جدة : - قضت المحكمة الإدارية في جدة بإلزام وزارة الصحة بتعويض مواطنة 1.7 مليون ريال نتيجة خطأ حدث قبل 35 عاما حيث تم تسليمها لأبوين غير والديها الشرعيين نتيجة تبديل في المواليد، وتضمن الحكم الذي رفع إلى محكمة التمييز لتدقيقه وإقراره إلزام وزارة الصحة بمعالجة المواطنة وتأهيلها لتقبل وضع انتقالها إلى والديها الحقيقيين اللذينعاشت بعيدة عنهما طوال 35 عاما. خطأ المستشفى جريدتا عكاظ والحياة نشرتا تفاصيل هذه الواقعة المثيرة .. حيث تقول عكاظ انه وبحسب حيثيات الحكم، حدث خطأ تبديل المولودين في التاسع من شهر شوال عام 1395ه في مستشفى الولادة في مكةالمكرمة، حيث أخطأت الممرضة في تركيب أساور المولودتين في تلك اللحظة عهود وزين ما أدى إلى تسليم كل واحدة إلى والد الأخرى. وتمسكت المواطنة عهود البالغة من العمر 35 عاما بطلبها في التعويض عما لحق بها من أضرار بسبب هذا الخطأ، ومن بينها أنها عاشت 35 عاما عند غير أهلها وحرمانها من رؤية والدها الحقيقي الذي توفي خلال تلك الفترة، وتأخرها عن الزواج بسبب اختلاف لون بشرتها المائل للسمرة عن الأسرة التي عاشت بين أفرادها، إضافة إلى تغيير أسلوب عيشها بسبب تواضع حال أسرتها الحقيقية مقارنة بالأسرة الغنية التي كانت تعيش بينهم. فقر بعد غنى وتقول جريدة الحياة ان هذه الحالة تعد الأولى من نوعها بعد عقود من الولادة. ومن المفارقات أن إحدى الفتاتين كانت من نصيب عائلة موسرة، فيما ذهبت ابنة تلك العائلة إلى أسرة فقيرة. وحكت عهود ل "الحياة" تفاصيل قضيتها التي تعرضت لها هي وأختها "زين" التي ظلت "بديلة" عنها لأكثر من 30 عاماً. وقالت: "إنها معاناة عاشتها أختي زين منذ البداية، إذ كانت تختلف عن أهلها في لون البشرة، ما دفعها إلى البحث عن نسبها الحقيقي، والآن جاء دوري في المعاناة، بعد أن ظلت حياتي السابقة كلها سراباً". وأشارت عهود التي تتحدث عن قصتها للمرة الأولى، إلى أن الاختلاف بين لون بشرة أختها زين، وبشرة ذويها من الرضاع "لفت نظر الناس إلى أنها ليست ابنتهم، فبحثت عن أصلها وانتصرت أخيراً، بينما لم يلاحظ محيطي (أنا) شيئاً آخر. والحمدلله على قضائه وقدره". فصول المعاناة وتقول الحياة انه في الوقت الذي عاشت فيه "زين" فصول المعاناة، كانت بديلتها "عهود" تعيش في هناء واستقرار تامين، بفضل عائلة لم يطرأ في ذهنها أن تكون إلا واحدة من أبنائها. وعلى النقيض من بديلتها لم تسمع كما تقول أي خبر أو نظرة من أي كان حتى الإشارة، بأنها ليست ابنة عائلتها المثالية. إلا أن معاناة "عهود" بدأت عندما بدأت خيوط القضية تتكشف وتُعلن أمام عائلتها التي حاولت إخفاء الخبر عنها، لكنها في نهاية المطاف علمت به، وتمنت الموت يومئذ. غير أن الذي قالت إنه لم يُبق لها على شيء هو أن بعض أفراد عائلتها من "الرضاعة"، بعد أن سيطرت ابنتهم "زين" عليهم، لم يتقبلوها على أنها ابنتهم الجديدة، وإنما رسّخت في أذهانهم أنها جاءت عوضاً عن "عهود" التي يجب أن ترحل إلى ذويها، وتكتفي بالتواصل مع أهلها السابقين حيناً بعد آخر. هذا لسان الحال الذي قالت "عهود" آلمها وأشعرها بالضياع، ما دفعها إلى اللجوء إلى "حقوق الإنسان"، وهي لم تزل متمسكة بأسرتها الأولى، على رغم كل الذي حدث. حب وكراهية ومع أنها لا تنكر أن إخوتها من الرضاعة يعاملونها باحترام وتقدير، إلا أنها كذلك لا تخفي أنها تستكثر النظر إليها على أنها دخيلة على الأسرة، أو أن ما يقومون به من إنفاق عليها أو مؤازرة، هو من باب الإحسان والصدقة، ليس لأنها ابنتهم. حتى إنها تقول باكية "والدي قال لي سأخصص لك ألف ريال إعانة شهرية، يعطيك منه أخوك من الرضاعة 200 ريال كل أسبوع"، بينما كان في السابق يعطيني بلا حساب. مضيفة "لقد فقدت أبي روحياً ووجدانياً، لم يعد يحبني. وأرجو أن يسامحني على هذا القول. أنا لا أستطيع البعد عنهم وهم ينفوني، هذا ما يؤلمني". أما بالنسبة لأسرتها الجديدة وأبويها من النسب، فقالت إنها تعتز بهم وتفتخر أيضاً، إلا أنها لا تستطيع العيش بمقياسهم الذي ألجأتهم إليها الظروف، "مع أن والدي (من الرضاعة) كلما طلبت منه موقفاً أو شيئاً قال: أهلك وإخوانك"! وهكذا أصبحت كما تزعم بين حياتين، واحدة ترفضها وجدانياً حتى وإن تقبلتها على مضض، وحياة لا تستطيع التكيف معها. وما قالت عهود زاد معاناتها أن والدتها من الرضاعة ماتت، وإخوتها الذكور والإناث تزوجوا جميعاً، وبقيت هي وحيدة مع والدها، تتولى كل حياته بالرعاية والاهتمام، حتى غدا أقرب إليها من أي أحد. فهو الأب والأخ والأم والصديق، "فكيف أخلع نفسي منه لحظة؟ لا أطيق هذا، ولو كانت أمي على قيد الحياة ما حدث هذا". المثير في حق "عهود" أنها وإن رضيت بالأمر الواقع، إلا أنها لا تزال تشكك في النسب الجديد، على رغم صدور الحكم الشرعي!