من المتوقع أن تثار حالة من الجدل والصخب الجماهيرى والنقاشات الحادة خلال الفترة القليلة القادمة بين قطاعات الجماهير فى مصر والولايات المتحدةالأمريكية، بسبب فيلم أمريكى يتحدث عن مسلمى أمريكا، وآخر مصرى "وثائقى" يتناول حياة الراهب المصرى متى المسكين. Mooz-lum.. وحياة المسلمين السود فى أمريكا يحاول صناع Mooz-lum أن يقدموا فيلما إنسانيا وليس دينيا عن حياة أسرة أمريكية مسلمة من ذوى البشرة السمراء، بهدف تسليط الضوء على التحديات التي تواجه المسلمين مثلما نجح فيلم (افعل الصواب Do the Right Thing) ل سبايك لي في كشف العنصرية والحقائق القاسية التي تواجه الشبان السود في بروكلين قبل عقدين. تم تصوير فيلم (موزلم Mooz-lum) في ولاية ميتشيجان الأمريكية، حيث يوجد بها عدد كبير من المسلمين، وقد تم عرض الفيلم بالفعل للمرة الأولى خلال مهرجان (Urbanworld) السينمائي في نيويورك يوم الجمعة الماضى. يقول قاسم بصير مخرج الفيلم "آمل أن يخرج الناس من قاعة العرض وهم يفكرون أكثر ويحاولون فهم ما نواجهه هنا"، مضيفا أن رصد الفيلم لمشكلة التمييز يعكس تجربته الشخصية كأمريكي مسلم، مؤكدا أن عدم تناول السينما للمسلمين الأمريكيين كثيرا ألهمه بإخراج الفيلم. وأضاف "آمل أن أقدم للمسلمين الأمريكيين فيلما يعكس صورتهم. أريده أن يكون شيئا يستطيع الجمهور أن ينظر إليه ويقول (هذا يمثلني) ". الفيلم الذي ما زال يبحث عن موزع لعرضه جماهيريا بقاعات السينما الأمريكية ، فى وقت حرج، حيث مازال الرأى العام الأمريكى فى حالة انقسام حاد بشأن اعتزام انشاء مركز ثقافي اسلامي في نيويورك، بالاضافة إلى فكرة انشاء مسجد بجوار مقر برجى التجارة العالمى اللذين سقطا فى هجمات 11 سبتمبر 2001. وقال ستيسي سبايك مؤسس مهرجان (Urbanworld) ان الجلبة التي أحاطت بفيلم (موزلم) استفادت من الجدل المثار حول المركز الإسلامي. ويروي الفيلم قصة طالب جامعي يدعى طارق في عام 2001 الذي يلعب دوره ايفان روس. ويحاول طارق الموازنة بين ديانته الإسلامية والحرية التي وجدها في الحرم الجامعي. "متى المسكين".. ومدى استعداد الشارع المصرى "سواء المسلم أو المسيحى" لتقبل الفيلم وفى ظل حالة الجدل البيزنطى الكريهة التى يشهدها الشارع المصرى حاليا بشأن تصريحات الأنبا بيشوى التى تناولت بعضا من آيات القرآن، والتى قابلها المسلمون بحالة من الغضب والسخط، بالاضافة إلى حالة الهياج الشبابى بين شباب عنصرى الأمة المصرية بسبب ارتداد هذا عن الاسلام أو تراجع تلك عن المسيحية، فهل من الممكن أن يتسبب الفيلم الوثائقى الجديد "متى المسكين" فى إثارة مزيد من البلبلة وخروج مظاهرات جديدة للاشادة أو ادانة الفيلم؟ فيلم "متى المسكين" دخل بالفعل مؤخرا ضمن منافسات مسابقة الأفلام التسجيلية الطويلة فى مهرجان الإسماعيلية الدولى للأفلام الروائية القصيرة والتسجيلية، والفيلم من إنتاج شركة آى فيلم، والإخراج لخريج كلية الإعلام الواعد إياد صالح، ويحمل الفيلم اسم "متى المسكين... الراهب والبابا"، ويسرد الفيلم السيرة الحياتية للراهب متى المسكين الذى أثار الجدل على الرغم من أنه لم يخرج من الدير الذى كان يعيش فيه، ويتناول قصة الراهب متى المسكين منذ اللحظة الذى قرر فيها أن يبيع كل ممتلكاته ويوزعها على الفقراء ويدخل الدير ليصبح أول جامعى يدخل سلك الرهبنة التى كانت قبلة للأميين وقليلى التعلم وخاصة الفقراء، حصل متى على بكالوريوس الصيدلة ليمر بكل المراحل التاريخية من عام 1948 ليتناول كل القضايا السياسية والدينية التى بالرغم من أن متى كان بعيدا عنها إلى أنه كان له دور ملموس فى التأثير عليها. الراهب متى المسكين اختارته مجلة النيوزويك الأمريكية من أهم أربعة رهبان فى العالم، وله العديد من المواقف، فهو مفكر ورجل صاحب أفكار دونها فى كتبه، فيها ما هو عام نحو الإنسانية، وبها ما هو خاص بمصر فى تحقيق المجتمع المتسامح والمتجانس البعيد عن أى طائفية ونزاعات دينية، ويدعو الفيلم إلى اتخاذ آرائه وأفكاره للحد من الفتنة الطائفية التى تشتعل جذوتها تحت الرماد فى مصر حاليا، كما أن الراهب له موقف شهير فى أزمة 1981 حيث رفض الجلوس على الكرسى البابوى بعد عزل الرئيس السادات للبابا شنودة. مدة الفيلم حوالى 50 دقيقة واستغرق الإعداد والتصوير حوالى سنة، وهناك 12 ضيفا تم استضافتهم فى الفيلم للحديث عن متى المسكين، منهم أستاذ القانون والوزير السابق يحيى الجمل، والمؤرخان ميلاد حنا وكمال زاخر، وأستاذ علم اللاهوت وقسيس كنيسة مسطرد عبد المسيح بسيط، والكاتب الصحفى عادل حمودة، إضافة إلى ضياء رشوان ودكتور عاطف العراقى، وفايز فرح وأندريا زكى. وواجه الفيلم أثناء التصوير العديد من الصعوبات، أهمها إيجاد من يمكنه الحديث عن الراهب الشهير، لأنه ولد فى 1919 وهو ما يجد صعوبة فى تأريخه، كما أنه شخصية لم تكن تظهر كثيرا ولا يراها الكثيرون، لأنه قضى كل عمره حتى وفاته فى 2006 داخل الأديرة، كذلك فقد كانت هناك صعوبة كبيرة فى الحصول على المواد الأرشيفية من صور ومقالات وفيديو، أما الصعوبة الأكبر فكانت تتمثل فى أن الكثيرين لا يعرفون عنه غير بعض معلومات بسيطة، والأكثر لا يفضل الكلام فى هذا الموضوع لما فيه من حساسية. تدور محاور الفيلم حول بدايته، ثم أخذه لقرار الرهبنة بعد حصوله على بكالوريوس الصيدلة، ثم دخول الدير، وكتاباته وأفكاره، وكذلك تطويره لدير الأنبا مقار ليتحول إلى واحد من أهم الأديرة فى مصر، ثم ترشيحه الأول لكرسى البطريركية خلفا للبابا يوساب الثانى عام 1956، ثم ترشيحه لكرسى البابوية خلفاً للبابا كيرلس عام 1971، ودوره فى أزمة عزل البابا شنودة عام 1981، وأخيرا بقائه فى الدير إلى وفاته عام 2006، وقد تم التصوير فى دير الأنبا مقار الذى كان راهبا به، كما تم تصوير العديد من مشاهد إعادة البناء (محاكاة الواقع) باستخدام ممثلين، وخاصة تلك الخاصة برهبنته فى الصحراء. فيلم Mooz-lum مازال يبحث له عن موقع بدور العرض الأمريكية ليجد مكانة يستحقها ويقوم بتوصيل الرسالة التى تمت صناعته من أجلها، فهل يجد فيلم "متى المسكين" صدى جماهيريا طيبا لدى الجماهير المصرية، أم أن الجمهور أصلا لا يهتم بالأفلام الوثائقية والتسجيلية، وسيكون وجود الفيلم وخروجه للنور مجرد حدث منسى يمر مرور الكرام؟؟!!