المحافظة علي هيبة الدولة وحماية مؤسساتها أمر لا خلاف عليه ولكن علينا ألا نهرول خلف أخطاء أفراد من القيادات في ارتكاب أخطاء تضر بالمجتمع وأمنه واستقراره وتتحول إلي جرائم. ومصر فوق الأشخاص مهما كانت أسماؤهم ومراكزهم.. وستبقي مصر أكبر من أي شخص أو فرد. ولا أحد يوافق علي استهداف أي مبني حكومي أو الاعتداء عليه أو العاملين فيه. فهذا خطأ وغير مبرر!! ولكن بكل أسف فإن ما جري أمام وزارة الداخلية هو جرح قديم لم يلتئم لا علاقة له إلا بالقصاص والملاحقة القضائية لكل من ارتكب جريمة أو خطأ. وتدفع وزارة الداخلية بهذه التصرفات الأخيرة واستهدافها من الشباب الغاضب من أجل القصاص تكلفة اخطائها في الماضي والحاضر وأخطاء جهات أخري عديدة في الدولة. كل رجل شرطي يصاب يحزن الجميع من أجله ولكن ايضا لا يجوز أن يسقط شهيد من هؤلاء الشباب أو يصاب أحدهم بطلق خرطوش أو أحجار. ومهمة الأمن الواعي أن يتحلي بالحكمة والصبر والأداء الرفيع طالما أن هذه الجموع لم تقترب من مبني وزارة الداخلية أو ترتكب أي أخطاء أخري. وقد وقع الطرفان الشباب الغاضب وجنود الداخلية وضباطها أسري حالة من الغضب والهياج بسبب هذه الحالة التي كان من الممكن احتواؤها. نعم احتواء هذه الظروف المؤلمة كان يمكن أن يتم بالتزام الصبر والحكمة من جانب جهاز الشرطة لأن المبادرة باستخدام القسوة والخشونة لا مبرر لها وهناك تدرج في التعامل مع هؤلاء الغاضبين وطالما كانت المظاهرات والمسيرات سلمية بعيدة عن التخريب فهي يجب أن يتم حراستها والتحلي بالصبر وعدم المبادرة باستهدافها لأن فض المظاهرات بالعنف سيولد المزيد من العنف والخراب وفقدان الأرواح التي نحزن عليها سواء كانوا من الشباب الطاهر أو من رجال الشرطة. وفي كل الأحوال وبرغم أن حالة الغضب الواضحة من الشباب نحو وزارة الداخلية فإنها ربما تحدث لان المحاسبة غائبة والقصاص لم يتم. ومحاسبة ضباط الشرطة الذين اتهموا في جرائم عديدة لم تحدث حتي الآن وربما هناك نوع من الحماية والحصانة لهم من المحاسبة وهو ما يثير الناس والشباب الغاضب. الغضب لدي الشباب مشروع واستهداف أي مؤسسة في الدولة غير مشروع ولا يوافق أحد عليه وكان من الضروري أن تلجأ وزارة الداخلية إلي أولي الأمر في الدولة للحوار مع هؤلاء الشباب وطمأنتهم علي أن المحاسبة والقصاص ستتم ولكن هذا التعتيم خطأ. والإصرار علي غلق صفحة الماضي ومنذ قيام ثورة 25 يناير وكأن شيئاً لم يحدث.. وأن من سقط شهيداً قد ذهب إلي ذمة الله. كما أن جهاز الشرطة رغم أنه يبذل جهوداً في استعادة الأمن الذي لم يكتمل تماماً فإنه يجب أن يبادر بتطهير نفسه.. ويحاسب من يخطيء ولا يوجد أي جهاز في مصر أو أي دولة بالعالم دون أخطاء. ومنذ سنوات وأنا أطالب كل فئة ومهنة أن تبدأ التطهير من داخلها وبما في ذلك الصحافة والطب وكل المهن الأخري. وجهاز الشرطة يجب أن تظهر به علامات علي التطهير والهيكلة وعدم العودة إلي أساليب الماضي لأنها من الصعب أن تعود ولن تكون مقبولة. يحترم الناس رجل الشرطة الملتزم بالقانون والحريص علي أداء واجبه بأمانة ولكن من يخالف أو يخطيء أو يتجاوز ستسيء أخطاؤه إلي الجهاز كله ولهذا فالتطهير ضرورة ومحاسبة المخطئ في جهاز يتعامل مع كل الشعب المصري. ومرة أخري ما جري ويجري في محمد محمود ويوسف الجندي وأمام وزارة الداخلية هو ناتج غضب علي أوضاع سياسية واقتصادية وللأسف تدفع وزارة الداخلية وحدها التكلفة.. وهي في هذه الحالة ربما تسقط في أخطاء تحسب عليها وهذه مسئولية أجهزة الدولة كلها بالخروج من المأزق بالقصاص ووضع سياسة تكفل انتزاع الغضب من النفوس. * كلمات لها معني: توقع الأسوأ وستكون المفاجأة سارة جداً نابليون بونابرت امبراطور فرنسا