هناك ترتيبات واتفاقيات بين عدد من الدول والمؤسسات الدولية لتنفيذ عدد من المشروعات العملاقة التى ستهدد مستقبل مصر ووجودها. وعلى رأس هذه المشروعات إعادة تشغيل طريق "الحرير" لربط أوروبا وأسيا عن طريق السكك الحديدية، وإحياء سكة حديد الحجاز، وبناء عدد من سدود المياه فى أعالى النيل. وتفصيلاً، اتفقت 19 دولة على رأسها تركيا وروسيا والصين والهند وإيران والعراق وبلغاريا وبالتنسيق مع غرفة التجارة الدولية ومنظمة السياحة العالمية والبنك الدولى على إحياء طريق الحرير. وتحديداً، اتفقوا على إنشاء سكة حديد لربط أسيا بالدول الأوروبية بتكلفة مقدارها 43 مليار دولار. وقد خصصت الصين حوالى 12 مليار دولار للمشروع وخصصت تركيا حوالى 11 مليارا وخصصت إيران 8 مليارات وخصصت بلغاريا حوالى 5 مليارات. المشروع بدأ فعلاً حيث تقوم كل دولة بإنشاء الجزء الذى يمتد بين حدودها. وفى هذا السياق، افتتحت تركيا أواخر الشهر الماضى خطاً للسكك الحديدية يربط قارتى أسيا وأوربا عبر نفق تحت مضيق البوسفور وبطول 14 كيلو مترا وهو جزء من المشروع. الغريب أن مصر تدعم هذا المشروع وتروج له وتشارك فيه. ففى 25 نوفمبر عام 2011، صرح الدكتور خالد حنفى عميد كلية النقل الدولى واللوجستيات بالأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا ورئيس وفد مصر لدى غرفة التجارة الدولية أن المشروع سيولد منافع كبيرة للاقتصاد المصرى. وأرجو أن يشرح الدكتور خالد حنفى للمصريين كيف يستفيد المصريون من مشروع ينافس قناة السويس ويغير مسار تجارة أسيا مع أوروبا ويستبدل القطارات بالسفن؟! وفى تطور مواز، اتفقت تركيا مع السعودية والأردن وسوريا عام 2008 على إحياء سكة حديد الحجاز على أن تقوم كل دولة بتمويل وتنفيذ الجزء المار بحدودها. وسوف تمتد السكة بين إسطنبولومكة فى رحلة طولها 2241 كلم، وتستغرق 24 ساعة، ويتوقع أن ينقل القطار أكثر من مليونى مسافر سنويا. كما ستستخدم القطارات فى نقل السلع والمواد الخام بين دول الخليج وسوريا وتركيا والعراق، مما يعزز التكامل الاقتصادى بين دول الخليج وتركيا ويعمق الاعتماد المتبادل بين هذه الدول. وقد بدأت الأردن وسوريا فى إصلاح السكة بالفعل لكن انطلاق الربيع العربى أوقف المشروع مؤقتا نظرا لوقوف تركيا والسعودية بجانب الثوار ضد نظام الأسد. وبذلك سوف تتمدد تركيا إلى المنطقة العربية بإمكانياتها الاقتصادية الهائلة ومواردها المائية الغزيرة وثقلها السياسى وموقعها الجغرافى بين العرب وأوروبا. وبمعنى أدق، سوف تكون هذه السكة بديلا عن قناة السويس فى نقل التجارة بين تركيا ودول الخليج كما ستتدفق السياحة الخليجية والأردنية إلى تركيا مما سيؤثر سلبا على تدفقات السياحة العربية إلى مصر. كان مشروع سكة حديد الحجاز أكبر وقف خيرى فى العالم حيث مُوَل من التبرعات نظراً للحالة المالية الصعبة للإمبراطورية العثمانية آنذاك. فقد تبرع لها السلطان عبدالحميد بمبلغ 320 ألف ليرة وشاه إيران بمبلغ 50 ألفًا والخديوى عباس حلمى بمواد عينية. وقطعت الدولة 10% من رواتب الموظفين وخصصت لتمويل المشروع. كما استخدمت قوات الجيش ومهندسيه فى بناء السكة. كذالك تبرع لها كثير من تجار المسلمين وأثريائهم وعامتهم لدرجة أنهم تبرعوا لها بجلود الأضاحى. افتتحت سكة الحديد عام 1908 وخدمت الحجاج والتجار حوالى ثمانية سنوات. وكانت هذه السكة جزءا من مشروع عملاق هدفه بعث الأمة من سباتها وربط أطرافها من الدار البيضاء غربا إلى مكة وطهران والبصرة شرقاً ومن الخرطوم جنوباً إلى الأناضول شمالاً. لكن بريطانيا حرضت العرب خلال الحرب العالمية الأولى على الثورة ضد الدولة العثمانية وتخريب السكة لمنع الدولة العثمانية من استخدامها فى السيطرة على أراضيهم وقمعهم. وأدى تدمير السكة إلى تمزيق الدولة العثمانية وهزيمتها فى الحرب العالمية الأولى. مواجهة الآثار السلبية الناجمة عن إحياء طريق الحرير وسكة حديد الحجاز، وطريق الحرير يحتاج إلى خطة قومية للتنمية وتحالفات إقليمية ومشروعات مشابهة ولا سيما مع دول الجوار والدول الإفريقية. فمشروع تنمية محور قناة السويس الذى بدأه الرئيس مرسى سيجذب مزيدا من حركة التجارة العالمية وسيولد قيمة مضافة تعادل أضعاف دخل قناة السويس الحالى والتى ستنتج من أعمال صيانة السفن والتأمين والتخزين والتجارة والمال. كما كان يخطط الرئيس مرسى للتوجه جنوبا والتكامل مع السودان والعمل مع الدول الإفريقية على تشييد سكة حديد إفريقيا. ومن المتوقع أن يسهم كوبرى تبوك-شرم الشيخ فى تنشيط التجارة بين مصر ودول الخليج ومنافسة سكة حديد الحجاز عندما يربط المشرق العربى بمغربه. أضف إلى ذلك إمكانية إحياء مشروع سكك حديد رفح- الإسماعيلية وربط قطاع غزة بمصر.