** الكثير من الفلاسفة اعتمدوا البحث عن الحقيقة في دياجير الظلام.. اعتبروا الأمل في طاقة نور تسطع بأشعاعها وسط الظلمة الحالكة.. التي هي غالباً سلسلة من الأحداث الاستثنائية تغطي سماء المجتمع.. وربما شقت الحكمة التي يقترحونها تحمل.. بركانا خامدا فأشعلت حممه وأحجاره معتقدين ان تناثرها هنا وهناك وسيلة التنبيه الممكنة واللازمة لإحداث اليقظة ومواجهة الخطر.. تتناثر الأحجار والحرائق.. وتفور الأرض ساعية إلي التخلص من ادرانها والحشرات والعوائق التي سكنتها لأعوام أو أجيال.. وبالطبع فإن الفيلسوف قد يدفع حياته سعيدا ثمنا لهذه الحركة المجتمعية.. ويأمل أن تنطبق نظريته في حياته.. تشق الظلام والضباب.. ولا يضيره أبدا.. بل يسعده مجيء من يكمل له البنيان حتي لو استبعد النظرية بكاملها.. ولكن بعد أن يثبت ما تخفيه بداخلها من عوامل هدم أو عراقيل ضد دوام البنيان. ** لذلك لم يكن غريبا علي مر التاريخ التعرف علي فلاسفة ومفكرين عوضهم الله سبحانه وتعالي عن البصر بنعمة البصيرة.. وكانت قلوبهم حقول ضوء وشموساً تضرب بقوة استار الظلام وأيضا وصلت الشفافية ببعضهم إلي حمل مصباح مضيء في ايديهم نهارا.. وهم يتحدثون هنا وهناك.. ليرشدهم إلي الحقيقة.. إلي الأمن والأمان.. نهر الكوثر يكفي للجميع. ** وبالطبع يصبح الظلام رابطا للسلوكيات المختلفة في المجتمع.. في الفترة التالية لنجاح التعبير عن الرغبة في التغيير وقطع دابر الظلم والفساد الذي نأت تواصل الناس بتبعاته وطرقاته العنيفة وعذاباته المتجددة "لاحظ القرب اللغوي بين الظلام والظلم" ويأتي تفاعل التعبير وتماذج الآراء بل والتضاد بينهما.. الخطوة الأولي علي الأرض بعد نجاح الثورة.. خاصة ان نظام الحكم الجديد.. يحتاج إلي اكتشاف كوادر نظيفة قادرة علي تحمل مسئولية إعادة البناء وسد الثغرات وتطهير الصالح من القديم.. ويزداد العبء علي كاهل المجتمع.. وبصفة خاصة الشباب.. وأجيال الخبرة والمعارف.. إذا ما كانت تملكه هذه الثورة للافصاح عن هويتها.. مجرد مبادئ وشعارات عامة تمثلت في ثورة يناير بعد اسقاط النظام في عيش حرية.. وديمقراطية وكرامة وعدالة اجتماعية.. وكانت في ثورة يوليو عام 1952 كما نذكر مبادئ ستة.. حددها مجموعة الضباط الأحرار الذين خرجوا من ثكنات الجيش حاملين رءوسهم علي أكفهم لإسقاط الملك.. وكانت هذه المبادئ مؤشرات كمعاول ومواجهات للتخلص من الاستعمار والاقطاع وسيطرة رأس المال إلي هدف أخير.. تحقيق حياة ديمقراطية سليمة.. ولكن هذه المؤشرات التي وجد فيها الشعب مستقبله وآماله.. تحولت إلي معارك ودوائر للمواجهة.. ضد قوي الاحتلال التقليدي والجديد.. واتسعت دوائرها إلي جميع الشعوب الباحثة عن الحرية والاستقلال. ** وفي المرحلة الانتقالية للبلاد بعد نجاح ثورة يناير العظيمة وسقوط رأس ورموز النظام.. تساءل الشعب عن ما هية الخطوات القادمة وكان متشوقا بدون حدود للخطوة الأولي في اقبال تاريخي علي استفتاء مارس ..2011 وأصبح لدينا هيكلا مقترحا لهذه الخطوات.. لولا ان تعثرت في بحر من الخلافات حول الأولويات والتوقيت.. ورغم الانصياع الكامل لإرادة الناخبين أمام الصندوق والاشراف الكامل علي انتخابات مجلسي الشعب والشوري ثم رئاسة البلاد.. اتسمت بكل الانفتاح والحرية والاقبال غير المحدود.. فقد أمسك البعض بسيف الخلاف.. وتشعب إلي أمور متعددة وفتاوي متضاربة.. مثلما حدث حول دستورية مجلس الشعب.. وتوصية الدستورية بالحل.. ومدي دستورية الاعلانات التي أصدرها الرئيس المنتخب للبلاد.. وليس آخرا الحكم بعودة النائب العام رغم تغيير وضعه بمقتضي الدستور الذي حصل علي التوافق الشعبي.. رغم كل شيء.. وأصبحت شمس ثورة يناير بكل أسف مهددة بالاختفاء وراء ظلام الاحتقان والشائعات والتوجهات المتناقضة للفضائيات والانتقائية في المواجهة.. ثم ذلك الكم الهائل والمتنوع من المليونيات ودعوات العصيان المدني.. واستخراج المعارف الكبري من الوقائع الصغيرة.. مما يهدد بانقسام مجتمعي.. وأثبت سقوط الشهداء في المواجهات ان المسألة أكبر بكثير من طرف ثالث أو فلول مستفيدة. ** وبالرغم من ان الفرصة متاحة تماما لإقامة حياة سياسية نزيهة وما حدث من اندماج لبعض الأحزاب الجديدة.. في تحالفات تجعل فرص المعارضة أقوي.. مع تزايد واضح في عدد الأحزاب علي الساحة.. وتواجد القضايا التي تبحث عن جهود حقيقية يتوجه إليها المواطن والحرية التي أصبح الجميع يتمتعون بها.. إلا ان النفخ في الأمور الصغيرة.. والبحث عن احداث مصنوعة أحيانا للبحث عن تهم جاهزة بل واغراق المجتمع في مطبات مصنوعة من خلال التقدم بطعون قضائية في كل الاتجاهات جعلت المسئولين ينتظرون علي الأقل ما ستؤدي إليه من تعديات.. وتجاهلنا بقصد أو بدون رسالة الشباب بتنظيف الوطن التي وجهها من ميدان التحرير بعد تنحي مبارك.. وبالطبع ساعدت هذه الأفق علي ظهور طبقة من المتحدثين والفلاسفة الذين تجاهلوا ما فعله الأجداد حاملي حضارة النور يستغربون بكل أسف التحليل الأسوأ للأحداث الصغيرة قبل الكبيرة.. يزرعون بذور الشك في نفس المواطن العادي.. الذي لم يستمتع بعد بنسيم الحرية.. بعد ثورة يناير.. وهم أيضا من ينعون كل ما هو طيب الرائحة.. وجميل الجذور.. يأملون خلع صفة التحدي والنضال والتراحم والجدعنة والشهامة المصرية.. وقد يغلفون هذا النواح بالتحدي والتهديد بعظائم الأمور.. إلي هؤلاء ننقل لهم المثل الصيني "اضيئوا شمعة.. لا تلعنوا الظلام" تضيف لا تغلقوا عيونكم أمام ضوء النهار من حولكم.. عودوا إلي رسالتكم.. قبل أن تختنقوا بأستار الظلام وسحبه السوداء.. اعملوا خير بلاش شر.. أو تصيبوا مصر بضر.