الدواء.. أحد جناحي المنظومة الصحية.. استطاعت صناعة الدواء المصرية أن تكون حصناً آمناً.. ودرعاً واقية للشعب المصري.. وتمكنت من توفير الدواء الآمن والفعال بأسعار تتناسب مع دخل المواطن المصري وخاصة في وقت الأزمات. تمر هذه الصناعة الآن بمنعطفات خطيرة ومنحنيات شديدة وتحديات أليمة وتصرفات غير مسئولة من البعض تساعد علي هدم وتردي هذه الصناعة الوطنية.. لتحقيق مصالح ذاتية.. وخاصة في ظل نقص بعض الأصناف الحيوية لتنتعش تجارتهم غير المشروعة سواء الدواء المهرب أو المغشوش والمقلد محققين أرباحاً فلكية تفوق ما يحققه تجار السلاح والمخدرات.. فوفقاً لإحصائيات منظمة الصحة العالمية فإن حجم التجارة اليومي من الأدوية المغشوشة 88 مليون دولار و32 مليار دولار سنوياً وقد أكد لي أحد وزراء الصحة السابقين أن هناك العديد من الأدوية الحيوية التي يتم تهريبها للبلاد بطرق غير قانونية وغير مشروعة وتتداول في الظلام وخلف الأبواب المغلقة بأسعار تفوق أسعارها في دول غنية محققين مكاسب تصل إلي 500% وتصل أرباحهم السنوية إلي مليار و200 مليون جنيه. يعاني سوق الدواء من عشوائية التخطيط وغياب السياسات الدوائية الواضحة والشفافة وتعاني الشركات الحكومية العديد من المشاكل فالدولة تطالبها بتوفير الدواء بأسعار اجتماعية دون أن تساعدها اقتصادياً علي الرغم من ارتفاع أسعار المواد الخام التي يتم استيرادها من الخارج.. فشحت الكثير من الأصناف نتيجة إحجام الشركات عن إنتاجها لعدم الجدوي الاقتصادية. الصيدليات أيضاً تعاني المشاكل منها ثبات هامش الربح منذ أكثر من 20 سنة في المقابل ارتفعت أسعار الخدمات وأجور العمالة ومصروفات التشغيل إلي جانب قيام البعض بممارسات ضارة تؤثر بالسلب علي اقتصادياتها منها قيام بعض شركات التوزيع ومخازن الأدوية بتوزيع الدواء وخاصة مرتفع السعر بعيادات بعض الأطباء واختصرت دور الصيدلية التي تعتبر وفقاً للقانون المنفذ الآمن والوحيد لتجارة الدواء للمواطن. لابد من تلاقي إرادة الفرقاء علي توحيد رؤاهم من خلال مشاركتهم في صنع القرار وعقد لقاءات دورية لمتابعة منظومة الدواء بحضور كافة الأطراف المعنية لوضع حلول عملية للمشاكل والعقبات الطارئة وإعادة النظر في لجان وأساليب التسعير وجميع الأنظمة والقوانين والتشريعات لتشجيع وجذب الاستثمارات الجديدة وتحديث الموجودة والإسراع في إنشاء الهيئة العليا للدواء والمساواة بين جميع الشركات سواء المصانع المنتجة بنفسها أو تصنيع لدي الغير.. وإنشاء كيان للبحث العلمي والدوائي بالتعاون مع كليات الصيدلة.. وإعادة صياغة نظام المناقصات.. لتتكامل الجهود وتتناغم الخبرات التراكمية للخبرات المصرية.. بعيداً عن الانحيازات والانتماءات والمحسوبيات. لابد من محاربة الغشاشين والدواء المغشوش والضرب بيد من حديد علي المتلاعبين بآلام المرضي لضمان عدم وصول الدواء المغشوش للصيدليات.. والتشديد علي منع الإعلانات المضللة علي القنوات الفضائية والخاصة بمستحضرات التجميل وأدوية التخسيس ونفخ العضلات مجهولة المصدر لضمان الأمان والفاعلية. لابد من العمل حتي تظل صناعة الدواء حصناً آمناً للمصريين.. وحتي لا تتحول شركاتنا إلي أكشاك لبيع الدواء المستورد.