لجان السيسي تدعي إهداء "الرياض" ل"القاهرة" جزيرة "فرسان" مدى الحياة وحق استغلالها عسكريًا!    شرطة الاحتلال تفرق مظاهرة في تل أبيب تطالب بإنهاء الحرب وإبرام صفقة تبادل أسرى    السيتي يتصدر ويوفنتوس يرافقه إلى دورال16 والعين يودّع بفوز شرفي على الوداد    السيطرة علي حريق مصنع زيوت بالقناطر    حبس عنصر إجرامي لقيامه بجلب وتصنيع المخدرات بالقليوبية    وزير الأوقاف يشهد احتفال الطرق الصوفية بالعام الهجري الجديد بمسجد الحسين    أيمن أبو عمر: الهجرة النبوية بداية جديدة وبشارة بالأمل مهما اشتدت الأزمات    صحة دمياط تقدم خدمات طبية ل 1112 مواطنًا بعزبة جابر مركز الزرقا    حسام الغمري: الإخوان خططوا للتضحية ب50 ألف في رابعة للبقاء في السلطة    عراقجي: إيران صمدت أمام "الضغوط القصوى" لحرمانها من حقوقها النووية    الخارجية الأمريكية: الموافقة على 30 مليون دولار لتمويل "مؤسسة غزة الإنسانية"    إسرائيل توافق على مقترح «ويتكوف» للدخول في مفاوضات بشأن غزة (تفاصيل)    السودان: تصاعد الأزمة الإنسانية وتآكل سيطرة المليشيا في دارفور    المأساة الإنسانية في غزة تتفاقم وسط تصعيد دموي وضغوط دولية متزايدة (تقرير)    إسرائيل توافق على مقترح ويتكوف لوقف إطلاق النار    «30 يونيو».. نبض الشعب ومرآة الوعي المصري    العين يودع مونديال الأندية بفوز معنوي على الوداد بهدفين    مانشستر سيتي يقسو علي اليوفنتوس بخماسية رائعة في كأس العالم للأندية ويحسم صدارة المجموعة السابعة    بمشاركة ربيعة.. العين يهزم الوداد في قمة عربية بكأس العالم للأندية    الأهلي يضع شرطا حاسما لبيع وسام أبوعلي (تفاصيل)    أزمة بين زيزو وتريزيجيه في الأهلي.. عبدالعال يكشف مفاجأة    يرفعون علم فلسطين ويشهرون «الكارت الأحمر» في وجه إسرائيل.. قصة مشجعي أولتراس سياتل ساوندرز    البحوث الإسلامية: الهجرة النبوية لحظة فارقة في مسار الرسالة المحمدية    سعر الذهب اليوم وعيار 21 الآن في بداية تعاملات الجمعة 27 يونيو 2025    شديد الحرارة والعظمى في القاهرة 36.. حالة الطقس اليوم    مصرية من أوائل ثانوية الكويت ل«المصري اليوم»: توقعت هذه النتيجة وحلمي طب بشري    مصرع سيدة وإصابة آخر في تصادم سيارة ملاكي مع نصف نقل بالجيزة    حسام الغمري: معتز مطر أداة استخباراتية.. والإخوان تنسق مع الموساد لاستهداف مصر    حجاج عبد العظيم وضياء عبد الخالق في عزاء والد تامر عبد المنعم.. صور    صلاح دياب يكشف سر تشاؤمه من رقم 17: «بحاول مخرجش من البيت» (فيديو)    رجل يفاجأ بزواجه دون علمه.. هدية وثغرة قانونية كشفتا الأمر    3 أبراج «أساتذة في التعامل مع التوتر».. هادئون يتحكمون في أعصابهم ويتمتعون بالثبات والقوة    عرض «عروس الرمل» ضمن الموسم المسرحي لقصور الثقافة بأسوان    ترامب: خفض الفائدة بنقطة واحدة سيوفر لنا 300 مليار دولار سنويا    متحدث البترول: إمداد الغاز لكل القطاعات الصناعية والمنزلية بانتظام    المفتي: التطرف ليس دينيا فقط.. من يُبدد ويُدلس في الدين باسم التنوير متطرف أيضا    جدول أعمال مكثف لمجلس النواب الأسبوع القادم    فيديو متداول لفتاة تُظهر حركات هستيرية.. أعراض وطرق الوقاية من «داء الكلب»    نائب رئيس هيئة الدواء: ملتزمون بدعم التصنيع الدوائي المحلي والتكامل الأفريقي    التأمين الصحي بالقليوبية: برامج تدريبية متخصصة ومستمرة للكوادر الطبية والتمريضية    تنويه مهم من محافظة الجيزة بشأن تنسيق القبول بالثانوية العامة ومدارس التعليم الفني    السيدة انتصار السيسى تهنئ الشعب المصرى والأمة الإسلامية بالعام الهجرى الجديد    وزير السياحة والآثار الفلسطينى: نُعدّ لليوم التالي في غزة رغم استمرار القصف    مصطفى قمر يتألق فى حفل غنائى كامل العدد ومى فاروق والعمروسى بين الجمهور    مفتى الجمهورية: الشعب المصرى متدين فى أقواله وأفعاله وسلوكه    عراقجي: لم نتخذ قرارا ببدء مفاوضات مع الولايات المتحدة    السياحة: عودة جميع الحجاج المصريين بسلام إلى مصر بعد انتهاء الموسم بنجاح    إصابة 12 شخصا إثر سقوط سيارة ميكروباص فى أحد المصارف بدمياط    رمضان 2026 أقرب مما تتخيل.. هذا هو موعده المتوقع فلكيًا    الإنقاذ النهرى تكثف جهودها لانتشال جثمان طفل غرق بأسيوط    مواعيد مباريات اليوم الجمعة 27 يونيو 2025 والقنوات الناقلة    سعر الدولار الآن أمام الجنيه والعملات العربية والأجنبية الجمعة 27 يونيو 2025    هيئة الشراء الموحد توقع شراكة استراتيجية لإطلاق برنامج لتعزيز القدرات البشرية    صحة دمياط تقدم الخدمة الطبية ل1112 مواطنًا فى قافلة طبية بعزبة جابر    نقل الكهرباء : تشغيل المحول رقم (1) بمحطة زهراء المعادي    عقب احتفالية العام الهجري الجديد.. محافظ المنيا يشهد عقد قران عروسين    تسليم 16 عقد عمل لذوي الهمم بالقاهرة    هل يُستَحبُّ شرعًا الصوم في شهر الله المحرم.. الإفتاء توضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من أين نبدأ .. وكيف نعالج الأزمة ..
الشريك الثالث .. هل يقدر علي الصمود ..؟!
نشر في الجمهورية يوم 18 - 10 - 2012


- من أين أبدأ..؟..
- والإجابة.. لا أدري..
- هل هذا "تفلسف.."..؟.. أم هو نوع من البلاغة وفن الصياغة..؟..
والرد.. بالتأكيد.. ليس هذا ولا ذاك..
إنما هي الحقيقة.. فالبداية الصحيحة.. لابد وأن تكون لها نهاية معروفة.. نهاية متوقعة.. نهاية يدركها وينتظرها من انطلق. فاتحا طريق البدء..
وهنا.. تحضرني. ويطفو علي سطح الذاكرة. اسم المفكر الإسلامي الكبير "خالد محمد خالد..".. وكتابه الشهير. "من هنا نبدأ..".. ولأن الرجل "يعرف..".. ما ينوي التعامل معه. والتعرض له. من قضايا.. من أمور.. من جدل. ومن اجتهادات.
ولأن هذا كله كان في عقل الرجل وقلبه.. "بدأ.."..
وكما حضرتني.. ذكري. أو تاريخ الدكتور خالد محمد خالد. ورائعته.. تحضرني - بالمناسبة - رد الفعل القوي والفوري والمباشر. الذي جاء من طرف "صديق.. ولدود.." للشيخ خالد..
جاء رد الفعل من جانب الشيخ والعالم الإسلامي "الدكتور محمد الغزالي.."..
وحمل "كتاب الرد.." عنوانا. "لطيفا.." ومثيرا بمضمونه ومغزاه..
إذا كنت تعرف بداياتك.. ومن أين تمارسها وتعرضها.. فنحن بمعارفنا. وعلومنا. ودروسنا. نري غير ما تري.. واختار "الشيخ العظيم محمد الغزلي.." عنوانا لكتابه.. وهو..:-
"من هنا نعلم.."..
واحتل الكتابان.. أو. وإذا صح القول "احتل الاجتهادان..:-
* من هنا نبدأ.. لخالد محمد خالد..
* ومن هنا نعلم.. لمحمد الغزالي..
مساحة هامة. من جدل بناء علي الساحة..
وللتذكرة.. الرجلان.. أزهريان.. والرجلان من رجال ومفكري الإسلام البارزين.. وأظن أيضا - إن لم تخني الذاكرة.. أنهما في بداياتهما. كانا من الإخوان المسلمين..
وإذا كان الشك يحيط بارتباط خالد محمد خالد بالإخوان..
فالمؤكد.. أن محمد الغزالي. كان أحد أعضائها البارزين. إلي أن استقال.
لماذا كل هذه الحكاية.. ولماذا نطرحها اليوم. وقد مر عليها أكثر من خمسين عاما.. ولماذا علقت. وطفت علي ذهني..؟!
هل لأن لكل من العالمين مكانة خاصة في قلبي وعقلي..
هل لأن الخلاف. والاختلاف بين المفكرين.. كان اجتهاداً روحياً وعقلياً وعلميا. وهو ما نفتقده هذه الأيام..
أيامها.. كنت "مدمناً للقراءة.." بجميع أنواعها.. ومن كل الاتجاهات.. أيامها.. كنت في مقتبل العمر.. وأيامها. حفظني الله من "آفة التعصب.." أيامها.. وحتي اليوم لم أنتم لحزب. أو تيار. أو جماعة.
وأغلب الظن.. أن "حيرة اليوم.." في البحث عن نقطة تصلح بداية للحديث.. هي بسبب هذه الخلفية.
فمع من تقف..؟.. وضد من تطلق سهامك..؟.. خاصة.. أن الجو لا يسمح إلا..:-
- للتعصب..
- للانحياز..
- للكذب..
- وللمراوغة..
وأغلب الظن أيضا.. أن هذا المرور. أو الطواف المفاجئ لكل من العالمين. الشيخين. الجليلين. خالد محمد خالد ومحمد الغزالي.. وصعودهما إلي سطح "ذاكرتي..".. إنما هو في حقيقته تأكيد. للطبيعة الإلهية. التي تكتنز داخلياً.. مشاهد.. ووقائع.. وأحداث.. وتجارب معينة.. هي التي ترشد مسارنا.. وهي التي تثبِّت أقدامنا.. وهي التي تمنحنا القدرة علي التمييز.
هذا الذي تحفظه لنا الذاكرة.. بخيره.. وبشره..
الطيب من هذه الذكريات وهذا التاريخ.. أو السببئ منه هو الذي يمنحنا القدرة علي التمييز.. وعلي التفرقة.. هذا هو الأساس الذي نبني فوقه دولة الحق.. ودولة العدل.
هو الذي منه. و علي هديه. تتحدد علاقاتنا..
فإذا أحسنا الاختيار.. وانحزنا إلي جانب الفضيلة والحق.. جاءت صياغتنا لمبادئنا وقيمنا. ونظمنا. وقوانينناا. سليمة.
ودون الاسترسال في هذا الاتجاه.. والمزيد في هذا القول.. نري.. أن المستحيل يكمن. في الظن..:-
بأن الانسان قادر علي فعل كل شيء..
- والظن بأن الامساك بالسلطة أو بالمسئولية.. سواء كان هذا الامساك مباشراً. أو بالوكالة. أو بالانتساب. إلي حزب أو جماعة أو عائلة يعطيك الحق في أن تفعل ما تشاء..
أو أن يهيّيء لك القدرة علي "الافتاء.." فيما تعرف. وفيما لا تعرف..
أو أن يسمح لك بالامساك بعصا السلطة وتضرب..
فلا معرفة تتوفر. دون علم..
ولا خبرة. تتكون وتتشكل دون تجربة.
ولا رؤية يمكن بلورتها وصياغتها.. دون دراسة.. ولا اجماع أو اتفاق علي مشروع وطني عام.. دون. نقاش وحوار.. بين جميع الفصائل والاتجاهات..
ما دون ذلك عبث.
معكوس ذلك استبداد..
الاستقواء.. جهل.. والتعالي. خسَّة..
الاستحواذ. والاستئثار.. شره وطمع.
التكويش والانفراد.. سرقة وجنون..
*******
بعد هذه المقدمة.. هل عثرنا علي بداية..
هل يمكن القول الآن.. من هنا نبدأ.. كما قال وفعل خالد محمد خالد..؟.. ربما..
* في 25 يناير 2011 قامت ثورة في مصر.. ووقفت مصر كلها - تقريبا - خلف ومع هذه الثورة.
* استمرت الثورة. في مسيرتها الحقيقية والمثالية 18 يوماً.. استطاعت خلالها أن تحقق أهدافا كبري..:-
- الأول.. الفصل بين الجيش المصري وقائده الأعلي.. وأصبح الرئيس السابق - القائد الأعلي في جانب - والجيش في جانب آخر..
- الهدف الثاني.. هو أن هذه الثورة بشبابها أنقذت جماعة الإخوان المسلمين.
* من ترددها..
* ومن انتهازيتها..
* ومن انقساماتها الداخلية.. الحقيقي منها والتكتيكي..
ما أود التوقف عنده والتركيز عليه هو..:-
- أن الثورة التي بدأت فكرة. وتوحد حولها عدد هائل من شباب مصر.. ثم شعب مصر..
سرعان ما أصبحت. متشابكة ومتداخلة بين أطراف ثلاثة..:-
- الشباب.. أصحاب الثورة.. ومبدعوها..
- الجيش.. ممثلا في المجلس الأعلي للقوات المسلحة.
- والإخوان المسلمون.
اللافت للنظر هنا.. حقيقة غريبة..
1⁄4 الحقيقة تقول وتؤكد..
أن أحداً من الأطراف الثلاثة. لا يملك خبرة حكم. أو سلطة. ولا يحمل مشروعا بديلا.. كما لا تضم جماعته أو فصيله رؤية للمستقبل.. وليس بينهم جميعا وهو الأهم.. كوادر علمية. وفنية وإدارية وسياسية..
ولنأخذ الثلاثة.. واحداً بعد الآخر..:-
1⁄4 شباب الثورة..:- لم يجمعهم حزب أو تنظيم.. وليس لهم زعامات يدينون لها بالولاء والطاعة.. لكن لديهم وهو الأهم.. قدرة فائقة علي قراءة الوضع العام في مصر كلها.. لديهم بصيرة نافذة في أعماق ونفوس وعقول وقلوب الشعب المصري كله..
كما أنهم.. ودون غيرهم من الفصائل الأخري.. قد استشفوا وآمنوا بأن النظام. رغم كل الادعاءات ومظاهر القوة البوليسية الظاهرة.. ورغم عمليات القمع المتواصلة. نظام مهلهل.. نظام "مخوخ..".. هو وهم وليس أبداً حقيقة.. وأن دفعة واحدة.. قادرة علي اسقاطه..
بعد هذا وقبله.. بقي مع الثوار.. ما لم يكن أبداً مع الطرفين الآخرين بقي معهم هدف أعلي.. بقوا مُصرِّين علي مبادئ أساسية.. هي برنامج عمل.. "عيش.. حرية.. عدالة اجتماعية.."..
البرامج "مركز جدا.."... لكنه هو الجوهر وهو الأساس.
1⁄4 الطرف الثاني..:- هو المجلس الأعلي للقوات المسلحة.. رغم كثرة
الحديث.. عن أن مصر يحكمها العسكريون منذ يوليو عام ..1952 إلا أن هذا حديث لغو.. هو ترديد لما ردده ويردده الخارج.. يمكن القول أن الحكم كان ديكتاتورياً.. أو استبدادياً.. لكن بقي العسكريون بعيداً عن إدارة شئون الدولة. بمؤسساتها. وبسياساتها.. وبعلاقاتها الداخلية والاقليمية والدولية.
والدليل.. أن أسرة مبارك حينما قررت ابعاد الجيش عن الحكم. واستبدلت الجيش. بالداخلية. برجالها وجنرالاتها. وجنودها.. فعلت ولم تواجه بكلمة احتجاج أو معارضة.. ولقد ظل الجيش رافضا لفكرة "التوريث..".. وإن بقي مستجيبا لسطوة الابن الوريث وجماعته.. دون معارضة واضحة.. حتي جاءت الثورة وشبابها.. فأسقطوا النظام ورئيسه ووريثه.. وهنا يحضرنا سؤال هام..:-
لماذا تجاوز مبارك الدستور.. حينما وافق علي "الخروج من السلطة.."..
لم يترك الرئاسة..
لا لرئيس المحكمة العليا..
ولا لرئيس مجلس الشعب..
واختار مبارك.. المجلس الأعلي للقوات المسلحة لإدارة شئون البلاد.. وهو "التابع في الظل.." منذ ثلاثين عاماً..
فلا حرب.. ولا تهديد بالحرب.. ولا ممارسة داخلية. أو خارجية..
ولا اهتمامات سياسية. أو اجتماعية..
اللهم إلا إدارة المؤسسات والشركات والمشروعات.. التي يملكها ويديرها الجيش..
والسؤال مرة أخري..:-
من هو هذا العبقري.. الذي استبعد المدنيين..
وقدم العسكريين..
فاختيار أحد المدنيين - رئيس مجلس الشعب.. أو رئيس المحكمة العليا - أكثر أماناً وضمانا.
* هل لأن مبارك أراد أن يسلم الأمانة بشكل مؤقت لمن يثق فيه وهو الجيش.
* أم أنها كانت المقدمة لصناعة فوضي وغياب اليقين.. أظن هذا "الخيار العبقري.." سواء جاء من مبارك أو غيره. هو في حقيقته السبب الرئيسي فيما نحن فيه الآن.
كان من الممكن أن تنقل السلطة للمجلس العسكري.. كما حدث..
وكان من الممكن أن تسير الأمور سيراً حسناً وطبيعياً.. خاصة أن من لم يفعل شيئاً علي الاطلاق - وهو المجلس الأعلي - حصل علي كل شيء.. حصل علي السلطة. دون شروط. ودون التزامات.. ودون أن يطالب بها أو يسعي إليها.
* لكن للأسف الشديد.. لم يستطع أن يفرق بين..:-
- الامساك بالسلطة في البلاد..
- وبين إدارة شئون البلاد..
تولي المجلس السلطة..
لكنه أبداً لم يمارس الإدارة وشئون الحكم..
اللهم إلا المسائل "الشكلية.."..
وترك المجلس شئون العباد والبلاد لحكومات ضعيفة..
ومن هنا تفككت الدولة.. وتداخلت السلطات.. وغابت المسئوليات..
وتصاعد وكبر مركز المستشارين والخبراء.. من الهواة.. ومن المحترفين.. ومن الانتهازيين..
وأبداً.. لم تتواجد خطة.. أو خريطة عمل.. أو برنامج.
فإذا كان الشباب.. الشباب أصحاب الثورة وصناعها.. قد اختزلوا برنامجهم في "العيش.. والحرية.. والعدالة الاجتماعية.."..
فالمجلس الأعلي. لم يفتح الله عليه بشيء.. بل ولم يوفقه الله ليتبني برنامج الثورة..
*******
الطرف الثالث.. وهو الإخوان المسلمون:
كما لم يكن الجيش.. أو بالتحديد المجلس الأعلي للقوات المسلحة طرفا في الثورة.. أو شريكاً فيها..
كان موقف الإخوان المسلمين كذلك.. قد قبلوا بصيغة عمر سليمان الإصلاحية وعدم سقوط رأس النظام..
بقي الإخوان علي الأطراف.. يختبرون.. ويناورون..
صحيح أن عدداً كبيراً من شبابهم. انضم إلي الثوار دون العودة للقيادات.. لكن الجماعة بقيت بعيدة نسبياً..
ثم جاءت الفرصة أوسع مما توقعوا..
فاختيار مبارك للمجلس الأعلي. كسلطة عليا للبلاد. كان يتضمن في طياته. إبعاد الدولة ككل عن الاستقرار.. وضمان استمرار حالة الاستثناء إلي أن "يحل الجيش العقدة..".. ويعيده من شرم الشيخ لكرسي الرئاسة مرة أخري..
هذه الخطة تستوجب وتفرض..:-
- التخلص من الثوار.. والقضاء علي الثورة..
- تفرض تسريح الشباب. وتطهير الميدان.
- الخطة.. حرصت أيضا علي إبقاء شعار "الجيش والثورة إيد واحدة..".. ولهذا وجب تجنب سوء الفهم.
- هذا التكتيك استوجب. استدعاء عنصر مدني.. يتولي "الاشتباك.." مع الثوار..
* فكان الإخوان المسلمون..
* وكان البلطجية.. سواء بوجههم السافر والتزامهم الرسمي.
أو كانوا تحت غطاء ومسمي الباعة المتجولين.. وأطفال الشوارع.. لم تفلح "اللعبة..".. طويلا.. وانكشفت.. وظهر جليا..:-
- التحالف بين الإخوان.. والعسكريين.. والبلطجية بكل أنواعهم من جانب..
في مواجهة الثوار علي الجانب الآخر..
واستطاع الإخوان. طوال هذا "الماراثون.." السياسي أن يكسبوا كل يوم موقعاً جديداً..
فدخلوا البرلمان. علي غير موعد.. وأجلَّوا الدستور بغير حق.. وأزاحوا واستبعدوا كل الأطراف. بأيدي الحليف - العسكري - وسجنوا. وقتلوا. وأصابوا العديد من الثوار والشباب في مواجهات مصطنعة..
الأهم من هذا وذاك.. أنهم افتعلوا الأزمات.. وأشعلوا الحرائق.. وكهربوا الأجواء.. وضغطوا علي حليفهم الأكبر. المجلس الأعلي.. فقرر. دون استعداد الترتيب لإجراء انتخابات رئاسية.. ووفق صفقة مازالت عناصرها مجهولة.. وجاء الرئيس الدكتور مرسي رئيساً لمصر..
وأياً كانت الصفقات أو التكتيكات التي سبقت انتخابات الرئيس.. إلا أن المفروض أن مرحلة من الاستقرار والهدوء قد بدأت.. فالرئيس منتخب.. والقبول بالرئيس الجديد. عام. ولا اعتراض عليه.. ولتبدأ الحياة طبيعية وسهلة.
فجأة.. كشف الواقع العملي عن حقائق كثيرة غابت عن الجميع..:-
- كشف الواقع العملي. عن أن الجماعة التي مر علي قيامها 84 عاماً.. فارغة.. خاوية..
ليست لديها رؤية..
وليس عندها برنامج..
ولا تملك كوادر فنية. وعلمية وسياسية.
كما أنها فاقدة لميزة "القبول العام..".. هذا القبول الذي تصنعه الثقة.. ويؤكده الصدق.. ويعمقه الوفاء بالوعد.
هي أيضا - الجماعة - كما كشفت الممارسات.. ليست منحازة للناس.. لعموم الناس.. للفقراء والمحتاجين.. وليست منحازة للوطن. ومتطلباته.. وأدوات نهوضه. وتقدمه..
كشف الواقع. كما كشفت الممارسة. حقيقة هذا الوهم الذي عاشه الوطن.
صحيح أن الجماعة صاحبة قدرة تنظيمية. وصحيح أنها بارعة في التغلغل والتسرب إلي.. بسطاء الجماهير.. لكن ليس لديها شيء تقدمه إلا مساعدات مادية تقدمها صدقة ومنة للمحتاج.. لكنها لا تغير واقعاً.. أو تحاول.. ولا تود أن تنقل قرية من حال إلي حال.
فالمهم لديها.. أن يبقي الحال علي ما هو عليه..
فالأوضاع الصعبة التي يعيشها الناس.. هي الطريق السهل.. التي يتسللون منها إليهم.
وتغيير الحال والأوضاع يفقدهم هذه الميزة..
*******
هل مازال هناك شيء يضاف إلي ما تم تقديمه..؟
ما يضاف.. إذا لزم.. هو هذا التخبط.. وهذه الأزمات.. وهذه المخالفات والتجاوزات. والخروقات التي تصدمنا كل لحظة..
هذا الذي يحدث في القضاء.. وفي ميدان التحرير من اشتباكات وتحطيم منصات..
في سيناء.. وفي المستشفيات.. وفي الفضائيات من تهجم وجبروت علي خلق الله.
اللافت للنظر.. أن أحداً لم يتوقف قليلاً عند حقائق ظاهرة وجلية.. تتعلق بحياة الناس واحتياجاتهم..
ربما توقف الإخوانيون عند بعض القشور. لكن..
ما هو مطلوب كثير. وكثير - ومعرفته وتبينه لا تستوجب الكثير من الجهد - فالمشاكل والأزمات تخرق العين.
القراءة البسيطة تكشف أن 65 من حاجتنا من الحبوب مستوردة..
نفس القراءة تكشف أن السبب معظمه "صناعة محلية..".. فالمستوردون ببساطة.. أوقفوا الإنتاج المحلي ليفسحوا المجال لوارداتهم..
وهذا ليس فقط بالنسبة للحبوب.. وإنما هي سياسة هي استراتيجية. هي توجه.. يستهدف تصفية الإنتاج المصري..
إن آفتنا.. وعدونا الأكبر هو الاستيراد.. هم المستوردون.. هم وكلاء الشركات الأجنبية..
وأي قراءة سريعة وبسيطة للخريطة الاقتصادية والتجارية. في مصر. سوف تفضح وتكشف وبالتفاصيل المرعبة كل هذه الحلقة القاتلة لمصر.
وأظن.. أنه من السهل علي الرئيس الدكتور مرسي أن يصل إلي هذه الحقائق وغيرها بسهولة وفي لحظة.. إذا أراد..
أظن أن السيدين. خيرت الشاطر.. وحسن مالك وغيرهما. من رجال التجارة. والوكالة الأجنبية والسمسرة وهم كثر.. يستطيعون إن صدقوا أن يضعوا الخريطة كاملة أمام الرئيس.
والمسألة لا تتوقف فقط عند الحبوب.. بل ممتدة إلي القطن. الذي أوقفوا زراعته منذ رجال أعمال مبارك.. ومازال مستمرا..
ابحث عنها أيضا أيها السيد الرئيس في زيت الطعام.. ولماذا هذا الحظر علي زراعة النباتات الزيتية.. ابحث عنها في 1500 مصنع متوقفة عن العمل..
وكنت أظن أن اهتمام الرئيس بتشغيل هذه المصانع لها الأولية.. وأكثر جدوي من سفريات الخارج.
علينا أن نعيد ترتيب البيت من الداخل أولا.. وقبل أن نبحث عن المجهول.. فما أسهل العلاج.. إذا عرفنا الداء.. وحددنا الأولويات..
وفي نهاية حديث اليوم نقول..:-
إن الشركة الثلاثية.. انتهت بمالك واحد..
فقد خرج الثوار..
وخرج العسكريون..
ولم يبق إلا الإخوان..
لكن يبدو.. أن المعركة التي جرت بين الشركاء القدامي كانت الأسهل والأيسر..
وأن معركة تكسير العظام الحقيقية علي الطريق..
ومن داخل الأسرة الواحدة.. والله وحده يعلم بالنتيجة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.