تدنى الحالة المزاجية وارتفاع حالة الاكتئاب لدى شاب مصري سئم الحياة وظن أن السعادة في تركها ، دفعه الى اعتلاء كوبري عباس بالجيزة والقاء نفسه في مياه النيل علها تدمل جراح اليأس والاحباط. تمكن رجال الإنقاذ النهرى من إحباط محاولة محاسب فى الانتحار من أعلى كوبرى عباس بالجيزة، وإنقاذه من الغرق، وأفادت التحريات أنه أقدم على الانتحار لمروره بأزمة نفسية بسبب ضغوط الحياة، فتم إخطار النيابة للتحقيق. تلقى اللواء محسن حفظى مساعد وزير الداخلية لأمن الجيزة بلاغاً من الخدمات الأمنية المعينة لتأمين كوبرى عباس بإلقاء أحد الأشخاص نفسه من أعلى الكوبرى، فكلف رجال المباحث بالانتقال إلى محل الواقعة، وتبين لرئيس مباحث قسم الجيزة أن "ياسر.ف.ع" (35 سنة) محاسب توجه إلى الكوبرى وألقى بنفسه فى المياه، وتمكن رجال الإنقاذ من انتشاله قبل الغرق، وبسؤاله أفاد أنه قرر التخلص من حياته بسبب أزمة نفسية يمر بها ناتجة عن ضغوط الحياة المتراكمة عليه وعجزه عن مواجهتها، فتحرر محضر بالواقعة حمل رقم 15043 وباشرت النيابة التحقيق. ويعتبر الانتحار " سيكلوجياً" احتجاجاً علنياً ضد المجتمع وظلمه، وذلك للإثارة ولتحقيق بطولة وشهرة، تعويضاً عن الفشل الذريع واليأس من الحياة!! والحقيقة أن حقوق ومطالب الإنسان الأساسية تتمثل في حقه في الإبقاء علي حياته وحقه في تكرار وجوده وتكوين أسرة وحقه في الاحترام والكرامة في المجتمع مع المشاركة بإرادته وصوته في القرار السياسي العام. وواضح أن أسباب حالات الانتحار السابقة تدور حول يأس الشباب المنتحر، من الحصول علي عمل أو دخل معقول يمكنهم من تكوين أسرة مع فقدانهم التام الشعور بالاحترام في المجتمع لحجبهم عن المشاركة في الحياة السياسية مع بطالتهم وسقوطهم في هوة الكآبة واليأس المرير!! ورغم افتراض غلبة الضعف النفسي والإنساني لهؤلاء المنتحرين، فإنه لا يمكن دستورياً وواقعياً واقتصادياً وعقلانياً تقرير براءة المجتمع، من المسئولية عن هذا القتل من الشباب لأنفسهم بصورة عنيفة ومثيرة وفي سن الإنتاج والعمل، خاصة لأن السائد في المجتمع المصري منذ 1981 في الحياة المصرية مشاريع الإصلاح الاقتصادي والسياسي!! ويتمثل السبب الأول والاهم في تخلي الدولة تماماً عن الرقابة والإشراف علي الحياة الاقتصادية سواء من حيث الإنتاج، أو الأسعار، أو التوزيع، أو التدني في الأجور الفعلية، بحيث أصبح لا يمكن لأي شاب حصل علي عمل مع زوجته العاملة أن يحصل علي مسكن وما يقيم أوده وزوجته بدخلهما!! كما سادت البطالة البشعة بين الشباب من كل المستويات الجامعية، والمتوسطي التأهيل الدراسي وأيضاً غير ذوي المؤهلات، ووصلت أعداد المتعطلين إلي عشرات الملايين ولذلك فقد حاول الشباب ويحاولون الهروب من أسر البطالة التامة أو المقنعة سواء بالهجرة الشرعية إلي البلاد العربية!! أو بالهجرة غير الشرعية إلي الدول الأوروبية المختلفة، حيث يموت العديد من هؤلاء المغادرين غرقي أو يلقون بالسجون!! ورغم حقيقة كل ما سبق فإن الحكومة لا تعبأ بالفوران الداخلي في المجتمع ولا بالشباب المهاجرين أو المنتحرين أو المدمنين وتزداد إصراراً علي سياساتها وعدم علاج الأسباب الجوهرية لهذا الفوران المتمثلة في الاستبداد والفساد في ظل الطوارئ المستدامة. وحرمان الشعب وقلق الشباب من الاعتصام والاضراب والتعبير السلمي عن مجرد طلب الحصول علي الأجر العادل والعمل الشريف علي أرصفة مجلس الشعب . ولا تعدو حالات انتحار الشباب سوي علامات علي اقتراب هذا الانفجار العام والشعبي. وحسب تقرير التنمية البشرية الذى أصدره برنامج الأممالمتحدة الإنمائى بالتعاون مع معهد التخطيط القومى، فإن دراسة أجريت على عينة من طلبة الجامعة، أظهرت ارتفاع اضطرابات القلق، خاصة الخوف الاجتماعى المرضى، وتتمثل أعراضه فى زيادة ضربات القلب والعرق وجفاف الحلق وحمرة الوجه. وقدر التقرير حالات الانتحار ب 3.5 حالة لكل 100 ألف مواطن، وتنتهى حالة واحدة بالموت الفعلى بين كل 10 محاولات انتحار.