البركة هي النماء والزيادة. وهي سر من الله. عز وجل. يضعه في القليل ليكثره. ولا يستحقها المفرطون أو المبذرون» لأنهم لم يأخذوا بأسبابها حتي إن جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة قد ذهبوا إلي جواز طلب الحجر علي السفهاء المبذرين للمال والمنفقين له في غير مصلحة أو حاجة. وهذا الطلب حق لكل من له مصلحة في هذا الحجر. أو ممن يضارون من هذه السفه» لقوله تعالي: "ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قياماً وارزقوهم فيها واكسوهم وقولوا لهم قولاً معروفاً" "النساء: 5". ولأن الله تعالي منع إعطاء المال للصغار أن يتصرفوا فيه حتي نستوثق من رشدهم. فقال سبحانه: "وابتلوا اليتامي حتي إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشداً فادفعوا إليهم أموالهم" "النساء: 6". وعلي هذا فإنه يجب علي من يطلب البركة فيما يحتكم عليه من مال. ألا يصرف إلا لحاجة. وألا يشتري إلا ما فيه منفعة في الحال أو الأجل القريب. وألا يستدين بأي حال» لأنه صاحب مال. فليترك الدين أو القرض لغيره من أصحاب العوز الطارئ. فالاستدانة مشروعة في الأمور الطارئة أو غير المعتادة. ولا يجوز للمسلم أن يكون دأبه الاستدانة وإلا أدمنها وغرق في الديون فساء في حق نفسه. وأساء في حق غيره» لأن ديون العباد لا تسقط بحال. فقد أخرج مسلم من حديث عبدالله بن عمرو بن العاص. أن النبي. صلي الله عليه وسلم. قال: "يغفر للشهيد كل ذنب إلا الدين". وأخرج البخاري من حديث سلمة بن الأكوع أن النبي. صلي الله عليه وسلم. كان يمتنع عن الصلاة علي الجنازة إذا كان علي صاحبها دين ولم يترك مالاً للوفاء. ويقول: "صلوا عليها أنتم". وفي بعض الأحوال التي تكون طلبات البيت فيها أكثر من دخل رب البيت. ولو في بعض الأشهر من العام. كأعباء المصاريف الدراسية والعلاج من الأمراض الطارئة. وغير ذلك فإنه يجب علي رب البيت أن يشرك أسرته معه في البحث عن الحل إما بزيادة الدخل عن طريق العمل الإضافي. أو بترشيد الاستهلاك بتقديم الأولي فالأولي. أو غير ذلك من حلول أخري تأتي ببركة الاستشارة» لما أخرجه الطبراني عن أنس بن مالك. أن النبي. صلي الله عليه وسلم. قال: "لا ندم من استشار". وفي رواية أخري للطبراني ايضا عن أنس بسند فيه ضعيفان: "لا ندم من استشار ولا عال من اقتصد". وعلي من يطلب البركة في الرزق - في جميع الأحوال - أن يتحري الحلال. وأن يبتعد عن الحرام. فقد أخرج مسلم عن أبي هريرة. أن رسول الله. صلي الله عليه وسلم. قال: "أيها الناس إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً. وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين. فقال: "يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحاً إني بما تعملون عليم" "المؤمنون: 51". وقال: "يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم" "البقرة: 172". ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلي السماء يارب يارب ومطعمه حرام ومشربه حرام وملبسه حرام وغذي بالحرام. فأني يستجاب لذلك".