الموجة الثانية لثورة 25 يناير والتي دشنها الشعب المصري وانحاز إليها الجيش العظيم في 30 يونيه ستظل حديث العالم بأثره وليس الشارع المصري والعربي فحسب.. رغم تباين الآراء والرؤي التي تجنح إلي المغالطة أحياناً عندما تصف ما حدث بأنه انقلاب عسكري علي السلطة الشرعية للحكم متناسية أن ما حدث في الأسبوع الماضي لن يختلف كثيراً عما حدث في 25 يناير حينما ثار الشعب وهب منتفضاً ضد نظام مستبد فاسد نهب ثروات الوطن وأفقر الشعب.. وانحاز الجيش إلي الشارع فكانت ثورة الشعب المصري البيضاء التي أسقطت نظام مبارك. انتظر الشعب المصري الكثير من حكامه الجدد وأعني بهم تيار الإسلام السياسي.. وكان الجميع علي استعداد لقبولهم والعمل معهم وتحت لوائهم طالما كان هذا العمل من أجل الارتقاء بمصلحة الوطن وأبنائه.. ولكن كانت الطامة الكبري حينما اكتشف الشعب المصري أن هؤلاء الحكام لا يريدون إلا مصالحهم ولا يعملون إلا لتمكين فصيلهم والسيطرة علي كل مفاصل الدولة تاركين الشعب المصري يغرق في أزمات طاحنة لم يشهدها في تاريخه دون أن يري أي تغير مع مرور الوقت.. ولأن التكرار يتعلم منه الشطار.. فقد هب الشعب وثار مرة أخري وأعلن عن نيته في الخلاص من هذا النظام وأعوانه فكان ما كان. نريد ألا نعيش في الماضي كثيراً.. وعلينا أن ننظر دائماً للأمام وأن نتعلم من أخطاء الماضي القريب وليعلم الجميع أن المصالحة الوطنية والجلوس إلي طاولة الحوار الوطني الجاد والمخلص والعمل علي عدم إقصاء أي طرف من أطراف العمل السياسي في مصر بمن فيهم تيار الإسلام السياسي هو الحل الوحيد لمحاولة الخروج السريع من الأزمة الراهنة.. لأننا يجب أن نعلم جيداً أن أنصار هذا التيار هم جزء لا يتجزأ من الشعب المصري لهم كل الحقوق وعليهم كل الواجبات شريطة أن يلتزموا وأن يعملوا في إطار الشرعية والمجموع وأن يتوقفوا عن أعمال العنف والاستفزاز والشغب التي يروح ضحيته الكثير من أبناء الوطن الأبرياء علاوة علي تكدير الأمن وإشاعة روح الفوضي وعدم الاستقرار الذي عاني منه الوطن طوال العامين الماضيين اضافة إلي الوقيعة بين الجيش والشعب. يجب أن يعلم قادة هذا التيار الذين لايزالون متمسكين بالسلطة والمناصب أن ما يقومون به من حشد وما يقدمون عليه من تهييج وإثارة هؤلاء المعتصمين وما يحاولون تصديره للقوي العالمية المناصرة والمؤيدة لهم لن يجدي ولن يقدم أو يؤخر.. ولن يحصدوا من ورائه إلا مزيداً من الدماء.. فالشعب قال كلمته وانحاز إليه الجيش وأكمل ثورته التي أحس انها تمت سرقتها ولم تحقق أهدافها. علي الجانب الآخر يجب أن يعمل المستشار عدلي منصور الرئيس المؤقت وفريقه المعاون علي المضي قدماً وبسرعة في إنجاز المهام الرئيسية التي كلفهم بها الشعب وهي .. تشكيل الحكومة.. ثم إعداد الدستور.. ثم انتخابات برلمانية نزيهة تحت إشراف قضائي كامل.. ثم انتخابات رئاسية.. مع تحديد خريطة زمنية لإنجاز كل مرحلة منها.. حتي يشعر الجميع أننا استفدنا من أخطاء المرحلة الماضية.. وبدأنا مرحلة جديدة من العمل والإنتاج يشارك فيها الجميع بلا استثناء.. في جو يسوده الحب والأمن والاستقرار.. بعيداً عن إراقة الدماء وحرب الشوارع التي نحياها الآن في أماكن متفرقة من مصرنا الحبيبة. برواز كل عام وجميع المصريين والمسلمين بخير.. هلَّ علينا شهر رمضان المبارك.. أتمني أن تكون أيامه بداية خير علي مصرنا الحبيبة وأدعو الله سبحانه وتعالي أن يجنب بلدنا كل مكروه وأن يؤلف بين قلوبنا وأن يغفر ذنوبنا وأن يرحم شهداءنا وأن يعيده علينا بالخير واليمن والبركات.