في هذه الفترة الحساسة والحرجة التي نعيشها هذه الأيام في انتظار عقد أول انتخابات رئاسية مصرية بعد قيام ثورة 25 يناير وسقوط الرئيس السابق حسني مبارك، جاء اختيار الصحفي الشهير "محمد عيداروس" نائب رئيس تحرير جريدة الأهرام ليطلق أحدث كتبه الذي يأتي بعنوان "العشرة المبشرون بحكم مصر". الكتاب الذي أقيم له حفل توقيع مؤخرا بإحدى مكتبات مصر الجديدة، يتناول بالتقديم والتفاصيل 10 من أبرز الشخصيات التي ترشحت لانتخابات الرئاسة المصرية المزمع عقدها في مايو المقبل، بل وتطرق كذلك لبعض الأسماء التي أعلنت نيتها الترشح في البداية، ثم آثرت الانسحاب لعدم رضاها عن المناخ الذي ستجرى فيه الانتخابات مثل الدكتور محمد البرادعي الرئيس السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية، وهناك أيضا من تراجعوا عن الفكرة لعدم وجود فرص عالية بالنسبة لهم في الفوز مثل المرشحين العسكريين اللواء مجدي حتاتة واللواء محمد علي بلال. يستعرض محمد عيداروس في كتابه السيرة الذاتية التفصيلية لكل من الشخصيات العشر التي يتناولها في كتبه، وأهم المعلومات التي قد يهتم المواطن المصري البسيط بمعرفتها عن كل منهم، وبالذات مؤهلاتهم العلمية ووجهات نظرهم في القضايا المختلفة ومواقفهم السياسية قبل وبعد الثورة،ومدى القرب من النظام السابق. ومن الشخصيات التي وردت في الكتاب، بالإضافة لمن سبق ذكره: - المستشار هشام البسطويسي الذي تذبذب أكثر من مرة منذ أيام الثورة الأولى بين إعلان ترشحه، ثم التراجع عن الأمر، وإعادة التفكير فيه من جديد، إلى أن رشح نفسه رسميا في النهاية عن حزب التجمع. - أيمن نور رئيس حزب غد الثورة، والرئيس السابق لحزب الغد، والمناضل صاحب التاريخ الطويل في معارضة نظام مبارك، والوحيد من بين كل مرشحي الرئاسة الحاليين الذي سبق له الترشح من قبل في انتخابات الرئاسة في عام 2005 أمام حسني مبارك في عز قوته، ونجح أيمن نور وقتها في انتزاع المركز الثاني من حيث عدد الأصوات بعد مبارك، وهو الأمر الذي أثار ضغينة النظام عليه. وانتهى الأمر باتهام نور بتلفيق عدد من توكيلات إنشاء حزب الغد والزج به في السجن لسنوات إلى أن حصل على الإفراج الصحي. ويحاول المؤلف كشف الغموض الذي أحاط علاقة أيمن نور بالولايات المتحدة، وإشاعة استقوائه بها أيام تعرضه للسجن. ويمكننا اعتبار أيمن نور المرشح الأسوأ حظا على الإطلاق، لأنه بعد كل ما مر به في السابق، لم ينجح بعد ثورة يناير في استرداد حقوقه السياسية، فحتى بعد أن أسس حزب غد الثورة وترشح عنه في انتخابات الرئاسة، وحصوله على عفو من المجلس العسكري، تم استبعاده في النهاية من قبل اللجنة العليا للانتخابات (وهو الأمر الذي لم يذكره الكتاب بالطبع لصدوره قبل ذلك). - الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح الأمين العام لاتحاد الأطباء العرب، أحد أبرز وجوه جماعة الإخوان المسلمين منذ انضمامه لها، وظل عضوا في مكتب الإرشاد لمدة 22 عاما، إلى أن حدثت أزمته الأخيرة مع الجماعة بعد أن أصر على الترشح للرئاسة، وتم فصله منها، وتطبيق نفس القرار على كل من يسانده من شباب الإخوان. لكن الشكوك مازالت تساور الكثيرين حول دعم الإخوان لأبو الفتوح من الباطن، حتى بعد دفعهم لمرشحين آخرين في سباق الرئاسة. ويحاول الكتاب كشف غموض هذا الأمر. - وبالطبع لم يغفل المؤلف الحديث عن الشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل أشهر مرشحي الرئاسة على الإطلاق في الفترةالأخيرة، وصاحب أكبر عدد من البوسترات الدعائية التي ملأت جميع أنحاء البلاد، قبل أن يتم استبعاده نهائيا من سباق الرئاسة بسبب ازدواج جنسية والدته التي تحمل الجنسية الأمريكية. ويتعرض المؤلف في كتابه كذلك لبعض آراء أبو إسماعيل المتشددة في الدين والسياسة. - هناك أيضا عمرو موسى ومناقشة مدى تبعيته لنظام مبارك، والمفكر الإسلامي الكبير محمد سليم العوا والشائعات التي تثار حول علاقته الشائكة بإيران. كما يتعرض الكتاب الذي يتكون من 330 صفحة لعلاقات المرشحين ببعضهم البعض والمناوشات التي دارت فيما بينهم سواء خلال عملهم السياسي أو بعد إعلانهم الترشح, فضلا عن عرضه آراء المثقفين ورموز المجتمع المصري في مواصفات الرئيس المقبل. وهذا الكتاب هو الثاني الذي يصدر للمؤلف بعد نجاح كتابه الأول "مجتمعين في طرة".