لا يتوقف عقل الإنسان عن التفكير والابتكار أبدا، وخاصة كلما قابلته عقبة كبيرة وصعبة قد تعوق طريق تقدمه وسهولة حياته. هذا بالضبط ما جعل العلماء الباحثين لا يتوقفون مكتوفي الأيدي أمام مشكلة ارتفاع أسعار وقود السيارات التقليدي المعتمد على المواد البترولية (كالبنزين والمازوت وحتى الغاز الطبيعي)، والذي إلى جانب ازدياد سعره باستمرار سيأتي يوم عليه وينضب. وهنا كان لابد من العمل الدائب والدخول في مئات التجارب والسبل من أجل التوصل إلى مصادر طاقة بديلة على ان تكون متجددة، ويا حبذا لو كانت أيضا أوفر ومحافظة على البيئة. ومن بين الأفكار العديدة التي لا يكف العاملون في هذا المجال عن تجربتها الغاز الحيوي المستخرج من فضلات الأطعمة. لم يعد هذا الأمر حلما الآن، فقد نجحت هذه التجارب في ألمانيا، وأصبح بالإمكان حاليا استخدام الغاز الحيوي في أغراض التدفئة وتوليد الكهرباء، وهو الأمر الذي دفع الباحثين إلى المزيد من التفاؤل ليرتفع سقف أحلامهم أكثر وأكثر، وأصبح شغلهم الشاغل هو إمكانية استخدام الغاز الحيوي كوقود للسيارات بدلا من الوقود البترولي التقليدي. ومع أوائل 2012، بدأ الباحثون في ألمانيا تجاربهم بهذا الخصوص، وقاموا بتخمير بواقي الخضروات والفواكه التي جمعوها من السوق ومن المطاعم في أماكن خاصة. وفي عملية تتكون من مرحلتين، بدأت البكتريا الصغيرة جدا بإنتاج غاز الميثان في غضون أيام قليلة، بعد ذلك تم جمع هذا الغاز الحيوي في أوعية تتحمل الضغط العالي، ليصبح الغاز جاهزا للاستخدام كوقود للسيارات. وتحتوي فضلات الطعام على نسبة كبيرة من المياه والقليل من الأجزاء الصلبة مما يجعلها مثالية للتخمير. غير أن مدى استجابة هذه الفضلات لعملية التخمير يختلف من طعام إلى آخر، وقد قالت إحدى الباحثات في هذا المشروع: "بإمكاننا في بعض الأحيان الاستفادة من فضلات الخس. كما تكون الفواكه الحمضية التي تحتوى على حموضة عالية أكثر استجابة للتخمير". ويجب الإشارة إلى أن وزارة التعليم والبحث العلمي الألمانية تسهم في دعم هذا المشروع الذي يحمل اسم "ايتاماكس" ب 6 ملايين يورو. كما بدأت تجربة هذا النوع الجديد من الوقود في سيارات اختبار.