لم أكن أتخيل ما خبأه لي القدر بأن اقضي أيامي الأخيرة من الحياة بتلك المهانة وان تكون نهايتي خادمة في المنازل بعد أن كنت امتلك ورشة حدادة ومنزلاً تركهما لي زوجي الذي تزوجته منذ 40 عاما وكان يعاملني أفضل معاملة ولم يشعرني يوما بأنني كنت السبب في حرمانه من الأبناء.. بل ساعدني ووقف بجانبي ولم يتأخر لحظة في عرضي علي الأطباء. هكذا بدأت "فتحية" تروي حكايتها في "دعوي" أقامتها أمام محكمة الأسرة. قالت ان زوجها رفض الزواج مرة أخري وفضل أن يعيش ما تبقي من حياته معها هي دون غيرها. في أحد الأيام التحق بالعمل في ورشة النجارة التي يمتلكها زوجي.. التحق شاب لم يتجاوز العشرين من عمره وكان زوجي يعامله معاملة طيبة ويعطف عليه كونه يتيم الأب ويعمل للانفاق علي أسرته ووالدته واشقائه السبعة وبعد فترة قصيرة أصبح ذلك العامل اليتيم بمثابة ذراع زوجي الأيمن وأكثر شخص يثق فيه بحياته وسلمه مفاتيح الورشة وائتمنه علي ما فيها كما اتمنه علي بيته فكان هو الشخص الوحيد الذي يسمح له زوجي بدخول منزلنا وقضاء بعض احتياجاتنا وايصال مبالغ مالية كبيرة لعملاء زوجي وتحصيل مبالغ أخري لصالح زوجي. مرت السنوات دون أن يشك زوجي ولا انا في ذلك العامل المخلص يوما وفجأة وبدون سابق انذار اصيب زوجي بوعكة صحية شديدة دخل علي أثرها المستشفي علي الرغم من عدم شكواه من أية امراض قبل ذلك وتدهورت صحته بسرعة ودخل في غيبوبة لمدة شهر ثم أفاق لمدة ثلاثة أيام قام خلالها بالاتصال بمحاميه وقرر بيع الورشة وشقتنا "التمليك" لي بعقود مسجلة حتي لا يتمكن اشقاؤه من أخذها مني وإلقائي بالشارع بعد وفاته لعدم انجابي وعدم وجود وريث له. يشاء القدر ان يتوفي زوجي بعد تسجيل العقود وانتقال الملكية لي علي الفور. وفور علم اشقاء زوجي بقيامه ببيع املاكه لي هددوني بالقتل وأقاموا دعوي قضائية ضدي يتهمونني فيها بالتزوير والنصب ولكن ذراع زوجي الأيمن العامل الأمين اليتيم الذي تربي لدينا بالورشة هو من وقف بجانبي ودفع عني ظلم اشقاء زوجي وكان لهم بالمرصاد. بعد عدة شهور من وفاة زوجي عرض علي العامل الزواج حتي يتسني له الدفاع عني وعن مالي وترددت كثيرا فأنا ابلغ من العمر ثلاثة وستون عاما وهو شاب ابن الثمانية والثلاثين عاما وفكرت في "كلام الناس" كما فكرت ايضا في أن ذلك الشخص هو الانسان الوحيد الذي سيستطيع الوقوف بجانبي وحمايتي من اشقاء زوجي والحفاظ علي أرثي كما تذكرت كلمات زوجي لي ووصيته لي بأن احافظ علي علاقتي الطيبة بذلك العامل الوفي الذي ظل لسنوات يحافظ علي مالنا وأن أثق فيه وبالفعل أخذت قراري بالزواج منه بعد أكدت له انني سأظل مثل والدته وأن زواجي منه سيكون بمثابة رد الجميل له وكذلك ليتمكن من حمايتي وتم الزواج. كانت الصدمة بعد مرور أسبوع واحد فقط- اختفي زوجي الجديد وحاولت معرفة طريقه بشتي الوسائل لمدة شهر وانا ابحث عنه وفي أحد الأيام فوجئت باحد العمال بالورشة يطرق باب المنزل ويخبرني بأن بعض الأشخاص جاءوا للورشة وطلبوا اخلاءها لانهم قاموا بشراءها من مالكها الجديد واذا بي أصرخ وأطلب النجدة من الجيران والأهالي وأتوجه للورشة لأجد ثلاثة رجال يبدو عليهم أنهم من "السماسرة" واذا باحدهم يخرج عقده مسجلاً بالشهر العقاري بتوقيع من زوجي الشاب واتساءل كيف ذلك ومتي حدث واين هو؟ ويصرخ في وجهي المشتري من فضلك "تخلي لنا الورشة" غدا لاننا سنأتي لاستلامها وقمت بالاتصال بالمحامي الخاص بي ليؤكد لي صحة عقد المشتري ويبلغني أن زوجي ذهب له أمس وابلغه بأنني قمت بعمل توكيل عام بالبيع والشراء وأنه رأي بصمتي وختمي علي الأوراق فأكدت له أنني لم أقم بذلك وانه بالتأكيد ذلك التوكيل مزور فقال لي انه كل ما بيده فعله هو اقامة دعوي تزوير ضده ولكن لن يكون الحكم في صالحنا لأن ختمي وبصمتي واضحين وتذكرت لحظتها انني قمت في احدي الليالي لأجد اصبعي وبه "حبر" ولم اتخيل ان يكون ذلك هو الشيطان زوجي حتي لم أفكر في سؤاله لعدم ورود الفكرة في ذهني وتأكدت من المحامي انه لا أمل في اقامة دعاوي قضائية لان الحكم سيكون في صالحه قانونيا وبين ليلة وضحاها وجدت نفسي بالشارع بلا مأوي أو دخل مادي أعيش به وان الشخص الوحيد الذي وثقت به انا وزوجي ليكون أول من يغدر بي ولم أجد سوي بعض المشغولات الذهبية التي قمت ببيعها واستأجرت شقة بمنطقة بعيدة. بعد عدة شهور نفدت نقودي ولم أجد أي مال فلجأت لاحدي الجمعيات الخيرية والتي ساعدتني ثم اقترحت علي جارتي بأن اعمل بنظافة المنازل كخادمة بأجر يومي حتي استطيع العيش.. وبالفعل انتهي بي الأمر أعمل خادمة بعدما كنت امتلك ورشة وشقة وذهبا وعمالا. جئت إلي محكمة الأسرة أطلب الطلاق من زوجي الشاب الذي لا أعرف عنه شيئا.. ربما يساعدني الحكم الذي يصدر عن المحكمة في الحصول علي "معاش"!!