هذه المشكلة كانت حبيسة الصدور استطاع أمن الدولة أن يسجنها 30 سنة.. غير انها الآن وبعد ثورة 25 يناير ظهرت بقوة تقلب في الماضي تحاول تعويضه من الحاضر دون أن يقف في وجهها أحد. جهات اسلامية عديدة.. جمعيات وجماعات منها السلفي والصوفي والجهادي والاخواني جميعها تنازع أئمة الاوقاف منابر المساجد تجد لها حقاً فيها وتحاول الاستيلاء عليها إما بالقوة أو القضاء أو بهما معا. تحولت القضية إلي معارك في قلب المساجد وأمام المنابر وظهر الدعاة أمام الجماهير وكأنهم يتصارعون علي الدنيا ولايتنافسون في الدعوة إلي الله. سألت الشيخ محمد حماد إمام مسجد الشيخ الرفاعي ما هو الحل؟ قال الأئمة بشر لابد ان يحدث بينهم خلافات ولكن المسألة تتعلق بقوة الامام مهنيا واخلاقيا لان معظم هؤلاء المتصارعين علي المنابر يقصدون المنظرة وليس عندهم علم.. وفي أول اختبار أمام الناس يشعر الجميع بضآلتهم وجهلهم بالنسبة لإمام المسجد الذي اعتادوا عليه وسمعوه وعرفوا علمه واخلاقه فتنبذهم الجماهير نفسها حتي دون جهد من الامام. هذا بالنسبة لبعض الغاوين الذين اعتقدوا أن الامام مجرد لحية وجلباب وسواك وبعض الكلمات المتكررة فحاولوا بها خداع الجماهير واعتلاء المنابر دون وجه حق.. وهؤلاء ان نجحوا مرة فإن الناس تكتشفهم بعد ذلك أما بالنسبة للمشاكل الاخري مثل ما حدث مثلا في مسجد النور في بداية الثورة فإن هذه مشاكل قديمة بين بعض الجمعيات الاسلامية التي تمتلك بعض المساجد وتريد أن تضمها إليها وحرمها من ذلك النظام السابق بمساعدة أمن الدولة والان تحاول الحصول علي هذه الحقوق.. ومعظم هذه الجمعيات مليئة بالأئمة والعلماء أيضا ولكنها تشعر بالظلم نتيجة ما حدث ويؤمنون بأنهم يدافعون عن حق. أضاف ان الدعوة الاسلامية ليست حربا ولا أحد يعرف ممن سيقبل الله الدعوة.. ولكن لابد ان يتعاون الجميع في سبيل النهوض بالدعوة وتقديم القدوة الحسنة ومشايخنا يقولون إننا مازلنا نقف علي أبواب الفقهاء وليس فينا أحد فقيه. سنوات الاحتقان أضاف ان كثرة المساجد والزوايا فتحت الباب لكثير من الخطباء وبعضهم أخذ علمه من بعض معاهد إعداد الدعاة لمجرد إلقاء الخطبة وهذا يختلف عن إمام المسجد الذي تعلم أساسا في الازهر ودرس سنوات عديدة ولديه حنكة في الفقه والاداء ومخاطبة الجماهير والرد علي أسئلتهم.. ولكن أحيانا لايفرق البعض بني هذا وذاك ويعتقدون أن الجميع أئمة ولذلك فإن هناك فرقا بين الواعظ والخطيب والعالم.. كما ان الاحتقان الموجود الآف أيضا نتيجة تراكمات استمرت سنوات بين النظام السابق وبعض الجماعات والجمعيات الاسلامية واعتقد أن ذلك في طريقه إلي الحل. قال إنه تعرض شخصيا لبعض هذه المواقف وبسببها تم منعه من خطبة الجمعة أمام مبارك وأيضا أمام الدكتور مرسي.. فقد انضم لجماعة الاخوان سنة 1980 ولكنه تركهم عام 1984 وعندما تم تعيينه في الاوقاف وأصبح خطيبا لمسجد السيدة زينب أبلغوني بأنني مرشح لخطبة العيد أمام حسني مبارك وبعدما قمت باستعدادي للخطبة فوجئت بمنعي منها لان تقارير الامن ذكرت أنني كنت منضما للاخوان سنة .1980 والاغرب أنني الان خطيب لمسجد أحمد الرفاعي ومنذ حوالي شهر رشحوني للخطبة أمام الرئيس الدكتور مرسي ثم جاء التقرير ليقول انني كنت من الاخوان ثم انسلخت عنهم فتم منعي وترشيح الدكتور عبدالرحمن البر للخطبة. ولكن هذا لم يغضبني لاني أعلم المناخ الذي نعيش فيه الان والذي كنا نعيش فيه في الماضي غير انه لابد من حل للقضاء علي كل هذه الحساسيات بعد ثورة 25 يناير والتقدم للدعوة الاسلامية باخلاص وخاصة ونحن الان انعم الله علينا بحرية كنا في أمس الحاجة إليها ولارقيب علي الكلمة في المساجد مادامت لوجه الله. ومن هنا فلابد من انشاء مجلس أعلي للدعوة الاسلامية يحتوي جميع الجمعيات والحركات الاسلامية يتم التنسيق بيننا في الموضوعات التي سنتناولها بحيث يتم الاتفاق علي الفتوي حتي لايتحدث كل منا في اتجاه ويقع الناس في حيرة بين الدعاة. قال إن الاخلاص في الدعوة إلي الله يربح الجميع ويفتح السبيل لحل كل هذه المشاكل ولكن لابد قبل ذلك وبعده ان يجعل الامام يشعر بالامان علي أهله ومستقبله حتي لايترك الدعوة ويعمل في أشياء لاعلاقة لها بالمسجد أو الدعاة مما يقلل من هيبة الامام. غير أن الشيخ محمد عبدالعزيز إمام مسجد السيدة عائشة يقول للاسف بعض الناس يحشرون أنفسهم في أشياء لاعلاقة لهم بها ونحن لانلجأ إلي القانون حتي لانكون سببا في أذاهم ويقال إن الائمة "يطفشون" الناس ولكنه اتفق مع الرأي السابق بأن الامام القوي لايجرؤ أحد علي منازعته غير أن البعض يوكل الامر لغيره من مقيمي الشعائر فتحدث مثل هذه المهازل والمعارك التي لاتقصد الدعوة إلي الله. قال إضافة إلي ذلك فإن ابتعاد المساجد احيانا عن مساكن الائمة يجعلهم يتركونها بعض الاوقات مكرهين.. ذكر انه كبير أئمة منذ عشر سنوات ومقيم بدار السلام بينما مسجده في السيدة عائشة. ولكن الدكتور عبدالفتاح ادريس أستاذ الفقه الاسلامي بجامعة الازهر يقول ان ما يحدث في المساجد ليس وليد اليوم وإنما وليد من بعيد يترجم الثقافة المجتمعية التي تجعل الناس يتعاركون رغبة في الظهور.. وهذا ليس في المساجد فقط ولكنه في الفضائيات الدينية أيضا.. فهذه منظومة متكاملة تجدها في الفضائيات كما تجدها علي المنابر وهذا الان ليس كل خطيب متجرد للدعوة إلي الله ولذلك كان أمن الدولة في السابق يسخر بعض الأئمة للتسبيح بحمد الحاكم.. اضافة إلي ذلك فإن الدعوة رسالة ولكن البعض يأخذها وظيفة وارتزاقا بل إن البعض يعطيه الناس من جيوبهم أجرة الخطبة وهذا للمستوي المادي المتردي الذي يعيشه معظم الذن يخطبون بالجمعة وليسوا معينين استعانت بهم الاوقاف للعجز في أئمة المساجد.. ويتساءل هل هذه دعوة أم ارتزاق؟ جزر منعزلة ذكر ان الدعوة علي المنابر هي مقام الانبياء فلابد ان يتجرد الداعية من أهواء النفس وغرور الحياة فلو تبصر الجميع هذه المهمة الجليلة ما تصارع أحد علي المنبر لان الرسول كان يعزم علي أصحابه ليقوموا بهذا الواجب لدرجة أنه عندما أمر أبا بكر ليصلي بالناس قالت عائشة ان ابا بكر رجل رقيق القلب لايملك نفسه عند القراءة ولايكاد يسمعة الناس من عجيجه من كثرة البكاء عن القراءة فقال الرسول مكررا مروا أبا بكر فليصل. وهذا يدل علي الرسول صلي الله عليه وسلم نفسه كان يقدم بعض اصحابه لهذا العمل الجليل رغم قدرته علي أداء الصلاة حتي لو كان جالسا.. اضافة إلي ذلك فإن الازهر والاوقاف والجمعيات الاسلامية كل منها في جزيرة منعزلة وأحيانا متناحرة ولاتجد من يجمع هذه القلوب علي مباديء واحدة وعندما يكون كل منها في واد فلن يستمع إليهم أحد لذلك لابد من التنسيق بينهم بأي وسيلة ولن ينهض المجتمع إلا بالدعاة القدوة.