لم يفز فيلم "Birdman" بجوائز أوسكار أفضل فيلم وسيناريو وإخراج بالإضافة لغيرها من عشرات الجوائز في عدة مهرجانات من فراغ، فالفيلم الذي يحكي قصة ممثل يعاني من اضطراب في الشخصية بسبب تأثره بأحد أدواره الفنية المهمة حتى وصل به الأمر في النهاية إلى القفز من فوق بناية عالية تماما كما كان يفعل عندما كان يؤدي شخصية الرجل الخارق، جعل الكثير من صناع السينما حول العالم يتحمسون للفيلم الذي وُصف بأنه الأهم في عام 2014، ولمَ لا؟! وهم يدركون جيداً المعاناة التي يمر بها كل فنان من أجل الاندماج في الدور الذي يقدمه حتى يقوم بتشخيصه على أكمل وجه. ولأن الكثير من النجوم كانوا يبحثون عن القمة في الإبداع الفني، فإن تفانيهم في تقديم أدوارهم المميزة كان سبباً بشكل أو بآخر في كتابة كلمة النهاية لحياتهم. من خلال هذا الموضوع سنستعرض معاً بعضاً من هذه الحالات التي كانت النهاية الحزينة لحالة من الإبداع الفني لعدد من الفنانين: أحمد زكي: عندما علم الفنان أحمد زكي أنه يعاني من سرطان الرئة، وأن نهر إبداعه سيصل إلى نهايته الحتمية، قرر الإسراع في اتمام فيلم "العندليب" حتى يكون آخر مشروع فني قبل أن يغيب عن عالمنا، ليترك زهرة جديدة في بستان ابداعه الغني بالشخصيات التي مثلها كلها بعبقرية شديدة، حيث صرح وقتها زكي بأنه يريد أن يزاوج بين مرضه واحتضاره ومرض عبدالحليم حافظ الذي يجسد شخصيته. وكان تكثيف التصوير سبباً في تدهور حالة أحمد زكي الصحية، حتى أنه تردد على المستشفيات عدة مرات، وعندما أدرك في النهاية أنه لن يتمكن من اتمام الفيلم بالشكل الذي كان ينتويه، اتخذ زكي قرارا صعبا بمشاركة المنتج عماد الدين أديب والمخرج شريف عرفة، وهو الاستعانة بابنه هيثم زكي لكي يكمل الفيلم بتأدية جميع مشاهد مرحلة الشباب في حياة عبد الحليم، وعندما تم عرض الفيلم، فوجئ المشاهدون بأن مشاهد مرحلة الشباب قد هيمنت على ما يزيد على ثلثي الفيلم، ليدرك بعدها الجميع أن زكي مات قبل اتمام الفيلم، لهذا تم الغاء الكثير من المشاهد التي كان عليه اتمامها، وبالفعل تُوفي أحمد زكي يوم 27 مارس 2005، ثم تم عرض الفيلم بعد وفاته بعام كامل. هيث ليدجر: من أفضل أساليب التمثيل، ما يسمى بال "ميثود أكتنج"، وهي طريقة يلجأ إليها الكثير من الممثلين لتجسيد ادوار صعبة اعتمادا على مبدأ المعايشة الكاملة للشخصية والالتزام بمشاعرها وأفكارها ونظرتها للحياة داخل موقع التصوير وخارجه أيضا حتى لا يفقدوا سمات الشخصية، وذلك طوال فترة التصوير حتى الانتهاء منها. ويعتمد الكثير من النجوم على طريقة ال ميثود أكتنج للوصول لقمة الابداع الفني في تجسيد الشخصية، ولكن على ما يبدو أن اعتماد الممثل الأسترالي الراحل هيث ليدجر على هذه الطريقة في تشخيصه لدور "الجوكر" في فيلم The Dark Knight كان سببا حتميا في وفاته، ذلك أن تجسيده لشخصية رجل خارج عن القانون وفلسفته تقوم على الأناركية واشاعة الفوضى حباً في احراج أصحاب السلطة وفرض العدالة باستخدام القوة والعنف كانت سبباً في تحول حالته النفسية ولجوئه للافراط في تعاطي المواد المسكنة والمهدئات، ووصل الأمر في النهاية إلى العثور عليه فاقدا للوعي في شقته بحي مانهاتن يوم 22 يناير عام 2008، لنكتشف بعد ذلك أنه مات نتيجة التسمم بجرعة زائدة من الأدوية المسكنة. براندون لي: أما الفنان براندون لي، فقد كانت وفاته غامضة وغريبة، حيث مات في موقع تصوير فيلمه The Crow باطلاق الرصاص عليه في أحد المشاهد، حيث كان من المفترض استخدام رصاص غير حقيقي في هذا المشهد، ولكن فجأة انطلقت الرصاصة التي أنهت حياته فورا، وقبل انتهاء تصوير الفيلم بثمانية أيام، ليتم بعدها حذف المشاهد من الفيلم، واعادة تصوير مشهد وفاة شخصيته في الفيلم بطريقة أخرى وبالاستعانة بدوبلير بديلا عنه. الغريب أن لي كان يجسد شخصية رجل يموت في حادث غامض، ثم تعود روحه للحياة بحثاً عن أسباب وفاته والانتقام من قاتليه. لعنة سوبر مان: وبالمثل، عانى الممثل جورج ريفز بطل فيلم ومسلسل Superman and the Mole-Men من لعنة مماثلة لتلك التي عاشها براندون لي، غير أنه سبقه إلى الموت بطلق ناري خلال عام 1951 في حادث غامض قبل زواجه بثمانية أيام فقط. بول ووكر: أما الممثل الراحل بول ووكر فقد تسبب عشقه للسيارات السريعة والقيادة المتهورة في وفاته، ذلك أن التزامه بالعمل في سلسلة أفلام Fast and Furious قد جعله يتعود على القيادة بشكل متهور، وهو ما نتج عنه في النهاية وفاته يوم 30 نوفمبر عام 2013 إثر حادث سيارة، حيث اصطدمت سيارته البورش في شجرة وعمود انارة قبل أن تشتعل فيها النيران وتسفر عن وفاة ووكر وصديقه الذي كان معه بالسيارة لتوجههما لحفل خيري في كاليفورنيا.