بجانب البضائع الصينية التي تمتليء بها الأرصفة المصرية وجد السوريون لأنفسهم موضع قدم.. علي مناضد صغيرة رصوا منتجاتهم الغذائية وحلوياتهم.. وبعض الطرازات والملابس القطنية.. وبعضهم يعرض أنواعاً متعددة من الجبن والمخللات السورية. الإقبال علي البضائع السورية كبير لجودتها ورخص ثمنها.. فالبائع السوري لا يدقق في السعر ويبيع بوفرة محاولاً إرضاء الزبون بأي طريقة راضياً بأقل ربح.. فمعظم ما يعرضه يضعه في منزله والباقي يتكاتف السوريون معاً لتصنيعه وعرضه. يقول إكرامي عبدالحميد - صاحب مقهي - إن الظروف الاقتصادية والاجتماعية التي تمر بها البلاد لم تسمح بحالة الهرج والمرج التي يشهدها الشارع المصري فبعد الصينيين دخل السوريون اللعبة وتحولت الأرصفة لسوق للبضائع الأجنبية والصناعة المصرية اختفت. محمد عبدالحميد - أعمال حرة - يري أن المنافسة بينهم وبين المصريين غير متكافئة فبضاعتهم تتمتع بجودة عالية وسعر منخفض يريدون كسب الزبون مهما كان الثمن كما أن تكلفة بضاعتهم بسيطة مقارنة بالمصري الذي يتحمل الكثير من النفقات حتي الأرضية لمجرد السماح له بالبيع. وتعترض نجلاء فتحي - اخصائي تدريب - علي ظهور الباعة الأجانب بصفة عامة في السوق المصري حيث إنهم يجلبون بضاعتهم من بلادهم وبالتالي توقفت عجلة الإنتاج المصري بدليل أن 55% من استهلاكنا استيراد ليتحول المجتمع المصري لمجتمع استهلاكي ويقف العامل المصري يتفرج. عادل عيد - بائع متجول - يقول السوريون يريدون الاستحواذ علي السوق المصري لذلك يخفضون سعر بضاعتهم بالرغم من تكلفتها العالية ويجيدون فنون البيع والتجارة عكس البائع المتجول المصري الذي يعاني من إحباط ويأس. مشاركة وجدانية بينما يري مصطفي حافظ - موظف - أن الشراء من الباعة السوريين نوع من المشاركة لظروفهم بدلاً من أن يلجأوا للسرقة والتسول ويتساءل: لماذا سمحنا للصينيين ونعترض علي السوريين؟! جودة عالية نجوي رشدي - ربة منزل - تقول إن الحلويات السورية ذات جودة عالية ومذاق جيد ورخيصة الثمن . تؤكد ذلك نرمين حسن - طالبة - أن الشعب السوري قريب إلي الشعب المصري من حيث العادات والتقاليد مشيرة إلي أن المصريين يقبلون علي شراء البضائع السورية بالمعارض التي تقام سنوياً ولكن المشكلة في افتراش الأرصفة مما جعل الشارع المصري قنبلة علي وشك الانفجار. بمواجهة المسئولين أكد محمد عبدالنبي - رئيس حي روض الفرج - أن ظهور أي باعة سواء كانوا من أهل البلد أو من جنسيات أخري أصبح أمراً واقعاً نتيجة الغياب الأمني ومسئولية أي رئيس حي لا تخرج عن شن حملات مستمرة لرفع هؤلاء الباعة والكل سواء أمام القانون وفي حالة إيجاد أماكن في صورة باكيات أو سويقات وأكشاك ستكون للباعة الجائلين المصريين فقط. جابر محمد - رئيس جمعية تنمية ورعاية باعة أطعمة الشارع بروض الفرج - يقول: نرعي الباعة الجائلين المصريين فقط أما السوريين وغيرهم فلابد من تقنين أوضاعهم ولا يعقل افتراشهم الأرصفة وبيع منتجاتهم بأسعار زهيدة تضرب السلع التي يعرضها البائع المصري. مورد رزق الدكتور إسماعيل شلبي - خبير اقتصادي - حيث إن ظهور السوريين وغيرهم من الجنسيات بالشارع المصري يؤثر بالسلب علي اقتصادنا الذي تحول لاقتصاد استهلاكي والمنافسة غير متكافئة بين السوريين والمصريين من حيث السعر فالسوري يرضي بأي ربح لأنه يحتاج لمورد رزق بدلاً من التسول وليس لديه أي نفقات حيث إنه يسكن في أي مكان فلا يتحمل إيجار أو مصروفات مدارس لأولاده. يشير الدكتور حسن طلب - أستاذ علم الجمال بجامعة حلوان - إلي أن ظاهرة الباعة السوريين كجزء من كل فقد سمحنا بتواجد الأخوة السودانيين منذ سنوات عديدة ثم الفلبينيين بدون تراخيص عمل وتوغل الصينيون بالمنازل ولابد من تنطيم عملية هجرة العمالة واللجوء لمصر حيث مجتمعنا لا يسمح بذلك أمنياً واقتصادياً. الدكتور أحمد يحيي - خبير اجتماعي - يقول إنه من المعروف أن السوريين تجار منذ قديم الأزل يجيدون فن البيع وعرض منتجاتهم وإغراء الزبون بأساليبهم المتميزة ونظراً لظروفهم المعيشية وحالة الهجرة الاضطرارية فإنهم يلجأون إلي استخدام مهاراتهم التجارية للحصول علي الأموال بالرغم من أن الظروف المصرية الآن لا تسمح اقتصادياً وأمنياً وربما الأمر يزداد تعقيداً ويؤثر علي مناطق وانفعالات البيع والشراء فيحدث الخلاف والمشاجرات ولكن الغريب أن المصريين يرحبون بالأخوة السوريين رغم الظروف الصعبة التي نعيشها ويفسحون لهم المجال للبيع وإذا كنا من قبل تقبلنا الصينيين والفلبينيين والسودانيين فالأولي الآن أن نفتح صدورنا وبيوتنا للسوريين لنشاركهم معاناتهم وهي بالقطع أسوأ بكثير مما نعانيه نحن مؤكداً أن الأمور لن تستمر علي هذا المنوال طويلاً فالكل في كرب وعلينا التصرف بعقلانية وتقدير الظروف.