الإعلاميون في عيد الإعلاميين وجدوا أنفسهم في زمن مختلف.. كانوا قبل ثورة 25 يناير وحدهم علي الساحة يفعلون ما يريدون والإعلانات تأتيهم من كل حدب وصوب والدولة كلها تقف خلفهم تسخر كل الامكانيات لخدمتهم في جلب الإعلانات وتخصهم بكل الامتيازات من انفرادات بالأخبار والحوارات والسفريات وغيره.. ولكن بعد الثورة صار الوضع مختلفا.. فالانفرادات لم تعد قاصرة عليهم بل إن الإعلام الخاص صار يفجر قضايا وموضوعات لا يستطيعون في الإعلام الحكومي الاقتراب منه رغم أننا نعيش مناخ وزمن الحرية ولكنها أدبيات الإعلام الرسمي الذي لا يريد أن يغضب القيادات أو المسئولين وإن أراد أن يمس بعض القضايا الشائكة فإنه يمسها مسا خفيفا.. وسيظل الأمر كذلك إلي أن يستقل الإعلام الرسمي في هيئة وطنية للإعلام بمجلس أمناء حقيقي يلتزم بأدبيات المهنة وفي نفس الوقت يسعي للتميز والانفراد ويواجه الفساد وينتقد بضمانات حقيقية وفي هذ اللحظة فقط سوف يفتح هذا الإعلام أول صفحات المنافسة الحقيقية مع باقي القنوات التي اكتسحت الساحة في المشاهدة وجذب الإعلانات.. لقد كانت جلسات "الشوري" مع رموز الإعلاميين مؤخرا صرخة موجعة في وجه الإعلاميين تتهمهم بالاستيلاء علي ميزانية ضخمة ولا يوجد مقابل يحققونه بل تحدثوا معهم بكل وضوح انه يمكن الابقاء عليهم في بيوتهم وسيكون ذلك أفضل للدولة. لقد أصبحوا عبئا علي الدولة بل وصار هناك من يتحدث عن دخولهم المبالغ فيها وبالتالي لم يعد هناك معني لاعتراضاتهم الفئوية ومطالباتهم بالمزيد.. والحل في رأيي انه لابد من أن يتحرك كل العاملين في هذا المبني الكبير من أجل تغيير الصورة بهدف التطوير الحقيقي وجذب المشاهدين والمعلنين علي السواء أو أن يتم عقد مؤتمر موسع يشهده الإعلاميون أنفسهم ويكونوا هم أصحاب القرار فيه بالتعديل والتغيير حتي لا تبدو الدولة أو النظام الجديد هو البديل الذي عليه أن يوفر كل الامتيازات السابقة لهم وهو ما لن يحدث فقد سبق السيف العزل. لقد وجدنا قنوات خاصة تلقي الدعم من أصحابها لدرجة ان جماعة الإخوان نفسها التي ولد من رحمها كل القيادات المسئولة حاليا بمن فيهم الرئيس د.محمد مرسي نفسه هذه الجماعة لها قناتها ونفس الحال بالنسبة لكل التيارات الدينية وحتي السلفية.. لقد أصبح لكل مشتغلا بالسياسة قناة يدعمها بكل السبل ويسعي لتحقيق الانتشار لها بكل وسيلة.. الحمل ثقيل والتركة فظيعة والآلاف الذين يبلغ عددهم فوق 40 ألف موظف في ماسبيرو يحتاجون معجزة لحل مشاكلهم.. والكل يعرف الداء والدواء في نفس الوقت ولكن لا توجد نية خالصة للمصارحة. وفي عيد الإعلاميين وبمناسبة مرور ثمانين عاما علي انطلاق إعلام مصر من خلال ميكروفون الاذاعة عام 1934 أدعو الإعلاميين لاتخاذ القرار الحاسم ليكون صادرا من بينهم يحددون نقطة البداية.. فقد تغيرت الدنيا ومستحيل العودة للوراء.