الزيارة الاخير لوزير الحرب الأمريكي تشاك هاجل لدول المنطقة في ظاهرها الدعم الأمريكي والمصالح المشتركة. وباطنها انتهازية فجة تهدف في المقام الأول إلي دعم الاقتصاد الأمريكي المتداعي بملايين الدولارات من حصيلة صفقات بيع الأسلحة الأمريكية الذي أنجزها مع دول المنطقة مستغلاً "الإيرانوفوبيا" أو الخوف من إيران والتي نجحت واشنطن في نشرها ليس فقط بين دول المنطقة وإنما أيضا بين شعوبها. وفي إطار سباق التسلح الذي اشتعل في المنطقة وتحسباً لمواجهة محتملة مع إيران. أبرم هاجل صفقات لبيع أسلحة أمريكية بقيمة 10 مليارات دولار مع إسرائيل الحليف الأول لواشنطن. والسعودية والإمارات وتركيا. وهي بالتأكيد ثمرة لنجاح سياسة أجواء الحرب التي تثيرها الولاياتالمتحدة ولا سيما بين الدول النفطية الغنية المحيطة بإيران والقادرة علي دفع فاتورة السلاح الأمريكي. وتسوق الولاياتالمتحدة في إطار هذه السياسة علناً تبريرات مصطنعة تتمحور حول التهديد الذي تمثله أسلحة الدمار الشامل التي تمتلكها إيران. وهي نفس الأكاذيب التي ساقتها لتبرر حربها البربرية علي العراق. فعلي مدار ما يقرب من 20 عاماً. تشيع الولاياتالمتحدة وحلفاؤها وفي مقدمتهم إسرائيل بأن البرنامج النووي الإيراني موجه لإنتاج أسلحة نووية. وأن إيران ستصبح في غضون العام أو ما يزيد قليلاً قادرة علي إنتاج هذه الأسلحة. بينما تؤكد إيران سلمية برنامجها النووي الموجه للطاقة والأغراض العلاجية. وكانت إسرائيل المحطة الأولي في زيارة هاجل حيث وافق علي تزويد تل أبيب بحزمة غير مسبوقة من الأسلحة المتطورة. شملت صواريخ جديدة مصممة لتدمير أنظمة رادار الدفاع الجوي للعدو والرادارات المتطورة لطائراتها الحربية الخاصة. وطائرات نقل القوات أوسبري. 22 V. التي يمكنها أن تقلع عمودياً. وأحدث طائرات ناقلة للتزود بالوقود 135 KC. في أول عملية بيع لهذا النوع من الطائرات لجيش أجنبي وهي طائرات ضرورية جداً بالنسبة للمهام طويلة المدي وسوف تعزز القدرات الهجومية لإسرائيل. وبحسب مسئول إسرائيلي سوف تمول الصفقة من المنح العسكرية الأمريكية. التي تحظي إسرائيل بأكبر قيمة منها. ففي عام 2007. وافقت الولاياتالمتحدة علي منح مساعدات عسكرية لإسرائيل بقيمة 30 مليار دولار علي مدي 10 سنوات. وفي العام الجاري اقترح البيت الأبيض إعطاء إسرائيل 4.3 مليار دولار أمريكي. وهو أعلي معدل مساعدات تحصل عليه إسرائيل. ورغم السخاء الأمريكي المفرط كالعادة مع إسرائيل إلا أنها لم تحقق حلمها بامتلاك الصفقة القنبلة المضادة للتحصينات. Massive Ordnance Penetrator. القادرة علي اختراق الأرض والتحصينات الخرسانية لكونها السلاح الوحيد القادر علي تدمير مركز تخصيب الوقود النووي الإيراني في فوردو. والموجود علي عمق أكثر من 200 قدم تحت جبل قرب مدينة قم. وذلك ليس لشيء سوي أن إسرائيل لا توجد لديها طائرات قادرة علي حمل هذه القنبلة والتي تعد أخطر قنبلة غير نووية في الترسانة الأمريكية. وهي مصممة كي يتم إلقاؤها من قاذفات "بي 52" ونظيرتها "بي 2 الشبح". وكانت المحطات التالية في جولة هاجل هي الأردن ومصر والسعودية والإمارات. والتي سبقها ثلاث زيارات لوزيرة الخارجية جون كيري والرئيس أوباما في مارس الماضي. وكانت الصفقة المهمة التي أبرمها هاجل في الإمارات والسعودية ولكنها لا تقارن بالطبع بالأسلحة الممنوحة لإسرائيل سواء من الناحية التقنية أو من الناحية المادية. ففي الإمارات وضع هاجل اللمسات النهائية علي صفقة تحصل بموجبها أبوظبي علي 25 طائرة من طراز "إف 16" وصواريخ جو أرض متقدمة. كما تشمل الصفقة تدريب الطيارين الإماراتيين في الولاياتالمتحدة. ومن المتوقع أن تشتري الإمارات ومعها السعودية دفعة متقدمة من الأسلحة ذات القدرات التوجيهية الدقيقة والتي ستعزز قدراتها علي المواجهة والانخراط مع العدو من مسافة بعيدة. ولكن الإمارات والسعودية برغم كونهما أكبر مشترين للسلاح الأمريكي. لا تستطيعان استخدام القنابل الذكية بحسب عقد التوريد إلا تحت إشراف أمريكي. علاوة علي أن الولاياتالمتحدة سوف تحتفظ لنفسها ببعض المكونات التكنولوجية اللازمة لتفعيل هذه القنابل. ولكن في المقابل بحق لإسرائيل اتخاذ كافة الوسائل الممكنة لتأمين سيادتها والدفاع عن نفسها. ويدلل علي ذلك نوعية وحجم السلاح الأمريكي الممنوح لإسرائيل والذي يمثل سابقة هي الأولي من نوعها مع دولة أجنبية. وكأن واشنطن ترغب في منحها دوراً ريادياً وأوسع نطاقاً في المنطقة لا سيما في ظل الفوضي العارمة التي تنتاب منطقة الشرق الأوسط بسبب الحرب في سوريا وانهماك دول المنطقة بمشاكلها وشئونها الداخلية.