هل هناك مخطط لتحويل مصر إلي لبنان "الثمانينات والتسعينات". أو الصومال الآن حيث الميلشيات المسلحة المتصارعة والمتناحرة؟. هل هناك مخطط لتحويل لغة التفاهم بالكلام والعيون إلي لغة السلاح والعننف والدم؟. أقول ذلك بمناسبة تقدم وزارة الداخلية بمشروع قانون إلي قسم التشريع بوزارة العدل تمهيدا لتقديمه إلي مجلس الشوري لمنح الضبطية القضائية لشركات الأمن الخاصة وتسليحها. في حال حراسة المنشآت الخاصة وحماية الشخصيات ونقل الأموال. في البداية هناك سؤال يطرح نفسه بقوة: هل هناك داع لمثل هذا التشريع الجديد في ظل وجود شركات امن خاصة تعمل الآن في مصر بمقتضي القانون المنظم لها ؟ . بداية هذه الشركات مرخص لها بحكم القانون الحإلي اقتناء الأسلحة بموافقة وزارة الداخلية. بل واستيراده بعد موافقة القوات المسلحة. والأكثر من ذلك اقتناء أجهزة لاسلكية تغطي جميع انحاء الجمهورية وتكاد تكون أحدث من التي تملكها الداخلية نفسها. علي الاقل في المدي الترددي لها حيث يمكنها ان تغطي كل انحاء الجمهورية. في حين ان اللاسلكي الخاص بالداخلية نطاقه محدود بالمنطقة الجغرافية التي يقع في نطاقها قسم الشرطة أو مديرية الأمن.!!. والمهم أيضا أن الشركات الحالية لها ضبطية قضائية... ويبقي السؤال: لماذا كل هذه الضجة؟.. ماهي الحاجة الملحة لإصدار قانون جديد آخر لشركات الحراسة الخاصة الآن؟ أولا: إذا كان الهدف منح غطاء شرعي قانوني للميليشيات او لتكوينها.. أعتقد ان مثل هذه التنظيمات. وجودا و كينونة. تعمل تحت الارض. ولا تعترف اصلا بأي قانون.. ثالثا : إذا كان الهدف هو تسليح الميليشيات. يكون الرد ببساطة أن التسليح المسموح به للشركات الخاصة لن يزيد عن "طبنجة" صوت أو حتي مسدس !!. ومثل هذه الميليشيات تعتبر المسدسات مجرد "نبلة" إذا ما تمت مقارنتها ب "الرشاش والآر.بي. جي" بل والمدافع المضادة للمصفحات وللدبابات بل والطائرات..يعني فعلوها من غير قانون. ومثلهم لايحتاج إلي قانون !! ويبقي السؤال مشروعا.. لماذا كل هذه الضجة؟ أعتقد ان الاجابة تكمن .. إن شركات الحراسة الحالية. والقانون المنظم لها. لا يسمح بحماية الشخصيات العامة. بل ويجرمها خاصة بعد حوادث بعض الامراء العرب الذين كانوا يستعينون ببعض "البودي جارد". إما للوجاهة والمنظرة. أو لترويع الآمنين أو للتواجد في مقدمة الاحتفالات والمناسبات الكبري أو لمنع الكاميرات من الاقتراب منهم مثلما تفعل بعض الراقصات أو بعض المطربين. أو بعض رجال الاعمال حين يكونوا في مواضع مخجلة أو أثناء محاكمتهم. وحين وقعت بعض الحوادث منذ فترة طويلة والتي كان أبطالها بعض الشخصيات وكلابهم أصبح لا يحق لأي شخصية الاستعانة بالبودي جارد. بل ويوصفها القانون بالبلطجة وترويع الآمنين .. لذلك يبيح مشروع القانون الجديد المثير للجدل ذلك. خاصة مع إحساس بعض السياسيين بعدم الأمان ورغبتهم أن تكون الحراسة حولهم بشكل شرعي. يعني ببساطة ما يرفضه القانون الحإلي من القيام بحماية الشخصيات بل ويجرمه ويعتبره من أعمال البلطجة وترويع الآمنين يجيزه مشروع القانون الحإلي وتخيلوا معي. وتصوروا المشهد أو مايليه من أحداث. لو تشاجرت شخصيتان سياسيتان في ميدان التحرير مثلما يحدث الآن وكل منهما وراءه جيش من الحراس.. تخيلوا معي بحار الدم والعنف التي ستحدث لو حدث الصدام !! وإذا تصورنا وجود اكثر من شخصية في اجتماع عام او مكان رسمي ومعهم مثل هؤلاء الحراس. الا يحق لهم باعتبارهم يمثلون كيانا قانونيا الدخول مع من يحرسونهم. وتخيلوا المشهد والاجتماع حين يكون 99% من الحاضرين "بودي جاردات".. وتخيلوا معي بحار الدم والعنف التي ستحدث لو حدث الصدام !!.. قد تبحث بعض الجماعات او الاحزاب واصحابها عن شكل قانوني كي تعمل فيه هذه الميلشيات لتكتسب وجودا ظاهرا يخفي وراءه وتحته.. جبال الأسلحة او المهام التي لا توفرها الشركات الحالية ومنها الحراسة الشخصية !! أخيراً قد يكون هناك أسباب وجيهة لمشروع هذا القانون لكن الخطر الأكبر قد يكمن في التفاصيل وأقول للحكومة : "الباب اللي يجيلك منه الريح سده واستريح". خاصة مع اتهامات الأخونة في الوزارات وفي مقدمتها وزارتا الداخلية والعدل!!