شغلتنا معارك وخناقات السياسيين وصراعات الكراسي والسلطة بين جبهة الانقاذ والتيارات الإسلامية عن هموم البسطاء والغلابة ومصارعتهم اليومية مع وحش الغلاء الذي استفحل وتوحش في الأيام الأخيرة وكله بحجة ارتفاع سعر الدولار.. أسعار السلع الأساسية اشتعلت نارا تحرق هؤلاء الغلابة من الموظفين والحرفيين والفلاحين والطبقة المتوسطة.. كل يوم تزداد الأسعار ولا أحد يحاسب.. ولا أحد يراقب.. ولا أحد يدري شيئا عما يعانيه المواطنون في الشارع اليوم.. كل السلع زادت أسعارها بلا استثناء بصورة مجنونة.. لم تعد "الأوطة" وحدها المجنونة.. باتت كل السلع مجنونة وخاصة الأساسية والضرورية التي لا غني عنها في كل بيت.. زيت وسكر وشاي وصابون ودقيق ومكرونة وحبوب غذائية محلية ومستوردة.. فراخ ولحمة وسمك وبيض.. حديد وأسمنت ورملة وزلط وطوب.. كل السلع دخلت بورصة الغلاء الملعونة في مصر.. وكل يوم تجد الأسعار ترتفع عن اليوم السابق وامتنع تجار الجملة عن البيع والشراء حرصا علي تحقيق مكاسب وأرباح أكبر علي حساب الغلابة والمساكين من أبناء هذا الشعب الطيب وسط غياب الرقابة والمتابعة والمساءلة من الأجهزة الحكومية المعنية. انشغل الجميع بقضايا السياسية والصراع بين الأحزاب وفتاوي الاغتيال ثم التراجع عنها وتخلت وسائل الإعلام بشتي انتماءاتها وألوانها عن هموم وآلام الكادحين والمطحونين وراحت تلهث وراء تلك الصراعات ولم تعد تبالي بمعاناة الأسرة المصرية التي اقتربت من إعلان افلاسها وعجزها عن ملاحقة الزيادات المطردة والمستمرة في أسعار السلع والخدمات!! ربة البيت تذهب كل صباح إلي السوق فتجد قائمة جديدة بأسعار الخضر والفاكهة غير التي رأتها بالأمس.. تدخل إلي سوبر ماركت أو حتي منفذ بيع بالجملة فتشعر بالصدمة من تغير الأسعار خلال 24 ساعة فقط وكأنها في بنك أو محل صرافة تتبدل أحوال أسعار صرف العملات مع كل ساعة.. تعترض بشدة وتكاد تبكي علي الزيادة غير المبررة فيرد عليها البائع ناصحا إياها بالشراء ويقول: هذه أسعار اليوم تختلف عن أسعار الأمس ومؤكد أن أسعار الغد ستكون مغايرة تماما لأسعار اليوم.. وهنا تخضع ربة البيت لابتزاز التجار وإهمال وغياب الحكومة وتضطر لشراء احتياجاتها ولسان حالها يقول: اشتري اليوم أفضل من الانتظار إلي الغد!! سائق تاسكي اشتكي بمرارة وسألني مصدوما هل تصدق يا بيه أن علبة التونة الصغيرة اللي كان سعرها منذ أيام 4 أو 5 جنيهات زدت اليوم إلي 8 و9 جنيهات رغيف العيش أبوربع جنيه كش واتسخط إلي حجم أبوعشرة قروش من سنة أو سنتين وانتشر في المخابز السياحية الرغيف السوبر أبو نص جنيه والرغيف الجامبو أبو جنيه.. وأقسم سواق التاكسي بأنها أيام قليلة ويختفي تماما رغيف أبوربع جنيه ويحل محله أبو نص جنيه.. المواصلات زادت أسعارها بنسبة 50 100% وعندما ترفض وتعترض تجد السائق يكشر عن انيابه ويقول مهددا: اللي مش عاجبه الأجرة يوريني جمال خطوته أو يروح يركب عربية أبوه!! وأخيرا صرخة مواطن مسكين اكتوي من نار الأسعار إلي السياسيين والحكام.. ياريت تتركوا السياسة شوية وتنسوا صراعاتكم علي السلطة وتشوفوا هموم الناس الغلابة قبل فوات الأوان.