صناعة الغزل والنسيج من اهم الصناعات المصرية واقدمها.. تمثل 25% من اجمالي صادراتنا الوطنية وتمثل العمالة بهذا القطاع 30% من اجمالي القوي العاملة في السوق المصري وهي موزعة ما بين القطاعين العام والخاص وفي مرحلة لاحقة دخل القطاع الاستثماري. قبل سنوات قليلة كانت المنتجات المصرية من المنسوجات تتصدر اسواق العالم لكن في السنوات الاخيرة تراجعت هذه الصناعة نتيجة وجود مشاكل وتحديات عديدة بعضها موروث منذ زمن بعيد حيث كانت شركات النسيج تعتمد علي الدولة في تصريف منتجاتها. وحدث عجز السيولة المالية لدي الشركات بالاضافة الي عدم احلال وتجديد الآلات المستخدمة ثم عدم تطبيق نظام الجودة العالية وغياب الادارة العلمية المنظمة التي تطبق مبدأ الثواب والعقاب وهروب العمالة المدربة الي الخارج واخيرا هروب الفلاح المصري من زراعة القطن بسبب تراجع عائده. تحرير التجارة شريف النجار "مهندس زراعي" يقول ان صناعة النسيج في مصر بدأت تعاني كثرة المشكلات منذ عام 1994 عقب اعلان الحكومة المصرية تحرير تجارة القطن مما ادي الي زيادة سعر قنطار القطن واصبح سعر القطن المصري الاعلي علي مستوي العالم كله.. واكب ذلك انخفاض انتاجية فدان القطن فتضاعفت خسائر الشركات الكبري ومنها شركة المحلة الكبري التي تعد واحدة من اكبر شركات النسيج في العالم وتستهلك وحدها نحو مليون قنطار من القطن سنويا. ففي عام واحد تكبدت شركات الغزل خسائر من عمليات التهريب وصلت الي 4 مليارات جنيه. معدلات الجودة أحد المسئولين بكبري شركات النسيج يري ان ازمة قطاع النسيج في مصر ظهرت بعد تفكك الاتحاد السوفيتي السابق وتبعته باقي الدول الاشتراكية وانكماش استهلاك هذه الدول من منتجات النسيج المصري حيث كنا نصدر انتاجنا الي هذه الدول بمعدل جودة اقل بعكس الاسواق الاوروبية الغربية التي تشترط أعلي معدلات الجودة.. ثم ظهرت مشكلة جديدة بعد تخلي الحكومة عن دعم سعر بيع المنسوجات الشعبية والتي كانت تمثل 80% من انتاج مصانع النسيج في هذه الفترة مما ادي الي ظهور خلل في الهيكل التمويلي لشركات النسيج والملابس الجاهزة التي تقترض من البنوك لتمويل عمليات الاحلال والتجديد لماكينات وادوات الانتاج بفائدة باهظة وصلت الي 20% في بعض الفترات مما ادي الي انهيار كثير من هذه الشركات العريقة وعلي رأسها شركة مصر حلوان للغزل والنسيج التي وصلت خسائرها الي 200 مليون جنيه.. وشركة القاهرة للمنسوجات الحريرية التي تمت تصفيتها نهائيا بالاضافة الي المشاكل المادية وندرة السيولة التي تعاني منها حاليا مصانع النسيج التابعة للقطاعين العام والخاص. الدكتور طارق عبدالرحمن الاستاذ المساعد بقسم الغزل والنسيج والتريكو بكلية الفنون التطبيقية بحلوان: ماذا حدث لشركة المحلة الكبري وغيرها من الشركات الوطنية التي كانت تحتل الصدارة في الاسواق العالمية.. والآن لم يعد لها وجود علي الخريطة الدولية؟ يرجع لعدة اسباب منها عدم تدريب العمالة علي احدث اساليب الانتاج.. بالاضافة الي هجرة العمالة المصرية الي الاسواق المختلفة وحتي العمالة التي بقيت في القطاع العام اصبحت غير قادرة علي الانتاج لانها تفضل توفير جهدها وخبرتها للقطاع الخاص بحثا عن مرتبات افضل. ويضيف الماكينات والآلات المستخدمة في الانتاج حاليا ذات امكانيات ضعيفة وغير مزودة بأجهزة انتاج حديثة بالاضافة الي بيع مصانع القطاع العام نتيجة عدم ايجاد ادارة ناجحة.. وهناك سبب آخر لايقل اهمية هو رخص ثمن المنتج نفسه عند استيراده من دول اخري ويصل في وقت قياسي ودون تأخير. وعن الحلول يقول: الحكومة مكلفة بضرورة تشكيل لجنة من الخبراء المتخصصين لرفع كفاءة المنتج وتدريب الموارد البشرية.. وكذلك وضع برامج لتدريب المسئولين عن تلك الصناعة بحيث يصبحوا اكثر قدرة علي تطوير المنتج ودراسة الاسواق واحتياجاتها بحيث يتم انتاج ما تحتاجه الاسواق العالمية وليس بالطريقة التي تتم حاليا حيث تطرح المنتجات في الاسواق اولا ثم نبحث عن تسويقها ولابد من الوصول الي حلول عملية لغزو الاسواق المختلفة. اكد كفاءة العامل المصري.. وكذلك جودة القطن المصري وتساءل: لماذا لانستعيد عرش صناعة المنسوجات في العالم كما كنا بالامس القريب خاصة اننا لدينا المشكلة ولدينا ايضا الحلول المنطقية المختلفة التي اراها كفيلة للعمل علي انجاح هذه الصناعة رغم كل التحديات التي تواجهنا. شائعات قاتلة أما د. زيدان شهاب الاستاذ بمعهد البحوث الزراعية فيقول ان القطن المصري من اجود الاقطان في العالم ولكنه يواجه شائعات كثيرة جعلت اسهمه تنخفض.. وهذه الشائعات تروجها بعض شركات اوروبا الغربية المنافسة لنا ومنها قولهم ان الفلاح المصري يستخدم كميات هائلة من المبيدات في زراعة القطن مما يجعل الملابس الداخلية المصنعة منه تسبب اصابة الانسان بسرطان الجلد وهذه شائعة قاتلة تؤثر بالسلب علي نسبة صادراتنا من القطن.. هناك عامل آخر وهو ان معظم مصانع الغزل والنسيج تعتمد علي القطن قصير التيلة فيما نقوم بتصدير القطن طويل التيلة للخارج ولذلك انخفضت نسبة صادراتنا الوطنية.