قبل أيام، فاجأتنا إدارة الشركة المصرية للأقمار الصناعية (نايل سات) بإغلاق ست عشرة قناة فضائية وتوجيه إنذارات لاثنتين وعشرين أخرى بدعوى مخالفتها للتراخيص الممنوحة لها، وتشير الأنباء إلى أن الدفة تتجه حاليا نحو القنوات الرياضية. فقد أنذرت هيئة الاستثمار عددا من القنوات الفضائية الرياضية والقنوات العامة التي تقدم برامج رياضية بالابتعاد عن إثارة الفتن وإلا ستواجه المصير المحتوم وهو الإيقاف، كما طلبت الهيئة مذكرات رسمية من لجنة تقييم البرامج الرياضية بماسبيرو لرصد الأخطاء والتجاوزات التي تصدر من مقدميها. والسؤال الآن، هل كان إغلاق القنوات الدينية أمرا شرعيا ومنطقيا - وفقا للمبررات المذكورة؟ وهل ستصبح بعض القنوات الرياضية كبش فداء حتى نسلم بأن إغلاق القنوات الدينية جاء حرصا على الصالح العام ونبذ الفتن وليس له أي علاقة بالسياسة أو انتخابات الرئاسة أو المنهج الذي تتبعه تلك القنوات في الدعوة إلى الدين؟ وإذا كان الأمر كذلك فهل سيتم إغلاق جميع القنوات الرياضية لأن جميع برامجها - باستثناء الأستوديو التحليلي بقناة النيل للرياضة الذي يقدمه الرياضي المعروف طاهر أبو زيد - تتبع أسلوبا غير حضاري في النقاش وفي محاباة بعض الفرق على حساب أخرى بالإضافة إلى التحريض على الفتن كلما سنحت الفرصة. هل تذكر ماذا حدث خلال الفترة التي صاحبت مباراتي مصر أمام الجزائر في تصفيات المونديال؟ هل يمكن لك أن تقدم مبررا واحدا للمنهج الذي تتبعه القنوات الرياضية في إيهام المواطن المصري بأنه رخيص الثمن ولا قيمة له وأنه "بينضرب برة وجوة" لأن الجميع يكرهونه وحاقدين عليه؟ لا شك أن هناك بعض الجهات التي تشعل النار في الفتيل، ولكن ليس هناك شك أيضا في أن إبراهيم عيسى رئيس التحرير السابق لصحيفة "الدستور" والأستاذ حمدي قنديل والدكتور علاء الأسواني لم يدعوا إلى الفتن وتم أيضا منعهم من ممارسة أعمالهم بحرية نص عليها الدستور. لست مع أو ضد، لأنني ببساطة أعتقد أن هناك بعض المشايخ والرياضيين والمثقفين لا يستحقون الظهور على الفضائيات وليست لديهم المعرفة الكافية لمخاطبة عقول الناس وإفادتهم. ولكن في نفس الوقت هناك بعض الأشخاص الذين يجب بترهم من المجتمع والغريب أنهم يظهرون على الشاشات ويكتبون في الصحف بحرية كاملة بدون أن يتعرض لهم أحد بأذى، فهم يتحدثون أيضا عن الدين ولكن من وجهة نظر أخرى ومنهم على سبيل المثال الدكتورة نوال السعداوي. ميلودي أولى بالمنع من قناة الناس من غير المعقول تصديق مبررات مسئولي "نايل سات" بأن إغلاق القنوات الدينية جاء حرصا على المواطن المصري، ألا تشاهد يا سيادة المسئول قنوات "ميلودي" ومدى الوقاحة التي يتم بثها على شاشاتها وحملة "ميلودي تتحدى قلة الأدب" وسابقاتها من الإعلانات المشينة، أليست هذه القنوات مسئولة عن إفساد الذوق العام. هل إفساد الأذواق بمنأى عن المحاسبة؟ وهل سيتم إتباع نفس سياسة الإغلاق بالجملة مع القنوات الرياضية أم سيكتفي المسئولون بإنذار بعضها فقط؟ توقع معي ما هي القنوات التي سيتم إنذارها أولا؟ لقد تم طرد الدكتور علاء صادق من شاشات التليفزيون المصري لأنه أساء إلى الشرطة بالرغم من أنه أساء مسبقا إلى أندية مصرية ورموز رياضية. أعتقد أن البرنامج الأول الذي سيتم "إنذاره" وليس منعه هو "دائرة الضوء" الذي يقدمه الناقد الرياضي المعروف إبراهيم حجازي والسبب هو...الحدق يفهم. في النهاية..أتمنى أن يطول مقص الرقيب أفلام السينما والمسلسلات التليفزيونية فهي الأكثر اقتحاما لعقول المواطنين، إذا ما كان الهدف هو إبعاد المواطن عن عبث العابثين وأفكار المتطرفين، فالتطرف ليس دينيا ورياضيا فحسب وإنما أخلاقيا في المقام الأول.