بسرعة الصاروخ انتقل العنف من الشارع المصري إلي داخل المدارس وتحولت شنط التلاميذ إلي ترسانة أسلحة بيضاء ونارية فأصبح شيئ عادي أن تسيل الدماء علي مقاعد الدراسة. في كوم حمادة تحول خلاف بين طالبين علي 20 جنيها إلي مشاجرة أسفرت عن سقوط محمود. م. ع 17 سنة قتيلا بجرح نافذ بالصدر من صديقه محمد. س الذي أخفي سكينا في ملابسه ليرتكب جريمته وشهدت مدرسة المرج الثانوية بالقليوبية جريمة قتل بشعة عقب قيام طالب بالصف الثاني الثانوي بطعن زميله بمطواه فأرداه قتيلا فألقت مديرة المدرسة جثة الطالب خارجها خوفا من المسئولية وقطعت دفتر حضوره يوم الجريمة مما دعا 15 ألفا من أبناء القرية إلي محاصرتها فقام المحافظ بإحالتها للتحقيق فأقرت بمسئولية مديرية التربية والتعليم عن الحادث. ولم تكن الجامعة المصرية بعيدة عن مسلسل العنف حيث تكرر نفس المشهد داخل كلية آداب حلوان وانتهي بمقتل طالب علي يد زميله الذي حمل سكينا خصيصا لطعن زميله. أولياء الأمور اعتبروا أن العنف داخل المدرسة نتيجة طبيعية للانفلات الأمني الذي تشهده الشوارع منذ ثورة 25 يناير وحتي الآن. يقول عبده بطيخ - من أوسيم: في الريف العنف أقل داخل المدارس لأن الأهالي والعائلات معروفة لكن في المدارس الثانوية المشتركة الأمر شديد الخطورة حيث يشتبك الشباب علي أتفه الأسباب. والأهالي لم تعد قادرة علي التربية لأنهم يعملون طوال الوقت خارج المنزل لتحسين الوضع المالي تاركين أمر التربية للتليفزيون. والأصدقاء. نادية محمد - ربة بيت - تري أن المرحلة الثانوية هي أكثر المراحل شراسة ولابد من تعاون البيت مع المدارس بغرس قيم الدين السليمة في نفوس أبنائهم منذ الصغر. وأن يقوم الإعلام بنشر الأخلاق. والقيم بشكل غير مباشر ومن خلال مواد جذابة لهؤلاء المراهقين. بلطجة سياسية هناء منصور - طبيبة - تري أن ما يحدث في المجتمع من بلطجة سياسية تحول إلي بلطجة اجتماعية علي جميع المستويات فقد كنا نلوم تركيز التليفزيون علي عنف الأفلام الأجنبية بينما تحول هذا العنف إلي واقع ملموس عندما رأينا السلاح في يد أولادنا. علينا أن نعود لدولة القانون حتي تعود الأخلاق للمجتمع الذي لايزال يعاني من الانفلات. ويؤكد سلامة الوكيل - محاسب: عنف المراهقين هو رد فعل لتراجع دور الأسرة. والمدرسة. والإعلام.. لأن هذا العمر الصغير بدون قدوة مجتمعية. والسبيل الوحيد للصبية هو فرض الرأي بالقوة. وحمل السلاح لإثبات سلامة رأيه وقراره وفرضه علي أقرانه لذا لابد من عودة الاستقرار للمجتمع حتي يعود للأبناء. أحمد مطاوع - كبير أخصائيين بمدرسة الحرية للغات بالدقي - إن البيئة الأخلاقية في المجتمع تنهار والعنف نتاجا طبيعيا لما يحدث بالمجتمع المصري منذ الثورة والغريب أن عنف الطلبة وأولياء الأمور لا يعاقب عليه القانون بالتربية والتعليم عكس المدرس. لذا لابد من تغيير القوانين بحيث تكون رادعة للمعلم والطالب وولي الأمر. تتفق معه سوسن محمد - مديرة مدرسة محمد فريد بالقاهرة - مؤكدة زيادة تواجد الأسلحة البيضاء مع الطلاب زادت بعد الثورة مع ذلك فهي تعمل علي تأمين المدرسة وتفتيش الطلاب وزيادة الإشراف المدرسي ولكن لا نستطيع السيطرة علي الظاهرة خارج أسوار المدرسة. دوريات أمنية يؤكد ذلك محمد مصطفي - ناظر مدرسة عمر مكرم - مضيفا أن ظاهرة البلطجة أصبحت شيئا عاديا سواء داخل المدرسة أو خارجها مهما كان هناك إشراف ويطالب بوجود دوريات أمنية داخل وأمام المدارس بصفة دائمة. قنوات المصارعة الحرة تري أميرة السمري - مديرة مدرسة كلية النصر للغات بالمعادي سابقا - أن العنف والبلطجة يحيطان بالطلبة في كل شارع بالبلد والإعلام أيضا به العديد من القنوات في المصارعة الحرة المتخصصة تتم الإعلان وتؤثر في أذهانهم ويحلمون بتقليدها بالفوز بالبطولات حيث إنهم في سن المراهقة كما أن عدم انتظامهم بالدراسة زاد من صعوبة الأمر حيث لا يوجد تقويم تربوي في المنازل ولغياب الأب والأم. بلطجة علي كل لون يشير عادل جرجس - ناظر مدرسة بالجيزة - إلي تعدد أنواع البلطجة بالمدارس حيث أصبحت ظاهرة اعتداء ولي الأمر والطالب علي المدرس متكررة. والكل يشاهد ولا يفعل شيئا لوجود الأسلحة البيضاء معهم. حرية أم فوضي الدكتور حسن شحاتة - خبير تربوي - إن ظاهرة العنف والبلطجة داخل المدارس ظاهرة طبيعية نتيجة الحرية الزائدة وعدم التفريق بين الحرية والفوضي ومشاهدة أفلام العنف وأنشطة الملاكمة والرياضيات العنيفة وظهور جماعات الألتراس التي جعلت الشباب تفعل ما تريده دون التفريق بين الصح والخطأ كما أن إدارة المدرسة تعامل الطلاب بطريقة غير صحيحة تدفعهم للعنف وبعد الثورة زاد الأمر نتيجة وسائل الإعلام والأحزاب السياسية التي تتيح العنف في المجتمع كما أن أولياء الأمور تخلوا عن تربية أولادهم وكثير منهم يتعامل المدرسة والمدرسين بسلوك فيه تجني وأحكام خاطئة علي المدرسين إضافة إلي أن بعض المعلمين غير مؤهلين تربويا لا يعرفون كيف يتعاملون مع الطلاب ويري أنه لابد من إذابة مثلث العنف الذي يبدأ من تراخي الأسرة والمعلم غير التربوي وأخيرا إيقاف الأنشطة العنيفة في الأحزاب السياسية المعارضة والألتراس وأفلام العنف. درجات السلوك ويطالب شحاتة بوجود درجات للسلوك وتؤثر في نجاحه وتسويته مع تدريب المعلمين غير المؤهلين تربويا في كليات التربية وعودة التواصل الناجح بين البيت والمدرسة من خلال مجالس الآباء والمعلمين بالإضافة للمعاملة اللائقة بين المعلمين والطلاب وامتداد الحزم للمدرسة. السلاح في يد الجميع الدكتور أحمد محمد علي - عميد كلية الخدمة الاجتماعية بجامعة حلوان - يري أن ظاهرة العنف موجودة في مصر قبل أو بعد الثورة لكنها زادت عن الحد في الأيام الأخيرة مما جعله يصل إلي المدارس وينتج بسببه العشرات من القتلي والجرحي خاصة بعد أن شاهد هؤلاء الطلاب أشكال وألوان من الأسلحة في اللجان الشعبية مما أثار انتباههم وجعلهم يشعرون أن حمل السلاح أصبح مستباحا والدليل علي ذلك العثور علي أشكال مختلفة من الأسلحة مع الطلاب المقبوض عليهم في أحداث محمد محمود والاتحادية ومجلس الوزراء مما ينذر بعواقب وخيمة مستقبلا. ويضيف أن طلاب المدارس في القري لم يكونوا بعيدين عن الأحداث رغم التربية والالتزام الشديدين ومراقبة الأسرة المستمرة ساعد علي ذلك غياب القانون وتفشي الجريمة فأصبحنا نسمع كل يوم عن سقوط قتيل أمام إحدي المدارس أو داخلها وللأسف ترتفع يوميا معدلات الجريمة في تلك المناطق مما ينذر بعواقب وخيمة مستقبلا. ويطالب الأسرة بمراقبة الأبناء وحثهم علي الالتزام وعدم استخدام العنف. حقي بذراعي وتقول الدكتورة سمية نصر - أستاذ علم النفس ورئيس شعبة بحوث الجريمة: إنه تم عمل دراسة عن ظاهرة العنف بين الطلاب وبين المدرسين والطلبة واتضح أن العنف الممارس ضد الطلبة عبارة عن مشاهدة 30% من الطلبة انعكاسا للعنف في البيوت و10% بسبب المدرسة بينما الباقي عادات مكتسبة من الرعلام وفي الشوارع وفي الأحداث الجارية. وتوضح أن مشاهدة أفلام العنف والأخبار التي تحتوي علي مواد مماثلة غرست قيم العنف داخل طلاب المدارس وأصبح لديه قناعة تامة بأخذ حقه بذراعه مؤكدة أن الحل الأمثل لهذه الظاهرة يكمن في بث القيم والأخلاق في الطلاب سواء من الأسرة أو المدرسة وإعادة روح التسامح من جديد وتوسيع نشاط الطلبة للابتعاد عن الظاهرة المجتمعية الغربية علي مدارس مصر.