فرحة طاغية لكنها مؤسفة تلك التي رأيناها في أعين وكلمات الشامتين في هزيمة الأهلي الاخيرة أمام الترجي، فبدوا وكأنهم ينتظرون لحظة انطلاق صافرة النهاية في واقعة رادس المشينة، حتى انطلقوا للتشفي في فريق كان هو المدافع الأوحد عن ألوانه وألوان بلاده في أدغال إفريقيا في وقت ضاع الآخرون في المتاهة الإفريقية فلم يجرؤوا على العودة إليها.. لكننا على أي حال نلتمس لهؤلاء المتربصين العذر ، فذاكرتهم تأبى نسيان أن هذا الفريق هو الذي أذاقهم سوء العذاب والهوان على مدى سنوات.. بداية لابد من الاعتراف بأن هناك ترديا ملحوظا في أداء النادي الاهلي منذ فترة ليست بالقصيرة، لكن هذا أمر طبيعي ويحدث لكل الفرق الكبرى، إذ يكون ذلك بمثابة "استراحة محارب" لالتقاط الأنفاس، وهو ما لايستوعبه الآخرون الذين أكل الدهر عليهم وشرب حتى الثمالة بعد أن نسوا معنى البطولات.. وإن تعجب فعجب قولهم إن "الحكم" الغاني لم يكن السبب الرئيسي في خروج الأهلي أمام الترجي.. ياله من رأي سقيم ومستفز!! فإقصاء الأهلي وإن ساهمت فيه أخطاء فنية وتكتيكية واضحة، لكن الفضل الأول فيه يرجع للحكم بقراراته التي أربكت اللاعبين منذ اللحظة الأولى. وسنحتكم هنا للعقل والمنطق : فلو لم يحتسب هذا "اللامبتي" الهدف - الذي يعد واحدا من أغرب الأهداف وأكثرها طرافة، فلم أر من يمزج كرة القدم بالكرة الطائرة بهذه الفجاجة - لكان الأهلي طرفاً في المباراة النهائية.. إذا فخروج الأهلي جاء بفعل فاعل وهو الحكم. وتنفيذ الهدف بهذه الطريقة جاء وكأنه سيناريو متفق عليه بأن يتم تسجيل هدف في الدقائق الأولى بأي شكل لتحطيم معنويات لاعبي الاهلي، وهو ما ظهر جليا خلال المباراة . نعم لقد كانت مؤامرة لكنها لم تكن محبوكة بل فاحت رائحتها العفنة حتى أزكمت الانوف.. وفي الوقت الذي اعترف فيه التونسيون بأن الحكم أهدى الترجى فوزا غير مستحق، وجدنا على صفحات الجرائد والمواقع والشاشات المصرية من يهاجم الاهلي حتى خرج بعضهم بعنوان يقول "عدالة السماء تنزل على استاد رادس" ! وسارع البعض ليشحذ سكينه للنيل من الزئبقي محمد بركات "سارق الفرح" الذي طالما أرعبهم بتحركاته وأدمى قلوبهم بتسديداته الرصاصية. والأعجب أن نفرا من هؤلاء لم يكتفوا بالإساءة إلى حسام البدري، فهاجموا مانويل جوزيه الذي حقق مع النادي الاهلي نحو 20 بطولة وصنع للمنتخب القومي فريقا حصد ثلاث بطولات قارية.. لقد أشفى صدورنا خروج جماهير الاهلي لاستقبال اللاعبين والاحتفاء بهم، وهو ما كان خير رد على كل الهجمات المفضوحة، ودليلا واضحا على أن هذه الجماهير الواعية لا تحاسب بالقطعة كما تفعل بعض جماهير الفرق الأخرى مع نجومها، وليست هذه الروح بجديدة على مشجعي الاهلي المخلصين.. كنت أتمنى أن يكون النقد أكثر إيجابية، لا لمجرد التشفي من الفريق الأحمر في ظروف غير مواتية. بل كان أولى لهؤلاء أن يوفروا نقدهم لمصلحة أنديتهم التي يتردى حالها من سيء إلى أسوأ حتي بات اللاعبون يُصفعون على وجوههم.