دائرته قرية أجهور الكبري أكد ان محافظ القليوبية أعد دراسة لحل هذه المشكلة بالتعاون مع مجلس مدينة شبين القناطر ومجلس مدينة القناطر الخيرية وجهاز شئون البيئة والشرطة وذلك لتطوير عمل هذه المكامير وتطبيق فكرة الفرن الأوكراني بمواصفات معينة يراعي بها الاشتراطات البيئية لتقليل التلوث الناتج عن عملية الاحتراق وقد أوصينا بنقل تلك المكامير خارج الكتلة السكانية وبالفعل قامت المحافظة بتخصيص 35 فداناً للمشروع بالخانكة وتقوم الآن إدارة البيئة بمجلس المدينة بعمل محاضر مخالفات لإنبعاث أدخنة ضارة بالسكان ويتم التفتيش بصفة دورية علي هذه المكامير وأقل مكمورة لها 6 محاضر وصدر لهم قرارات بإيقاف العمل وتوقيع غرامات مالية تصل إلي 20 ألف جنيه للمكمورة الواحدة لعدم التزامهم بالايقاف مؤكدا ان الحل الأمثل والجذري لهذه المشكلة يكمن في نقل جميع المكامير الموجودة بالقري إلي منطقة الظهير الصحراوي بالخانكة.