في اكتوبر عام 2010 قررت الإدارة الأمريكية انهاء عمل سفيرتها في باكستان آن باترسون لتعود إلي واشنطن لتمكث عدة أشهر. وألمح الخبراء بالشئون الامريكية إلي أنها عكفت خلال الفترة علي دراسة الملف المصري. فقد كانت الإدارة الأمريكية تعدها لمهمة خاصة تتمثل في التعامل مع التيارات الاسلامية التي تصدرت المشهد بعد ثورة 25 يناير 2011. بعد أن اكتسبت خبرة كبيرة في التعامل مع الاسلاميين في باكستان خلال فترة 3 سنوات "2007 2010" وتم بالفعل تكليف باترسون ببدء العمل في أول مارس 2011 أي بعد قيام الثورة ب 35 يوماً فقط. والتحليلات البسيطة تقودنا إلي أن اختيار باترسون بدأ قبل الثورة بثلاثة أشهر مما يكشف أن الإدارة الأمريكية كانت لديها تقديرات مسبقة أو بالأحري معلومات عن تحركات شعبية مصرية للتغيير السياسي بعد فترة جمود طويلة امتدت اكثر من 30 عاما. وقد شاركت الإدارة الأمريكية في تحريك هذا الجمود بضخ مئات الملايين من الدولارات قبل الثورة وبعدها وتوجيهها إلي 600 منظمة مصرية دون علم القنوات الرسمية المصرية تحت المظلة المشبوهة "مبادرة دعم الديمقراطية". واختيار السفيرة باترسون لم يكن مصادفة بل جاء استجابة لتقرير مجلس الاستخبارات القومي الأمريكي حتي عام 2015 الذي توقع "أن يصبح الاسلام السياسي علي اختلاف أشكاله. بديلاً يشد انتباه ملايين المسلمين في منطقة الشرق الأوسط وأن تواصل الجماعات الأصولية تحريك القوي السياسية والاجتماعية". وقد صدقت التوقعات وتصدر الإسلاميون المشهد في تونس ومصر وليبيا. وقد ارتكبت باترسون عدة تجاوزات بإجراء اتصالات بشخصيات بعينها. والقيام بزيارات داخلية دون اذن الخارجية المصرية وهو ما يخالف الأعراف الدبلوماسية المتفق عليها دولياً. وأغرب هذه المواقف زيارتها لوزير العدل فيما يعد تدخلاً سافراً في الشئون الداخلية المصرية. خاصة وأن الزيارة جاءت في أعقاب التحقيق مع 17 منظمة مصرية وأجنبية في اتهام الحصول علي أموال من جهات خارجية من دون ترخيص من الحكومة. وقد أثارت حفيظة المصريين بممارسة ضغوط شديدة لتهريب الأمريكيين الذين كانوا يحاكمون في نفس القضية. ومن أغرب المواقف لباترسون تصريحاتها لصحيفة معاريف الإسرائيلية والتي جاء فيها "أن عودة اليهود من الشتات ومن كافة بلدان العالم الي أرض الموعد من النيل الي الفرات صار وشيكاً وأنه سيتم خلال العام ..2013 وقد لعبت دوراً محورياً حقق لشعب الله المختار النبؤات. وأن المصريين لن يمانعوا في عودة اليهود بل سيتوسلون إليهم لكي يعودوا إلي مصر وينتشلونهم من الفقر والمجاعة بعد إعلان إفلاس مصر الموشك والمتوقع خلال نفس العام". ورغم نفي الخارجية الأمريكية والسفارة في القاهرة لهذه التصريحات. إلا أنها تتفق وتتناسق مع مواقف وأفكار باترسون الذي زارت حائط المبكي في القدسالمحتلة وأعلنت في أكثر من مناسبة ولاءها لليهود ومعتقداتهم. كل هذه المواقف والتصرفات كان تستدعي طرد باترسون من القاهرة والمثير للدهشة أنه لماذا لم تطرد حتي الآن؟! وما سر اصرار الإدارة الأمريكية علي عدم تغييرها رغم أنها أصبحت ورقة محروقة؟!. واعتقد جازماً أن هناك أسرارا كثيرة وخطيرة عن دور باترسون في مصر وعن العلاقات المصرية الأمريكية قبيل ثورة 25 يناير وأثنائها وحتي الآن سيتم الكشف عنها مستقبلاً. هناك محاولات من جهات إعلامية مغرضة ل "شيطنة" كل ما هو إسلامي في مصر وتشويهه مستغلة الأخطاء التي وقعت فيها جماعة الإخوان. فقد تعرضت كل من جمعية رسالة الخيرية وبنك الطعام المصري لهذه الحملة المغرضة عبر التلميح أو التصريح بارتباطهما بالجماعة بهدف تعريضهما للهجوم والحد من دورهما الحيوي في مساعدة المحتاجين والفقراء. ويدخل في هذا الاطار التهكمات علي أصحاب اللحي أو المنقبات. ويجب التصدي لهذه المحاولات الخبيثة لأن مصر دولة مسلمة وستظل مسلمة. والإخوان مجرد فصيل صغير من شعبها.