تجمع مدينة ليمبو (Limbo) في مواصفاتها وأساليب الحياة عليها بين الحياة والموت، فهي مدينة الحياة فيها أشبه بجحيم يخيم عليه الظلام فلا يجرؤ شعاع الشمس أن يقترب منه مهما كانت حدته. بطل أحداث اللعبة طفل صغير على شجاعته لا يجد من قوة البنية ما يعاونه على تحدي المخاطر التي تواجهه. يجد البطل نفسه مسجونًا في عالم من الخيال المريع وبعيدًا كل البعد عن الأمن والأمان اللذين يشكلهما الواقع. يقابل البطل العديد من أنواع المخاطر, فهناك كائنات غريبة ووحوش ضارية تعترض طريقه وهناك أهل المدينة الذين يكنون له العداء والكره وهناك أيضًا الفخاخ التي قد تودي بحياته, مما يجعل الرغبة في الحياة والتشبث بحلم النجاة الهدف الأهم. عالم مدينة ليمبو مليء بالألغاز والصراعات التي تأتي بمؤثرات سمعية وبصرية تقرب اللاعب من بطل الأحداث وتشعره بمعاناته. تبدأ أحداث اللعبة ببطلنا الطفل الصغير الذي يجد نفسه في أرض غريبة دون أن يفهم أي شيء عن وضعه, لكنه سرعان ما يدرك أن أهلها لن يقابلوه بالبشر والترحيب. يبدو البطل وكأنه بقعة سوداء ولا يظهر منه سوى عينين براقتين في محيط يخيم عليه الظلام. لا ترتبط الأحداث ببعضها عبر نسيج درامي ولا تمنح اللعبة بطلها في سعيه وراء النجاة أي إشارة يستدل بها, إنما تقوم اللعبة في أساسها على الصراع من أجل البقاء ومقاومة خطر الموت ولا يعين البطل على الاستمرار في سعيه إلا اجتياز المصاعب والفخاخ مما يعطيه الأمل في تحقيق النجاة والفرار من ذلك العالم المريع. تخرج اللعبة بمقومات جمالية إبداعية تعوض ما ينقصها من حبكة درامية وتسلسل منطقي للأحداث, ولعل المؤثرات الصوتية والخدع البصرية أكثر ما يسهل ذلك. تأتي اللعبة في مجملها بخلفية يغلب عليها الظلال الأبيض والأسود يتجول اللاعب بين الغابات الكثيفة والأماكن المهجورة والبيوت المهدمة مما يمنح اللاعب شعورًا قويًا بالتورط وصعوبة الإفلات من ذلك الفخ الرهيب. تعثر الرؤية من أهم سمات المدينة فلا يضيء طريق اللاعب سوى بصيص خافت من النور مما يمنح المدينة مظهرًا كئيبًا باهتًا, ومن أكثر ما قد يبعث الملل في نفس اللاعب غياب الموسيقى التي يحل محلها بعض الضوضاء التي تظهر وتختفي بشكل مفاجئ. تقدم لعبة Limbo الصراع التقليدي بين الحياة والموت, وبين الواقع والخيال, لكنها لا تقدم حلا لهذا الصراع الأبدي. يمثل هذا الصراع الجانب الأهم في اللعبة وللاعب مطلق الحرية في تأمل المعنى الحقيقي للحياة من وجهة نظره. تمثل اللعبة مغامرة مرسومة بمهارة وعناصرها شديدة الاتصال ببعضها. يتمكن اللاعب من الاستمرار في مقاومة المخاطر مستعينًا بمجموعة محدودة من الحركات منها القفز الخفيف لاجتياز الحفر, ومنها دفع الأشياء التي تعترض طريق اللاعب أو جرها, ومنها تسلق المرتفعات والتمايل يمينٍا ويسارًا بواسطة الحبال. يفشل اللاعب في الاستمرار في السعي إذا ما غرق في المياه أو سقط من فوق سطح عالٍ أو وقع في أي شرك مما يدعوه إلى إعادة المحاولة. تتعدد ألوان الألغاز لعبة Limbo ومع أنها قد تبدو متشابهة في المظهر, فإنها تختلف كثيرًا في جوهرها ورغم قلة فرص اللاعب في الحركة فإن اجتياز المخاطر يتطلب مهارات قد تفوق تلك الحركات البسيطة, كما أن الألغاز تصبح أكثر تعقيدًا كلما اجتاز اللاعب المراحل ويجد اللاعب نفسه مجبرًا على القيام بأعمال تفوق طاقاته. ألغاز لعبة Limbo محيرة في طابعها وتحتاج للتروي والحكمة من قبل اللاعب وليس هناك خيار أفضل من المحاولة والخطأ من أجل معرفة الصواب, ويحتاج اللاعب الحذر والانتباه لأن الموت قد يأتي في وقت غفلة, فممكن مثلا أن يقع صخر فوق رأسه يودي بحياته أو تهلكه صاعقة كهربائية. قد يبعث الفشل في الفرار من الموت في بعض ألعاب الفيديو الإحباط والهزيمة في نفس اللاعب, لكن مصممي لعبة Limbo اجتهدوا من أجل السيطرة على شعور الملل المصاحب لذلك بمراعاة عدة أمور منها أن اللاعب يجد نفسه على بعد خطوات قليلة من حيث فشل في النجاة من الموت, ومنها أيضًا أن الصعاب تتتابع بشكل منطقي فحينما يواجه اللاعب مشكلة ما يمكنه التنبؤ بما قد يقابله من مشكلات جديدة.