ترشيد الطاقة لن يتحقق باجتهادات وتسريبات وأفكار قديمة وعدم وضوح الرؤية.. ولكن بالقدوة الحكومية في الترشيد أولا.. وبإجراءات عاقلة وداعية تحقق التوازن بين فئات المجتمع. وتحريك أسعار الطاقة أو رفع الأسعار لا يجوز أن يتم بطريقة الصدمات أو المفاجآت سواء كان ذلك للجمهور أو المصانع أو الشركات ولا يمكن علاج عجز السيولة أو نقص الاستثمارات في مجال الطاقة خلال عام واحد بإجراء علي وجه السرعة بينما قد يؤدي إلي عواقب وخيمة. الرسالة التي يجب أن تعلنها الحكومة أي حكومة أن هناك عجزا في الطاقة وأنها ستبدأ بنفسها في الترشيد وتحول سياراتها للغاز الطبيعي مثلا.. وتخفض استهلاك الوقود من البنزين والسولار للسيارات الحكومية. وتبدأ الحكومة في ضبط انفاقها من الطاقة ووضع خطة للترشيد ودراسات التكلفة والأسعار بعيدا عن العشوائية لأن عجز الطاقة لن يتم علاجه خلال عام أو حتي ثلاثة أعوام ولكن بخطة متدرجة تبدأ بجدية. ولكن أن يجلس وزير أو رئيس الحكومة ويمسك ورقة وقلما ويقرر فرض رسوم علي أجهزة استهلاك الطاقة ورفع قيمة الاستهلاك علي المواطنين فهذا الحل هو الأسهل علي الإطلاق. فالسلعة التي تباع بسعر 185 قرشا مثلا يمكن أن يقرر هذا المسئول بيعها بسعر ثلاثة أو أربعة جنيهات ولكن كل قرار له تكلفة. وكل قرار له آثار سلبية ربما يحقق هذا القرار موارد ضخمة.. ولكن سيؤدي إلي كوارث أكثر ضخامة لو تمت الزيادة بطريقة صادمة ومفاجئة. ولا يوجد أي سلعة في أي مكان بالعالم يتقرر زيادتها بقرار حكومي ثلاثة أضعاف سعرها أو حتي بنسبة 100% هناك تدرج 10% أو 15% وعلي أساس دراسات علمية حول السوق والآثار السلبية. أما محاولات أو أخطار التحريك العشوائي لقيمة استهلاك أو سعر أي سلعة فهي حالة من العشوائية ستؤدي إلي المزيد من الارتباك. ولن يتحقق لها النجاح أو الاستمرار وعند التراجع في تنفيذها سيكون لذلك نتائج وكوارث وخيمة. وفي علم الإدارة وعلوم الاقتصاد فإن العلاج بالصدمات أو المفاجآت في أسعار السلع والمنتجات لا يحقق في النهاية الهدف منه وبخاصة إذا لم يكن مقبولا وبزيادات ضخمة لا تتناسب مع ظروف الناس. وربما يشعر صانع القرار أنه في مأزق بين إرضاء الناس وكسب تأييدهم وبين رفع أسعار سلع ومنتجات يراها ضرورية للترشيد وتمويل العجز. ولكن الاعتراض ليس علي الفكرة إذا أحسن تنفيذها ودراستها أولا ولكن علي الطريقة التي يتم بها التنفيذ فلا يجوز أن يتم مضاعفة سعر سلعة أو قيمة استهلاك لأي منتج أو زيادته مثلا 100% أو 200% فهذه عشوائية لا يمكن أن يستمر تنفيذها وتعبر عن عجز إداري وسوء تقدير. العجز في الطاقة والرغبة في الترشيد يحتاج إلي صبر وسنوات طويلة وهمة ونشاط وقدوة في التنفيذ وأن تبدأ الحكومة بنفسها وتعالج ثغرات في الإجراءات الحالية بما يحقق أن يتحمل القادر جزءا من الأعباء لأن غير القادرين لم يعد بوسعهم تحمل المزيد من الأعباء. واللعب في أسعار الطاقة بطريقة عشوائية غير مأمون العواقب والنتائج في كل الأحوال ودون معارضة الترشيد فإن الترشيد وعلاج عجز الطاقة يحتاج إلي قرارات متدرجة ومتأنية وواضحة حتي لا يصيب الناس بالضيق وترفضها أو تحتج عليها. والبداية في الترشيد استهلاك الحكومة للوقود.. والإسراف في شراء السيارات برغم أن الموازنة في كل عام تحظر شراء سيارات جديدة ولكنها أصبحت تعليمات تاريخية تكتب ولا تنفذ. نعم لعلاج عجز الطاقة.. ونعم للترشيد ولكن بأسلوب يحقق التوازن بين فئات المجتمع ويحافظ علي السلام الاجتماعي وبالتدرج في رفع وتحريك الأسعار حتي يمكن استيعاب العجز علي مدار 5 سنوات مثلا وليس خلال عام واحد كما يفكر هؤلاء الموظفون الذين تنقصهم الرؤية والبحث العلمي والدراسات الاقتصادية والنظرة الاجتماعية. كلمات لها معني بعض الناس يكرهون التغيير في الواقع التغيير هو الشيء الوحيد الذي يصنع التقدم