رغم التقدم الاقتصادي الملحوظ الذي حققته الصين علي مدي العقود الماضية. إلا أن قطاع الصحة بها لم يتحسن بهذا القدر بل ازداد سوءًا. بلغ معدل نمو الاقتصاد الصيني 10% وخرج نحو 450 مليون مواطن من طبقة الفقر منذ عام 1980. في نفس الوقت تقول البيانات الرسمية الصينية إن متوسط العمر المتوقع في الصين لم يرتفع كثيراً حيث زاد من 68 إلي 73 عاماً فقط بين عامي 1981و .2009 لا عجب في ذلك فالصين هي أكثر باعث للغازات المسببة للاحتباس الحراري كما أنها تضم ما بين 16 إلي 20 مدينة هي الأكثر تلوثاً علي مستوي العالم. إلي جانب تقارير وردت بإلقاء نحو 16 ألف حيوان نافق في نهر هامبوا بشنجهاي. ووفاة آلاف الأجنة بسبب التدهور البيئي وتلوث الهواء. وفي عام 2009 انتشرت حالات تسمم الأطفال بالرصاص في مقاطعة شنشي التي يوجد بها مصنعا لصهر الرصاص والزنك. واتهم القرويون حينها الحكومة المحلية والمركزية بالتستر علي الفضيحة. وقد لاحظ الآباء ظهور علامات المرض علي أطفالهم مثل نزيف الأنف ومشكلات في الذاكرة. وبالفحص وجد أن مستوي الرصاص لدي السكان في 7 قري محيطة بالمصنع وصل إلي 10 أضعاف المستوي الآمن الذي تسمح به السلطات الصينية. وفقاً للبنك الدولي. فإن 1% فقط من 560 مليوناً هم سكان المدن بالصين يتنفسون هواءً آمناً طبقاً لمعايير الاتحاد الأوروبي. وقد أدي تلوث الهواء هذا إلي وفاة 1.2 مليون جنين في عام 2010 وحده. وما يزيد الأمر سوءًا هو توسع الحكومة الصينية في بناء محطات توليد الكهرباء التي تعمل بالفحم مع إهمال تركيب مرشحات بمداخن المحطات لتنقية العوادم المنبعثة منها. كما تتزايد انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون من السيارات في الصين بشكل كبير. ويقدر البنك الألماني أن يرتفع عدد السيارات في الصين إلي 400 مليون بحلول عام 2030. بالإضافة إلي أن مستويات الغازات السامة المنبعثة من الشاحنات التي تعمل بوقود الديزل أسوأ 23 مرة علي الأقل من تلك الموجودة في الولاياتالمتحدة. ويؤدي هذا التلوث إلي هطول الأمطار الحمضية التي اضرت بثلثي الأرض الزراعية. بالإضافة إلي الغابات والمسطحات المائية. ووصول الأجسام السامة إلي مياه الشرب التي تعاني الصين من ندرتها في المقام الأول. من جانبها أصدرت وزارة البيئة بالصين بياناً يقول إن 70% من الأنهار الرئيسية بالبلاد تعاني من التلوث الشديد حتي مع مرورها علي محطات التنقية بالإضافة إلي مستودعات المياه الجوفية التي تتسرب إليها المواد السامة الناتجة عن تحلل النفايات حين يتم دفنها في باطن الأرض. وفشلت جهود الصين في القضاء علي مشكلة القمامة. حيث إن 80% من بحر الصين الشرقي وهو واحد من أكبر مصائد الأسماك في العالم أصبح غير صالح للصيد. كما أن المدن الساحلية الصينية تضخ نصف نفاياتها علي الأقل مباشرة في المحيط ما جعل الصين أكبر ملوث للمحيط الهادئ. وفي محاولة منها للقضاء علي مشكلات التلوث فرضت السلطات الصينية قوانين أكثر صرامة في شهر مارس الماضي. حيث وضعت قيوداً علي استخدام الأكياس البلاستيكية في المتاجر. وقد صدر قانون يحظر استيراد النفايات الإلكترونية. ويفرض طرقاً آمنة للتخلص منها نجحت هذه التشريعات بشكل محدود في مدينة تيانجين حيث تم التخلص من 38 ألف طن من النفايات الإلكترونية في عام .2010 مشكلة الصين الأساسية تكمن في منطقها الذي تتعامل به مع القضية حيث تري أنه من حقها تحقيق النمو الاقتصادي والصناعي علي حساب البيئة. لكن التلوث يكلف 3.05% من اقتصاد البلاد. وأيضاً يقدر البنك الدولي أن تلوث المياه والهواء في العام 2003 كلف الاقتصاد الصيني 5.78% من الناتج المحلي الإجمالي. وتعتمد الصين إلي حد كبير علي التوسع في رأس المال المادي وزيادة استهلاك الطاقة في الصناعات التحويلية والثقيلة. وقد يستمر هذا النمو لكن علي الحكومة الصينية الاستعداد لمعركة شرسة مع حماية البيئة. وإذا ما استمرت الصين علي هذا المنوال فإنها لن تكون قادرة علي تأمين صحة السكان أو الرفاهية الاقتصادية.