كعادتهم في التعامل مع الأزمات بطريقة مبتكرة حول المصريين طوابير السولار "لهايدبارك" سياسي واجتماعي ومسخة عائلية وحولهم افترش باعة السندوتشات والذرة المشوي وحمص الشام والعرقسوس بالشارع وبعض المحلات المحيطة بمحطات البنزين غيرت نشاطها لبيع السندوتشات والمرطبات. وقد استغل البعض فرصة الانتظار التي قد تمتد لعشر ساعات للنوم وأخذ قسط من الراحة للذهاب للعمل بينما أشعل الانتظار الطويل البيت المصري فالزوجة لا تصدق غياب الزوج لساعات طويلة داخل المحطة وتصر علي النزول معه للتأكد لتزداد أعصابها اشتعالاً. ملتقي الأصدقاء وليد جميل سائق ميكروباص يقول: كل خمسة أيام أقف ساعات طويلة في طابور السولار ل"تموين السيارة" نشأت بيني وبين رواد المحطة صداقة لتزامن وجودنا معاً في نفس الوقت ونتبادل الحديث في الأمور العامة والخاصة وتبادلنا أرقام التليفونات لنتقابل في محطة البنزين الأمر الذي حول معاناتي مع مشكلة البنزين إلي لقاء مع صديق أو أصدقاء الطابور. أيمن رياض صاحب سيارة مع طول فترة الانتظار يتبادل الجميع الحديث لتضييع الوقت عن أحوال البلد أمس امتد الحوار بين خمسة أشخاص إلي ما يقرب من 25 شخصاً اختلفت أعمارهم وتنوعت آراؤهم ولكنهم اجتمعوا علي عدم رضائهم عن أداء الحكومة فكان ذلك بمثابة استفتاء شعبي. ذرة مشوي وحمص الشام سماح حسن ربة منزل تقول تحول يوم الذهاب إلي محطة البنزين إلي رحلة عائلية ينتظرها أطفالي كل أسبوع نذهب بصحبة أبيهم ويقف بجوار المحطة بائع ذرة مشوي وبجواره بائع حمص الشام تعودنا الشراء منهما فضلاً عن أنني أعد لهم بعض الفاكهة والمشروبات فحولنا اليوم الكئيب إلي فسحة عائلية. النوم في السيارة هاني جرجس سائق يري أن النوم هو السبيل الوحيد لقتل وقت الانتظار حيث إنني أنتظر في محطة التموين حتي وصول السولار وتفريغ الحمولة ويأتي من يوقظني عند تحرك الطابور وهو ما يعطيني فرصة النوم لأكثر من أربع إلي خمسة ساعات لدرجة أنني ذات مرة ظللت نائماً في السيارة بمحطة البنزين لمدة عشر ساعات متواصلة واستيقظت لأجد سيارة البنزين لم تأت بعد. قهوة بلدي محمود فكري مالك سيارة نقل ثقيل يقول: أزمة السولار الدائمة تتطلب التفكير في حلول طول فترة الانتظار وأماكن لا يوجد بها مقاهي لتناول شاي أو قهوة أو شيشة فنضطر أنا والتباع للانتظار ساعات طويلة في محطات معظمها علي الطريق الدائري لذلك وفرت القهوة والشاي والشيشة داخل السيارة خوفاً من تركها وسرقتها. ديوان مظالم ويضيف سالم عوض سائق أجلس مع زملائي أثناء انتظارنا في طابور التمويل لنتحدث في كل شيء السولار والأسعار والكهرباء وقلة الشغل والعيال اللي مش لاقية شغل كما لو كنا في ديوان مظالم شعبي ورغم أن كلنا بنحكي لبعض نفس الأوجاع ونفس الهموم ورغم أن مفيش حد عنده حل لكن بنخرج من محطة البنزين وإحنا مستريحين. مجدي محمد سائق تاكسي يقول: رغم أنني من سكان المنيب إلا أنني يومياً أخرج مبكراً جداً إلي السلام والضواحي البعيدة للحصول علي البنزين وأحرم نفسي من النوم لأنني لا أستطيع تسديد أقساط السيارة المبالغ فيها لأن الانتظار ساعات يعني دخل أقل والغريب أن البعض استغل الأمر لصالحه فقام أحد الجزارين الملاصق لبنزينة شارع عرابي بالمهندسين بتحويل المحل إلي سندوتشات كبدة واستقر باعة العرقسوس والمياه المعدنية أمام البنزينة. ويري خالد عبدالموجود موظف أن الوقوف لانتظار تموين البنزين أصبح نزهة كل عدة أيام لأنني أقابل نوعيات مختلفة من البشر ولساعات طويلة ننتظر الفرج ونتبادل الخبرات عبر الدردشة كما لو أن هذا المكان كافيتريا لولا الشمس لكان هايد بارك فعلاً. علي النقيض تماماً يري علاء أحمد محامي أن انتظار السولار أو البنزين أزمتي مع زوجتي لأنها لا تصدق الساعات الطويلة في الانتظار وتصمم علي الحضور معي للتنزه وكشف الحقيقة فتظل حبيسة السيارة وتشتعل أعصابها فلا تجد إلا المشاجرة علي أتفه الأسباب ونعود بعدها للمنزل بدون تموين حرصاً علي صورتنا أمام طوابير المنتظرين. اللعب بالنار ما حدث الأسبوع الماضي مأساة في إحدي محطات المنوفية تقول كريمة شوقي ربة منزل ووالدة أحد الشباب للأسف قام الشباب في أشمون بالتسلية في انتظار السولار باللعب بالشماريخ والتي أدت إلي تطاير شرر حرق سيارة نصف نقل ولم يفلح ابني في الهروب من الحريق لتلتهم النار كل ظهره وعلاجه يحتاج لشهور طويلة.